إِنجَحوا... وأَلغُوا البريفه

13/12/2023 06:39PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

لا يزال جهابذة التربية والتعليم عندنا، ومنذ سنوات، ينقسمون حول مسألة إلغاء الامتحانات الرسميّة للشهادة المتوسّطة جوقَتَي زجَل، تنتهي حفلاتُهما السنويّة، بإجراء الامتحانات شكليّا، أو بإلغائها لسنة.

وقد آن الأوان لحسم هذه المسألة، استنادا إلى سبب تعليميّ أوّلا، فهي لم تعد ذات فائدة تُذكَر، إنّما باتت مؤذية إلى حدّ القتل أحيانا.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا تقدّم هذه الشهادة لمن يصل إليها من الطلّاب؟ وما هو ضررُها على مَن أخفق في اجتيازها بنجاح؟

بالنسبة لحاملها لم تعد صالحة للحصول على وظيفة، وهي عمليّا لا تقدّم ولا تؤخّر. أمّا بالنسبة لمن عجز عن حملها فهي قد تكون مأساة كبيرة، من الممكن أن تجعله خارج إطار المدرسة والتعلُّم بشكل كامل. فنحن في زمن ليس مقبولا أن يعيد الطالب فيه سنة دراسيّة كاملة لرسوبه في الشهادة المتوسّطة. وليس من المقبول أن نكرّس الفكرة السائدة عندنا أنّ التحصيل في المعاهد المهنيّة هو للرّاسبين في المدارس. وكم من طالب ذهب في أكثر من اتّجاه للعمل المبكر، وكان له مستقبل أقلّ بكثير من إمكانيّاته وطاقاته لَو بقي في المدرسة وقتا أطول، وكم من طالب تغيَّر نمط عمله المدرسيّ في المرحلة الثانويّة، واستطاع أن يتحدّى ذاته بالنّضج والرّغبة في التلقّي!

إنّ التجارة في الإصرار على مديح شهادة المرحلة المتوسّة واضحة بما لها من ازدهار. ومن مظاهر ازدهارها، على سبيل المثال، تأليف الكتب التي تتضمّن نصوص الامتحانات الرسميّة، أو نصوصا مشابهة لها في المعالَجة.

أمّا في وزارة التربية، والمؤسّسات التي تتعاون معها تربويّا، فإنّ مجموعة كبيرة من الموظّفين تعمل في الامتحانات وتستفيد منها بشكل متفاوت، استنادا إلى المسؤوليّة أو المنصب الوظيفيّ.

في ألمانيا، ومنذ العام ٢٠١٠ صار بوسع الطلّاب الذين أنهوا المرحلة الثانويّة التحصيل الجامعي بلا امتحانات رسميّة للشهادة الثانويّة، وباستطاعة كلّ جامعة امتحان الطالب في الموادّ المرتبطة بالتخصّص الذي يريد، لتقبله أو تعتذر عن قبوله. ونحن لا نزال نبحث في الجدوى من شهادة لا تدرّ خيرا إلّا على المتاجرين بها.

وإذا كانت وزارة التربية تبحث عن بطولات في مكانها، فلتسعَ إلى تعزيز حضور المعلّم، لا سيّما في المدرسة الرسميّة، وتؤمّن له الحدّ الأدنى من الحياة الكريمة، فيتمكّن من التعليم وإيصال تلاميذه إلى المستوى المطلوب، بدل قدّ المراجل على المعلّمين ترغيبا وترهيبا، وإجراء الامتحانات الرسميّة الهشّة في نهاية العام الدراسيّ.

فَيا وزير التربية وشركاءه، انجَحوا مرّة، وأَلغوا شهادة البريفه.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa