سعد الحريري... والمُلْك المفقود

12/02/2024 07:48PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

يعود الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، بعد عدّة إخفاقات سياسيّة، جعلته يعلّق عمله السياسيّ، ويبقى خارج لبنان. يعود سعد اليوم، كالباحث عن مُلكٍ مفقود، أو بمعنى آخر، عن مُلْكٍ لم يُحسن المحافظة عليه، وذلك بدعسات ناقصة، منها ما هو معلوم تماما، ومنها ما هو معروف العنوان على جهل بالتفاصيل.

ما هو معلوم يندرج ضمن إطار علاقة الحريري بالأطراف السياسيّة اللبنانيّة، وخصوصا حزب الله، الذي لم يعتمد استراتيجية ثابتة في التعامل معه، فيحالفه ويخالفه استنادا إلى الأحداث والاستحقاقات الانتخابيّة، غير متمسّك بالترجمة العمليّة لما كان يرشح عن المحكمة الدوليّة حول الغمز من قناة حزب الله في اغتيال والده الشهيد، وما صدر من أحكام نهائيّة تدين أشخاصا بالأسماء، وهم على علاقة بالحزب... 

ونتيجة هذا الأداء حصل انزعاج وتمَلمُل واضحان في الشارع السُّنِّي، استفاد منه كثيرون من الباحثين عن مواقع سنّيّة لهم، إضافة إلى علاقة سعد الحريري بالرئيس بشار الأسد، وزيارته دمشق التي بدت كأنّها تبرُّع بصكّ براءة من وريث الرئيس الشهيد إلى نظام ليس بريئا على الأقلّ من العداوة...

أمّا عمّا هو مجهول التفاصيل فيأتي في سياق الطّلاق بين السعوديّة والحريري الابن. لا أحد حتّى الآن يعرف ما حقيقة الخلاف بين سعد الحريري والسعوديّة، أو لا أحد يعلن وإن كان على معرفة، لا من الضفّة السعوديّة ولا من الضفّة الحريريّة. غير أنّ من المؤكّد وجود خلاف كبير، وأتت نتيجته بُعد سعد الحريري عن الساحة السياسيّة أو إبعاده، وتلك المسألة تتوضّح مع مرور الوقت بِحُكم ما سيحصل في آتي الأيّام اللبنانيّة من استحقاقات.

وممّا لا شكّ فيه أنّ الوضع الماليّ للرئيس سعد الحريري ذو تأثير لا يُستهان به على تعليقه العمل السياسيّ، وليس خافيا أنّه خسر ماليّا في أكثر من موقع، ومن غير الممكن تلبية جمهوره خدماتيّا كما جرت العادة، وفي هذا السياق، يجد مَخرَجا لائقا ومُقنِعا بالاقتصاد إلى أبعد الحدود في الخدمات، باعتبار أنّه يَظهر، وهو معتكف بعيدا عن لبنان، بمظهر المحتاجين إلى مساعدة وخدمات أيضا، لكن من مرجعيّات كبيرة مثل السعوديّة.

إنّ الحريري العائد اليوم، لوقت طويل أو قصير، لا فرق، هو على خلاف مع حلفاء سابقين وأخصام سابقين، ما يعني أنّه مطوَّق من الداخل ومن الخارج، وليست إقامته في لبنان بقادرة على صنع المعجزات. وقد يستطيع الحفاظ على الحدّ المقبول من قاعدته الشعبيّة، في حال مواكبتها يوميّا، إلى أن يحين موسم القطاف الانتخابيّ، وطبعا لا يمكنه ذلك إن لم يكن حاضرا ماليّا أيضا. إلّا أنّ عودته إلى رئاسة الحكومة تبقى مسألة تخضع لمناخات وظروف إقليميّة، وليست السعوديّة بعيدة من التأثير فيها، إنّما هي صاحبة الرأي الوازن.

وبالنسبة إلى الاحتفال بالذكرى السنويّة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لن يكون خطاب وريثه السياسيّ مفاجِئا في الكثير من المسائل، وعلى الأرجح ألّا يقول شيئا عن الأسباب الحقيقيّة التي أبعدته عن لبنان لوقت طويل، وقد يكون اجتاز بعضها وقرّر العودة، لكنّه سيحتاج وقتا طويلا أيضا ليسترجع كلّ ما كان معه، هذا إن لم يفاجَأ بما لم يكن في حسبانه أو حسبان أحد.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa