"لبنان لا يمكنه التحمل"... هذه كلفة الحرب اقتصاديًا علينا

كتبت إيفانا الخوري في "السياسة": 

 ٣٦٪ هي نسبة المؤيدين لخيار الحرب مع إسرائيل وفقًا لإحصاء أجراه موقع "السياسة" على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي لـ ٢٤ ساعة. 

وللدقة، فإنّ ٣٦٪ هي نسبة المؤيدين لخيار حزب الله بفتح جبهة الجنوب وإشعالها على اعتبار أنّ موقف لبنان الرسمي لا يغيّر كثيرًا في المعادلة وهذا ما قد يُفسّر تأخير جلسة مجلس الوزراء حتى يوم الخميس رغم أنها سُميت بالطارئة. ويُفترض أن تُعقد الجلسة المُستعجلة للحكومة يوم غد أي بعد مرور ستة أيام على بدء معركة "طوفان الأقصى" في فلسطين. 

يفرك الإسرائيليون عيونهم ولا يُصدقون أنّ ما أجبروا الفلسطينيين على عيشه لسنوات يختبرونه هم اليوم. وفي المقابل يتسمّر اللّبنانيون أمام شاشات التلفزة ترقبًا لما ستؤول إليه الأوضاع سيما في الجنوب نظرًا لأنّ معادلة وحدة الساحات ما زالت معادلة قائمة حتى وإن لم تُفعل كثيرًا بعد. غير أنّ التوتر الذي شغل لبنان جنوبًا وتحوّل أرضه لمنصة إطلاق صواريخ للفصائل الفلسطينية في ظلّ موافقة ضمنية لحزب الله يعني أنّ خيار الحرب ليس بعيدًا. 

لا معلومات أكيدة بعد عن ما إذا كان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني ما زال في لبنان. لكنّ الأكيد أنّ حزب الله وضع شروطه لعدم التدخل في الحرب مع إسرائيل وفقًا لمصادر دبلوماسية.  وهو أبلغ مصر أنّ دخول إسرائيل لغزة برًا أو اغتيال قيادات المقاومة الإسلامية سيقابله تدخل عنيف. 

بيئة الحزب إلى أفريقيا

تصعيد المنطقة قد يزج لبنان في حرب مشتعلة تزامنًا مع أزمة اقتصادية محليّة غير مسبوقة إن قرر حزب الله أن يقطع لـ لبنان واللّبنانيين تذكرة إلى جحيم اقتصادي جديد معه. ومن المتوقع في حال اشتعال الجبهة جنوبًا أن يدفع اللّبنانيون ثمنًا اقتصاديًا باهظًا يترافق مع تقلبات عنيفة في سعر صرف الدولار وعجز عن إعادة الإعمار مع خزينة دولة خاوية من أي فلس. 

الاقتصادي روي بدارو لا يرى أنّ خيار الحرب جدّي ويعتقد أنّ حزب الله لن يخوض هذه المعركة لأنها ليست لصالحه. ويلفت إلى أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان لا يسمح بالذهاب إلى الحرب سيما وأنّ الفئات التي ستتأثر هي تلك التي تعجز اليوم عن تأمين سبل العيش الكريم إضافةً إلى بيئة حزب الله. 

وهو في هذا السياق، يكشف في اتصال مع "السياسة" أنّ أعدادًا كبيرة من الشيعة عادوا إلى أفريقيا صباح اليوم الأربعاء خوفًا من تفاقم التوتر بين إسرائيل والحزب. 

وفقًا لبدارو تخطت المنطقة خيار الحرب الشاملة وبدأ تنفيذ مشروع إعادة رسم الشرق الأدنى. وهذا لا يعني أنّ الهدوء الذي تخرقه بعض المناوشات جنوبًا والنيران المشتعلة في غزة وفلسطين المحتلة لن تؤثر على لبنان. 

يقول بدارو إنّ الشعب اللّبناني يتحمل مسؤولية خياراته في الانتخابات والحكومة ما زالت غائبة عن السمع، مشيرًا إلى أنّ أسعار السلع قد تشهد ارتفاعًا ما بين ١٠ إلى ١٥٪ لأنّ سلاسل الاستيراد والتوريد تتأثر بخطر عملية النقل وبخاصة وأنّ في البحر بوارج وسفن حربية قد يزيد عددها مع تطور الأوضاع. 

وعلى الصعيد النقدي، يشير بدارو إلى أنّ المصرف المركزي اتخذ سلسلة إجراءات احترازية لمنع اهتزاز سعر صرف الدولار في السوق السوداء بعنف وهو لهذا الأجل "نشّف" اللّيرة اللّبنانية. مؤكدًا أنّ حتى المصارف التجارية تصل إلى حساباتها باللّيرة اللّبنانية في مصرف لبنان بصعوبة. من دون أن يعني ذلك أنّ استمرار هذا الاستقرار سيدوم طويلًا لأنّ الوضع المالي في لبنان يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأوضاع السياسية والأمنية وبالنهاية، الاقتصاد هو صورة السياسة.

لكن ماذا إن فُرضت علينا الحرب بشكل أو بآخر؟ 

يُتوقع أن تكون خسارة لبنان في الحرب اقتصاديًا كبيرة للغاية سيما وأنّ في احتياط مصرف لبنان ٧ مليار دولار فقط وهي نسبة ضئيلة من ما تبقى من أموال المودعين كما أنّ البلد يعاني من خسارة تُقدر بحوالي ٧٠ مليار دولار بفعل أزمة المصارف ما يعني تفاقم هذه الأرقام أكثر في ظلّ عزلة عربية وخليجية يعني استمرارها انتهاء لبنان واستحالة إعادة إعمار المرافق والبنى التحتية التي ستتدمر. 

يستبعد بدارو خيار الحرب مجددًا ويعتقد أنّ جلّ ما سيفعله حزب الله هو السماح لحماس والفصائل الفلسطينية المسلّحة بإطلاق الصواريخ من أرض جنوب لبنان لكنه لن يتورط. مشيرًا إلى أنّ اندلاع الحرب الكبيرة سيشكل كارثة على اللّبنانيين فالمحروقات تكفي لثلاثة أسابيع كحدّ أقصى والأدوية لشهر واحد.

واليوم، يترقب الجميع نتيجة يوم الجمعة حيث أعلنت حركة حماس النفير العام داعيةً كلّ الفلسطينيين خارج أرشهم إلى الزحف باتجاهها. واستباقًا وعلى وقع التطورات الأخيرة تُسجل حركة نزوح كبيرة من الجنوب باتجاه بيروت ومناطق أكثر آمانًا.