نار غزّة تحت كرسيّ بعَبدا

16/11/2023 03:37PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

سقط استحقاق انتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة من لائحة الأولويّات إقليميّا ودوليّا. وسيبقى كرسيّ بعَبدا أسيرًا في معتقَل القرارات التي تأتي من الخارج، وينفّذها موظَّفو السلطة الفاسدة عندنا، ويوقّعها بكلّ انصياع زعماء الأحزاب، ويباركها أهل الدِّين والدنيا جميعُهم.

صحيح أنّ مكوِّنات المجلس النيابيّ الحاليّ ليست تتّصف بأكثريّة ثابتة لأيّ من الفريقَين: فريق الممانعة، وفريق "السيادة"، غير أنّ عنق الزجاجة هو في مكان آخر، لأنّ أيّ تسوية خارجيّة، بين إيران وأميركا، ومَن يدور في فلَكهما، كفيلة بأن تُملي على الفريقَين اللبنانيّين المتعارضَين ما تريد.

ولا شكّ في أنّ طوفان الأقصى، بِما ترتّب عليه مِن نتائج، سيزيد استحقاق الرئاسة عندنا تعقيدا، فلا ضوء أخضر دوليّا للإتيان برئيس يحجب الهواء عن أشرعة المراكب الممانعة، ولا ضوء أخضر، أيضا، يأتي بالماء إلى طاحونة حزب الله. ويبدو احتمال الرئيس الذي بلا طعم ورائحة هو الأكثر حضورا، وإن يكن الاستحقاق نائما في جوارير الدول المؤثّرة.

تحاول طهران اليوم الاستفادة من حدث "طوفان الأقصى"، واستثماره قدر المستطاع، في مختلف الملفّات التي ترجو أن يكون لها من بعضها رافِعة، تمكّنها من التنفّس بسهولة، بعد كسب أوراق معيّنة في مقامرة الدماء المخيفة.

لا أحد يعلم، حتّى الآن، إن كانت طهران ستكافَأ على تحييد حزب الله عن المواجهة المفتوحة، أم سيُعتبَر دوليّا أنّ إيران لم تكن ذات خيارات أخرى، وعليه، فإنّ مكافأتها غير واردة. لكن، في حال استطاعت ولاية الفقيه تحقيق مكاسب دسمة من "طوفان الأقصى"، فقد يستفيد حزب الله من هذه المكاسب، على مستوى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة. والعكس صحيح أيضا، ففي تراجُع إيران سياسيّا احتمال لتمكّن الفريق "السياديّ" اللبنانيّ من إيصال رئيس إلى بعبدا ذي وجه سياديّ.

أمّا الأسماء المطروحة في البازار الرئاسيّ فهي لا تزال لِمَلء الوقت، ولا اسم منها غير قابل للخروج أو للإخراج من حلبة السباق الرئاسيّ. وصار كلام السياسيّين كلّهم عن الاستحقاق الرئاسيّ مملّا كالخطابَين الأخيرين للسيّد حسن نصر الله، وسبب الملل نفسُه، وهو أن لا جديد.

وبين طوفان الأقصى في فلسطين وطوفان الفراغ في لبنان نستطيع القول في ما يخصّ لبنان: إنّ حزب الله لن يدخل مع العدوّ الإسرائليّ في مواجهة مفتوحة، وكرسيّ بعَبدا سوف يبقى فارغا إلى أن تنطفئ نار غزّة، لأنّ جزءا منها تحته.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa