لبنان الأسير... على طريق القدس

01/04/2024 07:24AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

قد يكون إحياء القرى المسيحيّة الجنوبيّة، بمحاذاة الشريط الحدوديّ، الاحتفالات الدينيّة، بكثافة ملحوظة، خير مؤشّر على أنّ أهل هذه القرى لن يتركوها تحت ضغط المواجهة بين المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، والعدوّ الإسرائيليّ.

لكنّ مواجهة الرميشيّين لعناصر حزب الله الآتين لإطلاق الصواريخ من بلدتهم، تعطي بُعدًا إضافيّا لصمود أهل القرى الجنوبيّة في أرضهم، وهو أنّ حزب الله لن يستطيع الاستئثار بالجنوب بشَرا وحجَرا، الأمر الذي يريده جميع اللبنانيّين، على اختلاف طوائفهم. وما حصل سابقا مع دروز راشيا لا يختلف عمّا حصل مع أهل رمَيش في ما بعد. وأكثر ما يخشاه سُنّة لبنان توريطهم في الجنوب من بوّابة الجماعة الإسلاميّة، في حين أنّهم يرفضون سلاح حزب الله رفضا قاطعا، مثلما يرفضون تفرّده بقرار السلم والحرب، واستجابته لمشيئة ولاية الفقيه...

لا يجوز النظر إلى القرى المسيحيّة التي ترفض أن تكون قوافل شهداء على طريق القدس نظرة طائفيّة، فهي ترفض خراب بيوتها وخراب لبنان من منطلق وطنيّ لبنانيّ بحت. وهذه حال القرى الحدوديّة غير المسيحيّة أيضا، وإن كان واقعها لا يسمح لها بالاحتجاج والرفض علنا، لأنّ مرجعيّاتها الفاعلة، دينيّا وسياسيّا، سائرة في موكب حزب الله الجهاديّ.

وواضح أنّ المقاومة الإسلاميّة لن تقوم باتّفاق لإيقاف الحرب جنوبا، رابطة منصّات صواريخها بمنصّات صواريخ حماس، إلّا إذا شاءت طهران الفصل بين المنصّات، وهذا الفصل مستَبعَد، على الأقلّ، للحفاظ على ماء الوجه مع حركة حماس التي حمَّستها ولاية الفقيه كثيرا، ولم تقدّم لها شهيدا إيرانيّا واحدا.

وإذا كانت الحرب المفتوحة غير واردة بين الحزب والعدوّ الإسرائيليّ، فإنّ قواعد الاشتباك تتغيّر يوما بعد يوم، وتتّسع الدائرة التي تستهدفها إسرائيل جغرافيّا، ما يعني ارتفاع الكلفة اللبنانيّة، والمزيد من الموت والفقر والتشرّد والتهجير والهجرة...

وما يزيد الطين بلّة الوقت الطويل، الذي ستأخذه حرب طوفان الأقصى، المُقفِلة الطريق لبنانيّا في وجه أيّ استحقاق ملحّ، والاستحقاق الرئاسيّ المستشهد أيضا على طريق القدس خير دليل.

ليس لحزب الله، شيعيّا، سوى من ينتسب إليه ويؤيّده، وليس له لبنانيّا أيّ مكوّن من مكوّناته الطائفيّة. وهو يحتفظ بالقليل القليل من كلّ طائفة على سبيل التغطية، كاحتفاظه، على سبيل المثال بالوزير السابق سليمان فرنجيّه...

إذًا، إنّ حزب الله اليوم وحيد، وهو أمام أفق مسدود. وأتت مشاركته في حرب غزّة لتزيده عزلة ووحدة. فكيف سيتدبّر أمره بعد الحرب؟ وهل سيتّجه نحو مواصلة الجهاد في الداخل؟ وهل من مكافأة لطهران؟ وهل سيبقى قرار الدولة اللبنانيّة في يد الحزب؟...

الأبواب مفتوحة على كلّ الاحتمالات، ولا شيء سيكون سهلا.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa