مخدر رخيص ينافس الكبتاغون ويغزو لبنان... قاتل صامت يتسلل إلى أبنائكم!

كتبت جوانا صابر في "السياسة": 

مع محاصرة اليأس للشباب اللّبناني تستعر أزمة المخدرات مخلّفة مشاكل لا يمكن التغاضي عنها أو تجاوزها. وكلّ ما اقتربنا أكثر من المدمنين ومعاناتهم ومحاولاتهم الصعبة للخروج من هذه الورطة كلّ ما أيقنّا انّ خبر توقيف مروجي هذا السمّ وتفكيك معامله ليس خبرًا عاديًا بل عملًا بطوليًا يشكّل طوق نجاة لغارقين كثر في وحل هذا المستنقع. 

مؤخرًا، اشتدّ الرعب مع انتشار نوع من المخدرات في لبنان وهو "الكريستال ميث"، كما يُعرف أيضًا بـ "التينا" أو "المخدر الأبيض"، وهو مخدر منشط يُصنع من الأمفيتامين. ويُعدّ من أقوى المخدرات المنشطة، ويمكن أن يترك آثارًا مدمرة على الجهاز العصبي المركزي.

عمليًا، تغض الدولة نظرها عن كلّ أزمات المجتمع متفرغة للنعي والإفلاس لكنّ ذلك لا يعني أنّ الواقع تغير ولا أنّ الأزمة اختفت. 

عدد المدمنين على المخدرات ارتفع أربع مرّات بعد جائحة كورونا، هذا ما يؤكده رئيس جمعية "جاد" جوزيف حواط الذي يربط الأسباب بالتفكك الأسري والوقوع بفخ حب التجربة مشددًا على أنّ البعض يتم الإيقاع به أيضًا فيجد نفسه مدمنًا بعد فترة. 

ولأنّ نهاية الإدمان إمّا التعافي أو الموت فإنّ حواط يحذر في حديث لـ "السياسة" من أنّ نسبةً قليلةً لا تتجاوز الـ 6 بالمئة تُشفى من الإدمان، وذلك بعد 18 شهرًا من العلاج. لكنّ الفرصة متاحة والتعافي خيار العقلاء الراغبين بالحياة. 

وإن أردنا الحديث بالتراتبية فإنّ "الحشيشة" في لبنان هي الأكثر انتشارًا، بعدها الكبتاغون وفي المرتبة الأخيرة يحلّ الكريستال ميث، وفقًا لآخر التطورات على الأرض.

من أين حلّت علينا لعنة "الكريستال ميث" مؤخرًا؟

يرى حواط أنّ الكريستال ميث هو "الكوكايين الرخيص"، فسعر جرام الكوكايين يتراوح ما بين 100 إلى 200 دولار، أما الكريستال ميث فسعره ما بين 4 إلى 5 دولارات. كما أنه انتشر مؤخرًا ليس فقط في لبنان بل في العالم العربي كلّه، محذرًا من أنه يفتك بمنطقة الدماغ ويشل القدرة على الحركة والنظر. 

وعن الفئة الأكثر إدمانًا، أردف حواط: "المتحولون جنسيًا هم الأكثر عرضة للإدمان، ونسبة كبيرة منهم تتعطى هذا المخدر وهناك دراسة أميركية عملية تثبت هذا الكلام".

الحرب على المخدرات... أين لبنان منها؟

يوميًا، توقف القوى الأمنية عصابات تروّج المخدرات كما تحبط عمليات تهريب إلى الخارج وحتى ضمن لبنان، محاولةً بذلك حماية الشباب في البلد والبلدان التي كان يُفترض أن تصل إليها شحنات المخدرات التي عادةً ما تكون مغلفة ومخفية بطرق مبتكرة. 

غير أنّ جهود القوى الأمنية الجبارة لم تتمكن من حدّ انتشار هذا السمّ القاتل وهذا الواقع في لبنان ينطبق على كلّ دول العالم التي تسعى بشدّة لحماية مواطنيها من عصابات القتل لكنّ هذه العصابات غالبًا ما تنجح في ابتكار أساليب وطرق جديدة تساعدها على ترويج البضاعة القاتلة. 

ويبدو حتى الآن، أنّ الدولة اللّبنانية لم تكتشف الكثير عن المخدر الجديد "الدارج" كريستال ميث، حيث تقول لنا مصادر أمنية رفيعة إنّ المصدر ما زال غير مؤكد لكنّ الترجيحات الأولية تشير إلى أميركا اللّاتينية. 

ورغم الوضع المقلق في لبنان، إلّا أنّ المصدر الأمني نفسه يرى أننا ما زلنا أفضل من كثير من الدول على صعيد مكافحة المخدرات، مشددًا على أنّ للقوى الأمنية جهودًا جبارة في الحرب على هذه الآفة لكنّ مصنعي المخدرات يحدثون طرقهم دومًا بغية حماية أنفسهم وعدم كشفهم لذلك يصعب السيطرة على الوضع بنسبة ١٠٠٪. 

المخدرات بالأرقام: عدد المقبوض عليهم مع السنين

على صعيد الأرقام، نلاحظ مؤخرًا طفرة في عدد من تلقي القوى الأمنية القبض عليهم ما يعني اشتداد الحرب على المخدرات. وفي السياق، كشف الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين في حديث لـ "السياسة" عدد الذين تم القبض عليهم في تجارة المخدرات في لبنان وأتت الأرقام كما يلي:

في عام 2020: 557 شخصًا.

في عام 2021: 536 شخصًا.

في عام 2022: 361 شخصًا، أي تراجع بنسبة 34% عن العام السابق.

وحتى نهاية شهر أيلول من العام 2023: 374 شخصًا، أي ارتفاع بنسبة 3% عن العام السابق.

أمّا في البحث عن عدد من ألقي القبض عليهم بتهمة تعاطي المخدرات في لبنان، فتأتي النتيجة كما يلي:

في عام 2020: 1162 شخصًا.

في عام 2021: 817 شخصًا، أي تراجع بنسبة 29% عن العام السابق.

في عام 2022: 584 شخصًا، أي تراجع بنسبة 30% عن العام السابق.

وحتى نهاية شهر أيلول من عام 2023: 490 شخصًا، أي تراجع بنسبة 16% عن العام السابق.

يبقى الأهم من الإضاءة على الموضوع هو اتخاذكم أقصى درجات الحذر سيما في السهرات وحين تكونون برفقة أشخاص تتعرفون عليهم للمرّة الأولى. وتذكروا أنكم وإن لجأتم لسمّ المخدرات القاتل هربًا من نفق أسود تمرون فيه فإنّ نهاية طريق التعاطي أكثر سوادًا. والأهم: لا تترددوا في طلب المساعدة، ارفعوا أصواتكم من دون خجل.