تعدُّد سلاح جنوبًا... استعداد لتقاسُم الحصص

كتب قزحيا ساسين في "السياسة": 

تكشف المواجهة الجنوبيّة مع العدوّ الإسرائيليّ، الذي يخوضها حزب الله بدرجة أولى، أنّ محور الممانعة بأغلبيّة أطيافه، لا يزال يحتفظ بالسلاح، ويطوّر قدراته القتاليّة عدّةً وعديدا في زمن السِّلم، إضافة إلى السلاح الفلسطينيّ الذي يظهر داخل المخيّمات وخارجها، لا سيّما جنوبًا، في ظروف ودواعٍ معيّنة. والسؤال الملحّ: هل نحن في جمهوريّة ذات فريق مسلّح، يتخطّى بجغرافيته السياسية والأمنيّة المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، مُمثَّلة بحزب الله؟

صحيح أنّ حزب الله سيّد الأرض والمواجهة في الجنوب، وصحيح أنّه دخل الحرب ضمن احترام قواعد الاشتباك المتبادَل مع العدوّ، لكن كما أنّ الحزب يلبّي رغبة ولاية الفقيه في طهران، نرى عدّة قوى تحاول حفظ ماء الوجه، مع حزب الله وتلبّي رغبته أيضا. فالسلاح الذي حضر في ظلّ مشيئة الحزب، وفي التنسيق معه، جنوبا، كان للحزب القوميّ ولحركة أمل والإخوان المسلمين... وطبعا لبعض الفصائل الفلسطينيّة.

والمشكلة هنا ليست في المعنى السياسيّ، باعتبار أنّ كلّ القوى السياسيّة، على اختلافها، تناصر أهل غزّة وكلّ الفلسطينيّين في مواجهة العدوّ الإسرائيليّ. إلّا أنّ ظهور ميليشيات مسلّحة بعد زمن الطائف وحلّ الميليشيات، هو بيت القصيد المُخيف. ولم يعد من المقبول احتفاظ أيّ كان بسلاحه وبنْيته العسكريّة والأمنيّة، بذريعة المواجهة مع العدوّ، لأنّ حصريّة السلاح يجب أن تكون في يد الدولة اللبنانيّة وحدها، وإذا كان سلاح حزب الله إشكاليّة لبنانيّة ودوليّة كبيرة، فهل يُسمَح بهذا التسلّح اللافت وغير المضبوط، وربّما غير المعروف من الدولة؟ ومَن يستطيع أن يسأل اليوم هؤلاء المسلّحين المختبئين تحت رداء حزب الله مِن أين لهم هذا؟

والغريب أنّ القوى "السياديّة" تتجاهل هذه المسألة الخطيرة في خطابها السياسيّ، ومعروف أنّ قسما منها لا يكسر الجرّة مع الرئيس برّي، ولَو تبَيِّن أنّ حركة "أمل" تملك صواريخ عابرة للقارّات...

سيحلّ السلام وإن مرحليّا بين العدوّ الإسرائيليّ و"حماس"، وعليه، من المنتظَر أن يعود الجنوب إلى سلامه غير الدائم، لكن أليس من المُعيب الكلام عن حوار وتفاوض بين فريقَين أحدهما مسلَّح والآخَر أعزل؟ وهل مِن ضمانة لِهذا السلاح المتعدّد على جبهة الجنوب ألّا يتحرّك في الداخل اللبنانيّ في يوم آتٍ؟