إيران تُحصي خسائرها

03/04/2024 10:47AM


كتبت سلمى حجازي:

تواجه المنطقة تطوّرات دراماتيكيّة تضع محور الممانعة تحت ضغط متزايد كلّ يومٍ بعد يوم، و يبرز هذا الضغط الحرج بشكل خاص من خلال الضربة الأخيرة على القنصليّة الإيرانية في دمشق و اغتيال عدد من قيادات الحرس الثوري الإيراني. هذه الأحداث أدّت إلى ظهور مؤشّرات تملمُل و قلق بين أعضاء المحور، الذين باتوا يطالبون إيران بالردّ بشكل واضح و حاسم على تحرّكات إسرائيل.

في أعقاب الضربة على القنصلية الإيرانية في دمشق مؤخّراً، برزت مؤشّرات تخبّط في أداء إيران و الجماعات المتحالفة معها في المنطقة. يواجه محور الممانعة صعوبة كبرى، الذي تقوده إيران، لتصوير نفسه كجبهة فاعلة في مواجهة النفوذ الإسرائيلي، فسرديّة الانتصارات الإلهية لم تعُد تعطي نتيجة. و مع ذلك، تشير الضربات المتكرّرة و الفعّالة ضدّ قيادات المحور إلى ثغرات استخباراتية و استراتيجية واضحة، ممّا يثير تساؤلات حول إدّعائات الردّ المتكرّرة على هذه الهجمات.

تواجه إيران و حلفاؤها نقداً متزايداً، حيث يُتّهمون بالمناورة في التعاطي مع الأحداث الإقليمية و استغلال الجماعات المتحالفة كأدوات في صراعهم ضدّ إسرائيل لتحقيق مصالحهم، مع تجنُّب المواجهة المباشرة التي قد تشكّل خطراً على أمنهم الداخلي. يُبرز هذا الأسلوب التحدّيات بين الطموحات و المخاطر، و يسلّط الضوء على الأثر السلبي للسياسات الإيرانية على الشعوب العربية، التي وجدت نفسها محاصرة بين طموحات إيران الطائفية و التوسُّعيّة و بين خطر استخدام أراضيها كمنصّات لإطلاق الصواريخ نحو إسرائيل.

إسرائيل تعكس من خلال هذه الضربات نيّتها الواضحة لإضعاف قدرات محور الممانعة و تقويض تهديداته. هذه الإجراءات تُشكّل جزءاً من استراتيجيتها الرامية إلى فرض أجندتها في المنطقة، سواء على حلفائها أو خصومها. و في ضوء السياسة الأمريكية التي تبدو أكثر مرونة تجاه إيران لتجنُّب تصعيد الأوضاع بما لا يخدم مصالح الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل الانتخابات المقبلة، تبقى الاستراتيجية الإسرائيلية مختلفة؛ إذ يبدو أنّ التصعيد يخدم أجندة بنيامين نتانياهو، مانحاً إيّاه فرصة لتقديم نفسه كقائد ضروري لأمن إسرائيل.

أفعال إسرائيل تظهر استراتيجية أمنية تهدف إلى الحفاظ على تفوُّقها العسكري و الاستخباراتي، و ذلك بضمان قدرتها على الوصول إلى أهداف استراتيجية في أيّ مكان بالمنطقة، مؤكِّدة على مستوى التطوّر العالي لقدراتها العسكرية و الاستخبارية.

يبدو أنّ إيران ستستمرّ في حصر خسائرها، مع معرفتها بعدم قدرتها على المواجهة المباشرة. ما يبقى ضمن إمكانيّاتها هو استخدام  بعض الدول العربية التي تعاني من  ضُعف أنظمتها الحاكمة، و التي قد تجد فيها إيران فُرصاً لتعزيز مصالحها الخاصّة، مقابل تحقيق مكاسب استراتيجية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa