متى يلاحِقون ضحايا المرفأ؟

19/01/2024 10:33PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

يستمرّ فريق المُمانَعة مستثمرًا قدرتَه على استغلال القضاء، في جزء منه، خدمةً لحضوره السياسيّ والأمنيّ الذي يصرّ على أنّه فوق الشُّبُهات. وما استرداد مذكّرات التوقيف، في حقّ السيّد علي حسن خليل والسيّد يوسف فنيانوس، سوى اغتيال لحقيقة تفجير مرفأ بيروت من أربع سنوات، وبالتالي اغتيال متواصل للقاضي طارق البيطار.

وفي الواقع، إنّ نفوذ القضاء معطَّل، ويتمّ استغلال الفرص السّانحة لسحب التابعين لمحور الممانعة من قفص الاتّهام القضائيّ، وليس من زمن بعيد إطلاق سراح المتَّهَم بقتل الجندي الإيرلنديّ التّابع لقوّة الأمم التّحدة العسكريّة في الجنوب.

ومن المؤسف أنّ الواقفين على ضفّة "السيادة"، مِن سياسيّين ومَن معهم مِن أصحاب النُّمَر الزّرقاء لا يرفعون الصّوت بشكل جدّيّ وعمليّ، لإيقاف اغتيال القضاء، والدّفاع عن حقّ ضحايا الرابع من آب بالعدالة. وهم يكتفون بِبَيع النّاس كلاما بِلا رصيد على مستوى الحقيقة، وإلّّا فكيف تَقبل القوّات اللبنانيّة تَولّي رئاسة لجنة الإدارة والعدل، وفيها نائب مطلوب وملاحَق قضائيّا في ملفّ تفجير المرفأ؟...

لا شكّ في أنّ كفّ يد القاضي البيطار عن ملفّ الرابع من آب، بواسطة هرطقات قانونيّة لا تُحصَى، يندرج في سياق مصادَرة محور الممانعة دَورَ كلّ المؤسّسات الرّسميّة، وما يساعد على بقاء هذا النّهج الإلغائي، لمفهوم الدولة والسلطات، خُلُوّ الساحة محلّيّا وإقليميّا ودوليّا. ولم يعُدْ حزب الله اليوم يُسأَل عن ملفّات لبنانيّة داخليّة، باعتبار أنّ ما يجري، بعد "طوفان الأقصى"، جعَلَ قضايا كثيرة تتقدّم على ملفّات الداخل، حتّى قضيّة الفراغ الرئاسيّ موضوعة على رَفٍّ عالٍ، ولم تعُد تحظى بأيّ اهتمام إقليميّ أو دوليّ...

دَوليّا، تتمّ المفاوضات بين أميركا وإيران وإسرائيل وغيرها من الدول الفاعلة، والمطلوب تعديلات كبيرة في الشّرق، وإرساء نوع من السلام شبه الدائم بين إسرائيل والممانِعين، سواء في فلسطين أو في اليَمَن ولبنان... وعليه، فإنّ مواضيع التفاوُض، تحت غَيم النار، أبعَد بكثير من هموم الداخل اللبنانيّ. وليس همّ الموفَد الأميركيّ آموس هوكستاين لا كرسيّ "بعَبدا"، ولا القضاء، ولا الوضع المصرفيّ... إنّه يتحرّك حصرًا في سياق إسرائيليّ إيرانيّ لبنانيّ، لتسهيل الطريق، وتعبيدِه في ما بَعد، نحو سلام جديد، يرافقه مشهد سياسيّ وأمنيّ جديد.

مَن فجَّر المرفأ وقتل بيروت؟

ألناس يعرفون، وربّما القاضي بيطار يعرف، لا سيّما لأنّه من الناس، والأوادم أيضا، غير أنّ القضاء اللبنانيّ ممنوع عليه تحقيق العدالة. وفي المقابل، لا أحد، حتّى إذا كان من الذين يملكون القوّة الأمنيّة والقوّة العسكريّة، خارج الدولة، سيكشف الستار عن مجرمي المرفأ. هناك تواطؤ بين الداخل والخارج على تجهيل الفَعَلَة، ولَو لم يكن الأمر هكذا لَظَهَرَ أيّ أحد وبنى ملفّا اتّهاميّا دسما في قضيّة تفجير المرفأ.

إلى الآن، وحده القاضي طارق البيطار بَطَلُ الحقيقة المُطارَد، وقد تتمّ مطارَدة الضحايا أيضا، ألله أعلم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa