"فَورة" اللّجوء السوري: تداعياتها وحلولها... ومَن المستفيد؟

19/09/2023 11:47AM

كتبت ميليسّا دريان في "السياسة":

يحتار اللبنانيّ اليوم على أيّ جبهة يجب أن يحارب بسبب المشاكل الوجوديّة والكيانيّة الخطرة التي لا تنتهي والتي تتمثّل بالمشكلة الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية والسياسية اضافة الى فلتان الحدود إن كان عند الحدود البريّة أو عبر المطار أو عبر مرفأ بيروت المدمّر من يوم الانفجار المشؤوم.

هذا فضلًا عن السلطة الفاسدة التي تحكم البلد حتى اليوم والتي أوصلتنا الى ما نحن عليه من دون أيّ محاسبة داخليّة أو خارجيّة تُذكر.

إضافة الى مشكلة السلاح المتفلّت في كل المناطق اللّبنانية.

أمّا المشكلة الأكبر في الوقت الحاضر والتي يبلغ عمرها 12 عامًا فتتمثّل بالنزوح أو اللّجوء السوري، وهي مشكلة كبيرة جدًا تتفاقم مع الوقت وتطغى على المشاكل الأخرى بخاصة في الأيام الأخيرة بسبب تدفق الآلاف عبر الحدود "الفلتانة" والتي تسيطر عليها العصابات وأحزاب الأمر الواقع إضافة إلى ضعف القوى الأمنية على الحدود.

فما هو أصل المشكلة؟ ومتى بدأت؟ وهل الحلول موجودة؟

الدكتور عماد مراد، أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة اللّبنانية يرى أنّ "مشكلة اللّجوء السوري لها انعكاسات سلبيّة على الكيان والميثاق والمستقبل والعيش المشترك".

شارحًا في حديث لـ "السياسة": "الوجود السوري لا يعود لـ 12 سنة فقط ولا الى 30 سنة بل إلى ما قبل الحرب الأهلية، أيام الازدهار والتفوّق الاقتصادي والطبّي والسياسي حيث كان النزوح السوري موجودًا من خلال وجود العمال السوريين الذين كانوا يعملون تحت مراقبة السلطة وفي أعمال محددة فكان الوضع مضبوطًا. أما دخول الجيش السوري في العام 1976 الى لبنان فجرّ معه الكثير من العمال السوريين غير المنظمين الذين انتشروا في مختلف المناطق التي حضر فيها جيش بلدهم. وهو ما جعلهم يتمتعون بهيمنة من خلال الاستقواء بالجيش السوري الى جانبهم، وبقَوا في المناطق الخاضعة للاحتلال السوري حتى العام 1990". 

ويضيف: "مع سقوط  ونفي ميشال عون الى الخارج عام 1990 انتشر هذا اللجوء مع انتشار الجيش السوري في كل المناطق اللبنانية، بخاصة بعد إلقاء القبض فيما بعد على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ووجود كل من الرئيسين امين الجميل وميشال عون في الخارج، حيث ضعف الشارع المسيحي وانتشر السوريون بشكل كبير كعسكر وكعمال، وتكاثروا وأصبحوا غير منظمين واستقووا بالجيش السوري وقتها المنتشر في المناطق وعملوا في ميادين متعددة، انما أعدادهم كانت مقبولة".

ويتابع مراد: "مع الحرب السورية التي بدأت عام 2011 بدأت المشكلة تتفاقم وبدأت الاعداد الهائلة تشكل خطرًا على المسيحيين والمسلمين والمستقبل وبدأت المشكلة بالتحديد عندما فشلت الحكومة الثانية للرئيس نجيب ميقاتي من الـ 2011 حتى الـ 2014 في إيجاد حلول لهذا النزوح المستمر باتجاه لبنان بمئات الآلاف من دون حلول عسكرية او اجتماعية، وبقي اللجوء متفلتًا في الاحياء والشوارع والمدن اضافة الى المخيمات العشوائية وغير المنظمة وغير المضبوطة". 

ويشير مراد الى أنه "خلال عام 2014 كانت ذروة اللجوء، فحكومة ميقاتي لأسباب سياسيّة وخارجيّة وطائفيّة لم تستطع أن تضبط الوضع، اضافة الى أن المعارضة كانت مؤيّدة لهذا اللجوء حيث هلّلت ودافعت عن النازحين من دون أي قراءة للمستقبل عن مخاطر هذا اللجوء وعلى رأسهم تيار المستقبل باعتبار أن اللّاجئين سيكونون خط دفاع عن السنّة في لبنان في حال تعرّضوا لأيّ خطر، إنما يبقى اللوم على السلطة السياسية التي لم تأخذ أي إجراء جذري لحل هذه القضية".

وبحسب مراد، "تطوّرت الامور حتى خرجت عن السيطرة عندما بدأ اللاجئون يعملون في الميادين كافة ويحصلون على اعانات من الخارج ".

اليوم تعود المشكلة الى الواجهة مع تدفق الآلاف يوميًا الى لبنان، مع العلم أن هذا "الهجوم" كان موجودًا من قبل انما بشكل متقطع، والاعداد اليوم تزيد وتعجز الامم المتحدة عن تقديم أرقام محددة تكشف حجم النزوح". 

وهنا يلفت مراد الى أنّ "هذا اللجوء يشكل خطرًا كبيرًا على الكيان وعلى العيش المشترك وعلى المستقبل لأن حدودنا متروكة وتحميها الاحزاب والعصابات والسلاح غير الشرعي كما أن لا السلطة السورية من جهة الاراضي السورية ستمنع هذا اللجوء ولا لبنان الذي لا يتمتع بقوة عسكرية كافية سيفعل".

معتبرًا أنّ "من مصلحة السلطة في سوريا  أن تكون أعداد اللّاجئين السوريين في لبنان كبيرة لأنّ همها إضعاف لبنان والاستفادة من ضعف الدولة اللّبنانية والزعزعة الأمنية مع الإشارة إلى أنّ النظام السوري هو المساهم والداعم الأول لهذا النزوح".

"أما السلطة في لبنان فلم تأخذ بحسب مراد اجراءات جذرية وفورية لمنع هذا النزوح إن كان من جهة الشمال او من جهة الشرق فضلًا عن أن ضبط الحدود يتطلب 40 ألف عسكري، وهذا ما يظهر ضعف السلطة الرسمية في اتخاذ الاجراءات اللازمة لحل هذه المشكلة".

أسباب منع تدفق اللاجئين لا تقف عند هذا الحد بل لحزب الله دوره أيضًا، وهنا يشير مراد الى أنّ "حزب الله يوجّه البوصلة نحو اللجوء السوري بهدف إزاحة الثقل عنه وليقول للأحزاب المعارضة له وللكنيسة المارونية إن الخطر الاكبر الذي تعتقدون أنني أشكله هو بالحقيقة لا شيء مقارنة مع خطر النزوح السوري".

ووفق مراد، "هذا ما يحصل فالأحزاب المعارضة والكنيسة تخفف من وطأة هجومها على سلاح حزب الله وتصبّ تركيزها باتجاه النزوح وخطورته على الوجود". 

أخيرًا يبدو واضحًا أن وضع لبنان حرج في ظل هذا النزوح الكبير غير المنظم ويجب اتخاذ مواقف جريئة من قبل السلطة السياسية واعادة تنظيم الموجودين في الداخل اللبناني، مع عدم تناسي أن المجتمع اللبناني بحاجة فعلًا الى اليد العاملة السورية إنما يجب أن تكون منظمة ومضبوطة ومراقبة من قبل الدولة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa