لا تغمضوا أعينكم... حتى لا تتحول جريمة الكاهن المتحرش إلى جريمتين

26/01/2024 11:35AM

كتبت إيفانا الخوري في "السياسة": 

أن نغمض أعيننا لا يعني أنّ الوضع سيتغير وأن نغلق أذنينا لا يعني أنّ الفضيحة لن تُسمع وأن نبعد أنفنا عن القضية لا يعني أنّ رائحة الفضيحة لن تفوح. وباختصار، كفعل إنساني بديهي لا يُمكن ترك ملف بحجم التحرش سيما بقصّار من دون الإضاءة عليه. 

صار معلومًا أنّ الكاهن ج. ب. سيبقى اسمه مرتبطًا بفضيحة أخلاقية بعدما عمد لتصوير تلامذته القصّار وابتزاز بعضهم مقابل امتحان وأحيانًا متذرعًا بأنه كأستاذ "بيولوجيا" يحتاج هذه الفيديوهات لأطروحته.  

قصة لا يقبلها منطق أو ضمير أو حس إنساني وصحيح أنّ الكاهن لم يعد يمارس "مهامه الدينية" منذ ستة أشهر بعدما أبعدته مرجعيته على إثر هذه الفضيحة وبدء التحقيق بالقضية. غير أنّ الرجل الذي يُعدّ خطرًا حقيقيًا على المجتمع والضحايا في المدرسة كان يمارس "مهامه التعليمية" بشكل طبيعي رغم حجم الخطر!! 

البيدوفيليا خطر حقيقي وجرم كبير تسعى الفاتيكان لاستئصاله من الكنيسة لا في لبنان فقط بل في العالم غير أنّ التهاون في التعاطي مع هذا النوع من الجرائم محليًا وهذا الاستخفاف المتكرر يُنذر بتكرار الجرائم طالما أنّ المحاسبة لا تأتي ملائمة لحجم الاعتداء.

وتقول مصادر كنسية إنّ الكاهن يخضع للتحقيق من قبل أعلى لجنة كنسية في أبرشية طرابلس وهو ما زال يرفض كلّ التهم الموجهة ضدّه ويعتبرها تشويهًا لسمعته، علمًا أنّ المعلومات تفيد بوجود أدلة ملموسة تدينه.

حسب المعلومات، ستصدر في الساعات المقبلة نتيجة التحقيق ويقول الناشط ضومط قزي لـ "السياسة" إنّ النقاش مستمر لتحديد الصيغة التي سيُكتب فيها البيان وعلى ما يبدو ستوجه للكاهن تهمة المثلية، مشيرًا إلى أنّ شهادة المُعتدى عليهم قد تكون سُحبت تحت الضغط وبالتالي لن تُوجه إليه تهمة الاعتداء الجنسي. 

وفي الواقع، صدور هذا القرار من دون اتهام الكاهن المرتكب بالاعتداء الجنسي بشكل مباشر سيما مع وجود فيديوهات وتسجيلات صوتية يُعدّ ضربة كبرى للضحايا أولًا وللعدالة ثانيًا. لأنه وبغض النظر عن الدوافع التي أدت إلى سحب المعتدى عليهم لشهاداتهم فإنّ ذلك لا ينفي وقوع الجرم ولا يعني أنّ الضحايا لم يواجهوا اعتداء على حرمة أجسادهم وتجاوزًا جنسيًا لا يُغتفر صدر عن كاهن يُفترض أنه ملجأ آمن. 

قبل ساعات قليلة من صدور القرار النهائي لا بدّ من مناشدة المعنيين لاتخاذ القرار السليم لأنّ المثلية ليس جريمة ولأنّ التحرش هو الجريمة الأساسية والوحيدة. لا بدّ من حثّ هؤلاء على تخيل معاناة الضحايا وما مروا به والوقوف لحظة صادقة أمام ضمائرهم وما إذا كانوا سيسمحون لأنفسهم بإطلاق وحش بشري مجددًا في المجتمع حتى يعيد بالتأكيد ارتكاباته وحتى يزيد على سجله أسماء ضحايا جدد.

ما الجرم في المثلية؟ وكيف لا يكون التحرش هو الجرم؟ وهل التستر يعني الحلّ؟

هي أسئلة صعبة قليلًا غير أنّ الحقيقة واضحة فافعلوا البديهي إذًا! 

تترقب القبيات النتيجة اليوم أو في الساعات المقبلة كأقصى حد خلال أيام بعد تحقيق طال لأسابيع ومعها ينتظر لبنان والناشطون ما ستؤول إليه الأمور وهذا يعني أنّ الملف لن يبقى طي النسيان وأنّ المعنيين ملزمون بالتعويض على الضحايا أقله بالعدالة. 

الأكيد أنّ أبرشية طرابلس تنتظر صدور التقرير حتى تبني عليه وتُصدر بيانها ولذلك ترفض كلّ المصادر الكنسية الردّ على الأسئلة وتعبر عن احترامها للجنة المكلفة بالتحقيق معتبرة أنّ أي تعليق هو تجاوز للصلاحيات وتشويش على عمل اللّجنة. 

نحن نصدق الناجون والناجيات ومن حق هؤلاء أن يعودوا ليعيشوا حياة طبيعية أقلّه عبر تحقيق العدالة لهم ولمن اختاروا الصمت حتى الآن لأنهم غير مستعدين بعد للحديث عن فظاعة ما اختبروه. والعدالة لا تكون إلّا بالمحاسبة الحقيقية وإن طالت لا بدّ أن تتحقق في النهاية وتُحرج من عرقلها. 

وفي الحقيقة وكفعل اعتراف، تعاني الكنيسة في لبنان كثيرًا على الأصعدة كافة ولا يعني وضع الإصبع على الجرح تنكيلًا بل وسيلة لبدء المعالجة وإلّا سينهار هذا الهيكل سريعًا. 

لذلك، لا تجعلوا هذه الجريمة جريمتين! 

اليوم نتابع هذه القضية وبعدها سنفتح الباب على قضايا مماثلة أخرى بانتظار فقط أن تُعلن كلّ ضحية استعدادها لكشف ما واجهته، وهذا يعني أنّ التستر لا ينفع. ولأنّ المعالجة تبدأ من المواجهة، أيها المعنيون واجهوا ما ينخر مؤسساتكم الدينية. كلّ مؤسساتكم الدينية! 

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa