في غياب قِطط السياسة... تسرح فئران التنجيم

02/01/2024 09:33AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

أمسِ، تَسمَّر اللبنانيّون أمام الشّاشات، منتظرين غربانَها الذين يَنعَبون ويَنعَون في مثل هذا الوقت من كلّ عام، لعلّهم يعرفون، على المستويات السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، ما يجب أن يعرفوه من أهل السياسة عندنا، لَو كان عندنا سياسيّون رؤيويّون صادقون، يدلّون على الحقيقة من شبّاكها لا من شبابيك مصالحهم الخاصّة.

ماذا عرف اللبنانيّون ليلة رأس السّنة عن غدهم؟

عمليّا، لم يستطيعوا أن يتبيّنو الخيط الأبيض من الأسود. وأكثر من ذلك، كان الأسوَد حقيقيّا، ويحاول المنجّمون كسر سوادِه بين كذبة وأخرى.

لقد ازدهر التنجيم في غياب العلم قديما، لمّا حاول الإنسان ردم وديان الأسرار الطبيعيّة وغيرها بحجارة يأتي بها من مَقالع الغَيب. أمّا في يومنا هذا، فمن العيب أن يكون التنجيم أكثر من فولكلور عابر على سبيل التسلية.

إنّ غربان ليلة رأس السّنة يحاولون أن يكونوا بكلامهم بدلا من ضائع عن أهل السياسة المصَيِّفين، والعيب الأكبر أنّ بعض سياسيّينا يستعين بهؤلاء المتاجرين بنقطة ضعف الناس حول المجهول الذي يواجهونه.

نحن في دولة مجوَّفة وسائبة، وليس عجز قواها السياسيّة عن الفعل والمبادرة وإحداث ثقب في الجدار سوى إعلان عن موت السياسة عندنا، وتحوُّل الزعماء جُثَثًا سياسيّة تشحَذ حضورها من الإقطاعيّة التي تمارسها حزبيّا، والقدرات الماليّة الكبيرة التي تستثمرها في شراء إرادة الناس المسلوبي القدرة المادّيّة على الحياة.

لن يجرؤ أباطرة السياسة اللبنانيّة  أن يعلنوا عن عدم قدرتهم على أيّ فعل، منذ الفراغ الرئاسيّ وما قبله. وهم في انتظار ما ستؤول إليه التسويات الدوليّة والإقليميّة، فإمّا أن تأتي ورقة لبنان من حصّة إيران، أو من حصّة أخصامها، أو ستكون حصّة مشترَكة. وفي الوقت المناسب يتلقّى عمالقة السياسة في لبنان الأخضر التعليمات، ويخرّجون هزائمهم بانتصارات وهميّة، وينفّذون مثل الشاطرين.

وإلى أن يتمّ ما سيُكتَب لنا، ستبقى قطط السياسة في إجازة، وفئران التنجيم في دوام عمل، ذروتُه في الأعياد الرسميّة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa