نقابات الأحزاب... جُثَث نقابيّة

20/11/2023 08:39PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

ليس غزو الأحزاب للنقابات جديدا، فالزعامات الحزبيّة، عندنا، تجد متعة لها في الامتدادات النقابيّة، وإن تكن على حساب العمل النقابيّ، الذي من المفترَض أن يكون حُرٍّا ونقابيّا بحتا.

وتُثبت الانتخابات في نقابة محامي لبنان، ونقابة محامي الشمال، أمس، أنّ الاستماتة السياسيّة هي عصبُ العمل النقابيّ اللبنانيّ.

ما إن انتهت عمليّة فرز الأصوات، شمالا، وأُعلِنت النتائج النهائيّة، وانتُخب الأستاذ سامي الحسَن نقيبا، حتّى أطلّ النائب طوني فرنجيّه مهنِّئا، وحاصِدا الفوز سياسيّا، لمصلحة حزب المردة. والأمر في بيروت، لم يختلف، فبعد إعلان النتائج، وانتخاب الأستاذ فادي المصري نقيبا للمحامين، حتّى أطلّ النائب سامي الجميّل مستثمرا الانتخابات النقابيّة سياسيّا، لمصلحة حزب الكتائب.

وقد اعتاد السياسيّون، بعد كلّ معركة نقابيّة، الإعلان عن أنّ مرشَّحيهم الفائزين، سيضعون انتماءهم السياسيّ جانبا، ويعملون لصالح العمل النقابيّ فقط، وسيبقون على مسافة واحدة من الجميع. طبعا، إنّ هذا الكلام لا يمكن أن يكون صحيحا، لا سيّما في نقابة المحامين، لأنّ المواقف الحزبيّة السياسيّة هي التي تمدّ أشرعة النقابة بالرياح المدروسة والموجَّهة.

تعجز نقابتا المحامين، عندنا، منذ زمن طويل، عن أن تكونا وازِنتَين في القضايا الكبيرة، ذات البُعد الوطنيّ. وعلى سبيل المثال، بقِيَت قضيّة تفجير مرفأ بيروت، حتّى الآن بِلا نصير قانونيّ فاعِل، مثل نقابة المحامين. وبقي القاضي طارق البيطار وحيدا في مواجَهة مُحِقّة وقاسية، مع أهل الفساد المتَّهَمين وهم في السّلطة، ومع بعض زعماء السياسة الذين يتبجّحون بدعمه، وهم عمليّا يستلمون رئاسة لجان في المجلس النيابيّ تضمّ متَّهَمين في جريمة التفجير...

وأين نقابة المحامين من ملفّات المصارف، والسّطو على ودائع الناس بِلا أيّ وجه حقّ؟

وكيف تستطيع نقابة محامين أن تكون حُرّة في مقاربة ملفّ مغطَّى سياسيّا من عدّة فرقاء سياسيّين؟

عمليّا، تفوز الأحزاب في النقابات، فيتعطّل العمل النقابيّ في المعنى الأساسي الموضوع له. وبدل أن تكون النقابات حصّة الناس تصبح أسيرة السلطة، لأنّ الأحزاب السياسيّة إمّا أن تكون في السلطة، وإمّا أن تسعى للرجوع إليها بعد خسارة مواقعها فيها.

إنّ الأحزاب نجحت في القبض على النقابات، ولم يعد من أمل سوى في التأسيس لجيل يؤمن بالعمل النقابيّ إيمانا بمهنته. ليس من الخطإ أن يكون المحامي، أو الطبيب، أو المهندس، أو المعلّم... أصحاب فكر سياسيّ، فهُم الأَولى بذلك، غير أنّ خوض الانتخابات على أحصنة السياسة، يعني سقوط العمل النقابيّ تحت حوافرها.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa