الانتخابات أو التسوية... عودة الحريري مؤكدة والوقت الحلو رهن بابيْن

20/02/2024 10:07AM

كتبت إيفانا الخوري في "السياسة": 

رغم الحفاوة وحجم الحشود المشاركة في إحياء ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورغم المطالبات بعودته، لم تكن المؤشرات السياسية المحلية والإقليمية تشير إلى إمكانية استئناف رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري عمله السياسي قريبًا. 

فأرسى الرجل الذي زار البلد لأسبوع تقريبًا معادلةً جديدة قوامها "كل شي بوقته حلو"، فيما كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يرسي معادلة "الدم بالدم" جنوبًا. 

بعد الهدوء اليوم صار البحث عن "الوقت الحلو" الذي ينتظره الحريري هو الشغل الشاغل للجميع، سيما أنّ رئيس "المستقبل" عاد متكتمًا سياسيًا وما قاله في الإعلام قاله في المجالس الخاصة وفقًا لما يؤكده نائب المستقبل سابقًا، عاصم عراجي لـ "السياسة". 

في هذه الزيارة، دخل الحريري الرادار السياسي لأكثر من ٧ أيام بعدما اقتصر حضوره في العام المنصرم على ٧٢ ساعة فقط. كما بدا أكثر ارتياحًا وأبدى رأيه السياسي باقتضاب ما ترك البعض في حيرة حيال ما يقصده، كما عاد عبر الإعلام العربي قبل الإعلام المحلي في مقابلة خاصة وشدد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وردّ على سائليه عن موعد عودته بـ "كل شي بوقته حلو". 

إذًا، ترك الحريري وفي مشهدية بيت الوسط ووسط بيروت رغم كلمته المقتضبة الكلمة للناس فوجه رسائل للداخل والخارج، تجعل كلّ من يتحرك في الفضاء السياسي قادر على رصد الرجل بوصفه الزعيم السني الأول الذي لم يتمكن أحد من ملء فراغ تعليقه للعمل السياسي كما وبوصفه الوصفة السحرية التي باتت تطمئن معظم المكونات السياسية المحلية، وفقًا لمطلعين. وبذلك بات اسمه مجددًا مطروحًا ضمنيًا كرئيس مقبل لحكومة العهد المنتظر إن انتهت عملية اختيار رئيس للجمهورية وانتخابه "على خير وسلامة". 


يرى الحريري أنّ موعد عودته إلى لبنان لم يحن بعد، ويقول العارفون ومنهم النائب السابق عراجي إنّ مفتاح أول باب أمام الحريري هو الوضع في غزة على اعتبار أنّ مفاعيل العدوان الإسرائيلي الوحشي تترك تأثيرها على كلّ منطقة الشرق الأوسط عمومًا ولبنان خصوصًا. ويقول عراجي إنه إن انتهت الحرب في غزة بحل إقامة الدولتين أو بمزيد من التهجير فإنّ الحالتين المختلفتين ستتركان تأثيرًا مختلفًا وطالما أنّ الوضع متفجر فإنّ العودة مؤجلة. 

وبالحديث عن الوضع في غزة، لا يغفل عراجي عن المفاوضات والمباحثات القائمة في ميونخ والقاهرة التي قد تحمل تسوية ما توصل في نهاية المطاف إلى تسوية الوضع في غزة وبالتالي فتح الحريري لأول باب أمام إمكانية استئنافه للعمل السياسي. 

وبعد فتح الحريري للباب الأول يبقى أمامه باب ثانٍ يقرر فتحه عند انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تفعيل وانتظام عمل المؤسسات الرسمية وإلّا لماذا يعود؟ وماذا بإمكانه أن يغير؟ وفقًا لعراجي الذي يشير أيضًا إلى أنّ الرئيس الحريري يرى أنه من الضروري أن يُدرك الأفرقاء أهمية تغيير طبيعة ومنهجية العمل السياسي في لبنان فهو لن يقبل أن يستأنف عمله ويعود لمواجهة التعطيل المستمر والكيديات السياسية. 

أمّا عن مواصفات رئيس الجمهورية الذي يعتبر الحريري أنه مناسب لـ لبنان، فيقول عراجي إنّ الحريري يشدد في لقاءاته على ضرورة الإسراع في ملء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية. أمّا عن مواصفات الرئيس، فيكرر أنّ لا مواصفات معينة يكفي أن يختار ويتفق الأفرقاء السياسيون على اسم معين. 


ماذا إن لم تأتِ رياح المنطقة بتسوية تعيد ترتيب وضع غزة عمومًا ولبنان تحديدًا؟ هل يكمل الحريري غربته في الخارج غاضًا النظر عن فقدان التوازن الذي خلّفه قراره بتعليق العمل السياسي؟ 


يقول العالمون إنّ الحريري إن لم يعد مع انتخاب رئيس للجمهورية أو تسوية فقد يُقدم على خطوة مماثلة لما قام به والده الشهيد. ومن هذا المنطلق، قد لا يكون مستبعدًا أن يخوض الرئيس الحريري الانتخابات النيابية المقبلة وهو يضمن أن يحقق الأرقام التي يطمح إليها وأن يحجز في مجلس النواب عددًا أكبر من المقاعد سيما أنّ خروجه من الميدان السياسي أثر على الساحة السنية بشدة. 

وبالنسبة للمطلعين الذين تحدثوا لـ "السياسة" عن هذا الخيار فإنّ الحريري قد يكرر تجربة والده الذي خاض معركة الـ ٢٠٠٠ الانتخابية بعد انتخاب إميل لحود رئيسًا وتمكن حينها من اكتساب أكثرية نيابية ساحقة بعدما أقصي من رئاسة الحكومة وقتها. وتقول المصادر إنّ الحريري قد يقدم على هذه الخطوة ضامنًا النجاح عبر "قب باط سعودي" مع أنّ الضوء الأخضر المطلق لم يأتِ بعد. 

توتر بين الحريري والقوات؟

وفيما العودة وإن تعددت أشكالها آتية لا محال فإنّ طبيعة العلاقات التي ستحكم الحريري مع الأفرقاء السياسيين سيما بعد خروجه من الوسط السياسي إثر مكايدات سياسية وطعنات هي الأهم. ووفقًا للرؤية الحالية فإنّ العلاقة بين الحزب التقدمي الاشتراكي عبر رئيسه الحالي النائب تيمور جنبلاط ورئيسه السابق وليد جنبلاط باردة. وهو ما يفسر غياب اسم جنبلاط الأب والابن عن لقاءات بيت الوسط فيما اقتصر حضورهما على زيارة ضريح الرئيس الشهيد. 

أمّا اللّقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري فأكد استمرار العلاقة الطيبة بين عين التينة وبيت الوسط من دون أن يُفهم ما إذا كان الحريري قد قصد في مقابلته على قناة "العربية" مهاجمة حزب الله أم أنه تعمّد الإشارة إلى أنّ لا قرار بالحرب وحزب الله لن يوسع عملياته أكثر. 

فيما كان الأبرز وسط اللّقاءات هو الاجتماع بين الحريري ووفد تكتل "الجمهورية القوية" على وقع تلميحات بأنّ القوات اللّبنانية طعنت عبر رئيسها سمير جعجع الحريري في الضهر في أكثر من محطة سياسية. وقبل الاجتماع وبعده أشيعت أجواء أنّ رئيس المستقبل ترك الوفد ينتظره لأربعين دقيقة في ردّ منه يعكس حجم التوتر في العلاقة. 

غير أنّ عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم يقول لـ "السياسة" إنّ من رمى هذه الشائعات هدفه التشويش على العلاقة بين المستقبل والقوات لافتًا إلى أنّ الاحترام كان أساس الاستقبال واتضح عبر الحوار" أننا نلتقي على وجهة نظر واحدة". مؤكدًا أنّ اللّقاء كان لقاء أصدقاء والحريري متخوف من استمرار الشغور الرئاسي وهمه إيجاد مخرج لحلّ هذه الأزمة كما تناول الاجتماع الملفات الطارئة. 

ويشدد كرم على أنّ العلاقة بين المستقبل والقوات جيدة رغم أنّ الحريري علق عمله السياسي غير أنّ التواصل الإيجابي مع قواعد المستقبل مستمر وهناك لقاء في كلّ الاستحقاقات النقابية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa