تهديدات علنية ورسائل واضحة: قراصنة يستبيحون هيبة الدولة ولبنان الرقمي دولة من ورق!

كتبت ميليسا دريان في "السياسة":

"الأمن مجرد وهم والخصوصية مجرد وهم آخر"، بهذه العبارة أنهت مجموعة القراصنة بلاغها عن تنفيذ عمليتها ضدّ موقع مجلس النواب بداية ومن ثم وزارة الشؤون الاجتماعية، متوعدةً كلّ المواقع التابعة للدولة اللّبنانية بالمصير نفسه. وفي الواقع، صدقت المجموعة حيث ظهر أنّ الأمن السيبراني مجرد وهم في الدولة اللّبنانية التي تُنهكها الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتجعل من مؤسسات الدولة وتوابعها أبنية من ورق غير قادرة على مواجهة العواصف. 

وبما أنّ المجموعة التي تُطلق على نفسها اسم "R00TK1T" قد نفذت تهديدها الأول فمن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مزيدًا من الاختراقات على اعتبار أنّ القراصنة غير المعروفين حتى اليوم قد "وعدوا" في بياناتهم بأن يكونوا في أي مكان وأي وقت داعين المتابعين إلى انتظار المزيد من التحديثات التي ستكشف فساد من في السلطة وضعفهم. 

تسريبات كثيرة

حلّت إذًا لعنة الأمن السيبراني على الدولة اللّبنانية، بدءًا من مطار بيروت الذي لم يُعرف من اخترقه بعد مرورًا بموقع مجلس النواب "الحصن المنيع" وصولًا إلى موقع وزارة الشؤون الاجتماعية.

ويأتي ذلك على وقع فضيحة تسريب معلومات شخصية لآلاف الأساتذة في التعليم الرسمي وصلت لهم عبر مجموعات واتساب بالإضافة إلى تسريب معلومات أساتذة الرسمي في الجنوب وبدلات النقل التي يتقاضونها قبل مدّة كما انتشرت استبيانات على مجموعات "واتساب" تجمع معلومات عن طلاب لبنان طُلب فيما بعد عدم تعبئتها خوفًا من الجهة التي قد تكون مستفيدة من هكذا معلومات تفصيلية. 

حفلة جنون

في الواقع، يُشبه الوضع اللّبناني حفلة جنون لا تنتهي تعكس فوضى غير مستحبة تتعلق بعامل هو الأهم في عصر التكنولوجيا: الأمن السيبراني.

المؤسف في اختراق اليوم الإثنين يكمن في أنّ القراصنة أعلنوا بفخر الاستيلاء على معلومات وداتا شديدة السرية من وزارة الشؤون الاجتماعية بعدما أكدوا أنّ الاختراق كان سهلًا نتيجة الأنظمة الدفاعية الهشة. ما يعني أنّ معظم مواقع الوزارات في لبنان قد تكون تعاني من الضعف نفسه وبالتالي فإنّ المشكلة لن تطول كثيرًا قبل أن تصبح كرة ثلج كبيرة.

أبي نجم يضع إصبعه على الجرح

على الصعيد التقني، لا بدّ من الدخول في دهاليز هذا الوضع حتى نعرف أين نحن من هذه العاصفة وماذا سيواجهنا بعد. 

وهنا، يذكر الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم  بأنه كان قد تحدث أكثر من مرة بعد قرصنة مطار بيروت وحذّر أن الآتي أسوأ بمليار مرة لأن الدولة أصلًا من دون كهرباء ومياه وبنى تحتية. وهذا الانهيار ينطبق أيضًا على مواقع الدولة الإلكترونية لأنها غير محمية.

وفي حديث لـ "السياسة" يؤكد ابي نجم أنّ "Microsoft تعرّضت منذ يومين للاختراق وهذا يعني أنّ الجميع معرّض للاختراق ولكن هناك فرق كبير بين أن تحصّن الدولة مواقعها وتقول إنها خُرقت وبين أن تترك أبوابها مفتوحة وتقول إنها سُرقت". 

ويكشف أبي نجم عن الفضيحة الكبرى والمرعبة، لافتًا إلى أنّ "كل الأجهزة في الدولة غير محمية حتى بنسبة 1% لأنّ لبنان بأكمله يعمل على شبكة انترنت من دون صيانة منذ خمس سنوات باعتراف مدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية ووزير الاتصالات جوني القرم".

ويقول ملخصًا الوضع الكارثي: "كل المواقع التابعة للدولة اللّبنانية من دون حماية وجميع المخترقين يعلمون أن هذه المواقع يمكن اختراقها وسرقة بياناتها من دون أي مجهود والجميع يعلم أن الدولة لا تسأل ولا تهتم ولا تأخذ الاجراءات اللّازمة وهذا ما حصل في عملية اختراق مطار بيروت".

وبحسب أبي نجم "رغم أنه قيل إنّ التحقيقات ستظهر خلال 3 أيام وستُكشف الجهة المخترقة إلّا أنّ لا جديد حتى اليوم مثلها مثل أي قضية في لبنان، لا تحقيقات ولا اجراءات". مشيرًا الى أن "كل المواقع الالكترونية في لبنان معرّضة للاختراق وتتعرّض يوميًا لذلك وكل البيانات تُسرق وتُسرّب وهذا يشكّل خطرًا على خصوصية وبيانات المستخدمين".

وبالعودة الى عملية اختراق المطار ومقارنتها مع ما يحصل اليوم، يؤكد أبي نجم أنّ "ما خُرق في المطار هو بيانات داخلية أما المواقع الأخرى فهي عامة ويكمن للمخترق أن يخترقها ويتبنّى العملية".

الرسالة: لبنان... العاصفة قادمة

لم يتضح بعد حقيقة نوايا هذه المجموعة التي بدأت تقلق المسؤولين في الدولة اللّبنانية وتحرجهم، لكنّ الأمور وفقًا لمسارها الحالي تُظهر توجهًا نحو الفوضى وأنّ لا شيء في مأمن بعد اليوم. سيما وأنّ المجموعة نفسها كانت قد اخترقت موقع "مدرسة الحرف والفنون" وسربت كنزًا حقيقيًا من المعلومات الشخصية مخلفة أضرارًا لا تُحصى.

بعبارة من بضع كلمات: لبنان العاصفة قادمة، اختارت مجموعة " R00TK1T" تهديد الجميع. فمن التالي؟ ومتى يتوقف هذا المسلسل الذي يستبيح هيبة الدولة؟