وطن نهائيّ... للّاجئين والنازحين فقط

15/09/2023 01:51PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

قد لا يكون التمعّن في مشهد واحد، لبنانيّا، يكفي ليعرف اللبنانيّ، بحدّ أدنى، إلى أيّ غد سيتّجه، وما سينتظره من أحداث على شرفة الأيّام الآتية.

لذلك، ربّما في النّظر إلى مشاهد متعدّدة، وإن لم يكن من علاقة مباشرة في ما بينها، نتمكّن من معرفة ارتباط كلّ ما يحدث عندنا، بما هو خارج لبنان.

فجأة، يتمّ ترسيم الحدود البحريّة المذلّ مع إسرائيل، برعاية أميركيّة وإيرانيّة، ويوافق حزب الله، ويسكت الجميع، لأنّ الخارج أمرَ، ما يعني أنّ الخطابات المزيّفة والشعارات الكاذبة تعود إلى الجوارير، وتُخلى الساحة للّذين يمُونون علينا في كلّ شيء.

وفجأة، يرحل رياض سلامه، ويسقط احتمال التمديد له. ويبقى في أمان من الملاحقات القضائيّة، في الخارج وفي الداخل. ولا شكّ في أنّ ما يجري مع الحاكم السابق لمصرف لبنان منسَّق تماما بين أهل السلطة الفاسدة عندنا، وبين الخارج الذي ينادي بتحرّر الدولة اللبنانيّة من الفساد.

وفجأة، يأتي الدكتور وسيم منصوري حاكما جديدا، بطروحات جديدة، لا يمكن أن تنجح إن لم يتغيّر شيء على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال، إنّ الحدود مع سوريا إلى فلتان أكبر، والمصارف على حالها، وجباية الدولة تعتير... فهل يحمل منصوري عصا سحريّة؟

وفجأة، تنشب حرب في مخيّم عين الحلوة، ومن المعروف أنّ حركة فتح هي الضابطة أمنيّا هذا المخيّم. لكنّنا شهدنا مجموعات مسلّحة تقاتل بشراسة وقوّة، وتحاول حشْر فتح للخروج من المخيّم، وإن على حساب صيدا وأهلها وسلامها... كيف تبدأ المعارك، وكيف تنتهي، ألله أعلم. والغريب أنّ كلّ القوى السياسيّة عندنا تستنكر القتال الفلسطينيّ الأهليّ، وترفضه. ولا شكّ في أنّ من يطلق الرصاصة الأولى في مخيّم عين الحلوه يصل إليه ثمنها أو بديلها من الخارج، قبل إطلاقها.

وفجأة، يُنَفَّذ قرار عودة النازحين إلى بلدهم بالعكس، فيُرسل الرئيس السوري المزيد من شعبه إلى لبنان، على عينك يا تاجر، وتقف السلطة السياسيّة عندنا مكتوفة الأيدي، لأنّ محور الممانعة يُوكِل هذه المهمّة إلى محور "السيادة"، وبين تقاذُف المسؤوليّات الوطنيّة، تتغيّر هويّة لبنان، وشيئا فشيئا يبدأ الحكم الذاتيّ السوريّ عندنا، كما هي الحال في المخيّمات الفلسطينيّة...

وفجأة، نجد المدرسة الرسميّة اللبنانيّة مصادرة من الأمم المتّحدة، فإمّا أن يتمّ الدمج ويتساوى الطالب النازح مع الطالب اللبنانيّ، وبالتالي تصير المدرسة سوريّة، وإمّا يموت معلّمو القطاع الرسميّ جوعا، وتُقفَل مدارسهم.

وفجأة، يعلن الجميع أنّ الفراغ سيطول في رئاسة الجمهوريّة، وفجأة أيضا، يعلن الجميع إمكانيّة الاتّفاق على من سيصل إلى كرسيّ بعبدا. وفي الحالَين، يملي الخارج ما يقال، وليست القوى السياسيّة عندنا  سوى متلقٍّ بامتياز...

وخلاصة هذه المشهديّة المتعدّدة أنّنا نقيم في وطن ليس لنا، وتحكمنا سلطة وأحزاب وزعماء ليسوا أسياد أنفسهم في أيّ قرار. ونحن شعب مشَظّى، وتابع في أكثريّته، ما يعني أنّ الخلاص لن يكون قبل التخلّص من هؤلاء كلّهم. فمتى يرى الخارج ضرورة التخلّص منهم لِنساعده، أو لِيساعدنا قليلا


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa