هل يفاجِئنا آذار بِطُوفانه الأقسى؟

02/03/2024 04:41PM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

هل صحيح أنّ إسرائيل ستزورنا مع بداية الربيع لنحمل وروده إلى المقابر؟ وهل صحيح أنّنا، وإن كنّا أَسرى حزب الله في سِلمه وحربه، سنأكل القَتلة التي لا نتحمّلها؟

إنّ ما تتداوله وسائل الإعلام الغربيّة، وغُرَف الكلام السياسيّ دوليّا ومحلّيّا، يُوحي بأنّ العدوّ الإسرائيليّ يحضّر لحرب في اتّجاه لبنان، وهذا التحضير بدأ، على الأقلّ منذ بداية "طوفان الأقصى"، وذلك نتيجة لدخول المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، الحرب إلى جانب "حَماس"، وإن كان هذا الدخول جزئيّا، وضمن قواعد اشتباك معيّنة.

ليس يمرّ مرور الكرام الرأي الإسرائيليّ الشعبيّ والسياسيّ، الذي يقول بتوسيع الحرب، بهدف التخلّص من حزب الله أيضا، طالما أنّ الثمن الكبير يدفعه الإسرائيليّون اليوم، فمن دواعي الحكمة والمنطق، كما يرون، تكبير الثمن مرّة واحدة، لأجل راحة، إن لم تكن دائمة، فسوف تكون مدّتها طويلة.

قد تكون زيارة الموفد الأميركيّ الإسرائيليّ هوكشتاين، قريبا جدّا إلى بيروت، تندرج ضمن سياق الحرب الآتية بعد بضعة أسابيع. لكن، ماذا يستطيع لبنان الرّسميّ، سياسيّا وأمنيّا، تقديمه لمنع الحرب؟ فالحلّ والرّبط هو في مكان آخر، وتحديدا في طهران، إلّا إذا كان الأميركيّون يتّكلون على وُسطاء محلّيّين مثل الرئيس نبيه برّي... وأيّا تكن قدرة الوسطاء، فالأجدى هو التوجّه الأميركيّ المباشر نحو إيران. وطالما أنّ الأميركيّين يعرفون هذه الحقيقة، قد يكونون حمّلوا هوكشتاين مسائل أخرى، مثل ترسيم الحدود البرّيّة، والاتّفاق حول الأراضي العالقة بين لبنان وسوريا، وهي تحت الاحتلال الإسرائيليّ.

يعرف العدوّ الإسرائيليّ، مثلما يعرف العالم كلّه، أنّ حزب الله صاحب القرار الوحيد سِلما وحربا، ورغم ذلك يتمّ الضّغط الدوليّ على ما بقي من السلطة اللبنانيّة المهترئة، لِلَجم نشاط الحزب العسكريّ، وليس في هذا الضّغط سوى إنباء لنا بأنّ لبنان كلّه سيأكل القتلة في حال نشوب الحرب. ومن المؤسف أنّ كلّ اللبنانيّين متضامنون مع غزّة ومأساتها التي لا توصَف، وهم رغم تضامنهم الصادق لا يستطيعون إقناع حزب الله بتجنيب لبنان كأس الحرب التي يتعَذّر احتمالها. وفي الوقت نفسه، يرفض اللبنانيّون دخول الحرب، وهم رغم رفضهم لا يستطيعون إقناع المجتمع الدوليّ بالضغط على إسرائيل كي لا تدمّر لبنان.

ما يعني أنّنا عالقون بين مطرقة حزب الله وسندان العدوّ الإسرائيليّ، وللإثنَين المشيئة والقدرة في التفاوض والسّلم والحرب، ونحن ضحايا بِلا أيّ قدرة على الفِعل.

حتّى الآن، لا تزال ولاية الفقيه، في إيران، تقول: لا للحرب الواسعة. وذلك بسبب كلفتها الباهظة، على طهران أيضا. فهل يمكن أن نكون أمام مفاجأة لنا، شبيهة بمفاجأة "طوفان الأقصى" لإسرائيل؟

كلّ التمنّي أن يكون آذار بِلا طوفان، وبمطر مؤلم قليل، إن تعَذَّر صَحوُهُ.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa