حزب الله يعيش عزلة

09/03/2024 10:12AM


كتبت سلمى حجازي: 

ليس سرّاً أن الخلاف بين حزب الله وشريحة كبرى من اللبنانيين تفاقم إلى حدود غير مسبوقة بعد الثامن من تشرين الأول المنصرم عند إعلان الحزب فتح الجبهة الجنوبية على مناوشات مضبوطة شكلاً ومفتوحة فعلاً على مخاطر وأضرار تفوق قدرة اللبنانيين على السكوت عنها فيما هم يعانون من ضيقة اقتصادية خانقة بعد الإنهيار الذي يتحمّل الحزب جزءاً كبيراً من المسؤولية المباشرة عنه من خلال الممرات الآمنة للتهريب وحرمان خزينة الدولة من مليارات الدولارات وضرب المؤسسات الخاصة بالمضاربة غير المشروعة والمحرّمة أخلاقياً، أضف إلى ذلك تخلّي الدول الشقيقة والصديقة للبنان عن دعمه نتيجة تدخّل الحزب عسكرياً في العديد من تلك الدول إثارة للإضطرابات أو قمعاً للثورات.

هذا الواقع لم ينشأ يوم الثامن من أكتوبر، ولكن المستجد كان في مواقف بعض المقربين من الحزب الذين ينتقدون الحزب في السر وفي العلن، ومع ضغط حزب الله بسلطانه على الموقف الرسمي بما تبقّى من سلطاته لنشر مواقف مؤيدة وداعمة له، يفتقد الحزب للتضامن الشعبي المتعاظم على الرغم من محاولته الإنفتاح على مناطق عديدة من خلال دعم شخصيات من طوائف وأطياف متعددة والقيام بمشاريع خاصة في الأحياء المعدومة، إلا أنّه لم يفلح في اختراق حائط العزلة الشعبية، وبات من شأن أي لقاء له مع إحدى الشخصيات أن يضعها تحت الشبهة ويعرّضها لحملات شعبية من محيطها اللصيق كما حدث في طرابلس مؤخراً مع الشيخ بلال بارودي بعد لقائه وفداً من حزب الله، وكذلك الأمر لم يخلُ اللقاء الذي جمع الرئيس السابق ميشال عون مع وفد الحزب الذي زاره في دارته من انتقاد الناشطين في التيار الوطني الحر الذين تساءلوا عن جدوى الحملات الإتهامية ضد الحزب والتي تجاوزت خط العودة.

هذه العزلة الشعبية التي يعاني منها حزب الله في أدق مرحلة منذ نشأته تفرض عليه مراجعة ذاتية واتخاذ خطوات إلى الوراء وإعطاء الأولوية للداخل اللبناني المنهك والإفراج عن الإستحقاق الرئاسي لإعادة تكوين السلطة والتخلّي عن لغة المكابرة والتخوين والإستفراد بمصير اللبنانيين، بينما لو استثمر إمكاناته المادية الهائلة الشرعية وغير المشروعة في عملية البناء لا الهدم لاستطاع اختراق مناطق عدة ونشر فكره وقناعاته على عكس السائد حالياً مع تمدد المعارضة له إلى عقر بيئته.

لا أحد يرغب في عزل مكوّن لبناني ولكن لا أحد يرغب أيضاً في المشروع الإيراني الذي يحمله هذا المكوّن وما يجرّه على البلاد والعباد ما لا طاقة لاحتماله ولا أفق لاستمراره، فهل يتّعظ الحزب ويعود شريكاً في قرار يحظى برضى جميع اللبنانيين أم يصرّ على الإستفراد بقرار يعارضه الجميع، سيما أن الحزب يدرك في دوائره المغلقة الإنعكاس السلبي الذي يتركه على حلفائه في الشارع وعلى رأسهم مرشحه الرئاسي الذي تراجعت نسبة مؤيديه شعبياً لارتباطه بالحزب ودفاعه عن نهجه


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa