القيادة انتقلت من رفيق الحريري إلى سمير جعجع.. المعارضة ستتسع ولا فرق بين قريطم ومعراب

كتب رامي نعيم في "السياسة":

لم يكُن مستغرباً جنون فريق الثامن من آذار عقب لقاء معراب! فالثنائي الشيعيّ والتيار الوطني الحرّ يعتبران نجاح اللقاء انتكاسة سياسية لمشروعهما وبالتالي، فإن إفشاله "ضربة معلّم". 

ضغط رئيس مجلس النواب نبيه برّي حيث يمون وما أكثرهم وقابله من الجانب الآخر رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل في محاولة جدية لمحاصرة معراب وإحراج سيّدها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ينتظر نتائج إفشال اللقاء ليدق آخر المسامير في نعش السيادة اللبنانية. 

كُثرٌ يكرهون معراب وهذا واقع لا يمكن تجاهله. بعضهم يكرهها لأنها لا تُساوم وبعضهم لأنها لم تُعطه فرصة وبعضهم لأنها حرمته من مقعد هنا ومنصب هناك وبعضهم لأنها نقيض مشروعه غير اللبناني، لكن هناك من يخاف أن يظهر حبه لمعراب ولرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كرمى لـ عين التينة ولعيون الحزب والتيار والمحور من طهران حتى دمشق.

كثرٌ يكرهون جبروت جعجع وإشعاع ستريدا وفطانة جورج عدوان، ويفضّلون سذاجة قاسم هاشم واستعراضات الياس بو صعب ومسرحيات محمد رعد. هي خيارات يأخذها المرء بحسب رغباته وقناعاته وما علينا إلا احترامها، لكنّ من يحبّون معراب أكثر!!!

بعضهم يُجاهر وآخرون يخافون. اسألوا الحبيب الدكتور مصطفى علوش عن حبّه لمعراب، اسألوه عن وقوف جعجع إلى جانبه يوم استُهدف سنياً ورُجم في بيت أبيه. اسألوه عن أحاديثه عن الرجل الذي بقيَ حرّا في زنزانة وزارة الدفاع واسألوه عن عصب القضية اللبنانية وقائد "لبنان أولاً"… إسألوه يوم لم يعد "تحت السما الزرقا" تحت أي سماء وقف وأي شمس أشرقت عليه.

اسألوا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، المنبوذ حتى سنياً وهو أب الـ ١٧٠١ .. اسألوه من أعطاه النائب بلال الحشيمة ؟ من أعطى لائحة السنيورة - جنبلاط في بيروت النائب فيصل الصايغ؟ من تبنى مرشّح السنيورة لرئاسة الجمهورية ووزير ماليته جهاد أزعور؟

اسألوا رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عن مخاصمة الرجال للرجال وعن تحالف الرجال مع الرجال. اسألوه عن جورج عدوان في الشوف وعن جيرة القوات اللبنانية وعن تاريخ النضال ضد ثعلبٍ هنا وأسدٍ هناك.

أين أخطأ جعجع؟ وأي وصمة عارٍ تحمل معراب ليتجنّبها هؤلاء؟ هي ليست معراب المشكلة بل هي الخشية من اعطاء صرح مسيحيّ هُوية وطنية يرفضها حزب الله ومن لا يزالون في "جيبة" الحزب وهم ينكرون… 

هي خشية سنية من انتقال دور الشهيد رفيق الحريري إلى قائد السفينة اليوم سمير جعجع فينتهي دور كثيرين وينتفي وجود آخرين.

قبل هذا الضجيج لم أكن أعلم أن قريطم بنظر جنبلاط والسنيورة وآخرين أعلى درجة في الوطنية من معراب، وأن السنية السياسية انتقلت من بعد استشهاد الحريري إلى مِحلٍ "مستقبليّ" تجلّى بأبهى صوره مع الجماعة الإسلامية في عكار.

في الحقيقة فهمت وتفهّمت الخائفين من دور مسيحيّ فرضه جعجع من خلال أكبر كتلة معارضة وأعلى سقف مواجهة لكنّني لم أفهم ولن أتفهّم بعض المسيحيين الذين لم يدركوا بعد أن الوجود في خطر وأنّ ملامة فارس واحدٍ لن تعيق المشروع الفارسي!

في المحصّلة خرج جعجع من طوق الممانعين والمعرقلين بلقاء جمع خيار رفيق الحريري في الأمن يوم كان يحتاج الحريري إلى من يثق بهم فأتى باللواء أشرف ريفي ابن طرابلس. مشهدية ريفي - جعجع أعادت إلى الأذهان صورة ١٤ آذار، فطعّمها الحكيم بنبض سنيّ بيروتيّ بات رقماً صعباً في اللعبة السياسية المحلية والإقليمية مستبدلاً فؤاداً "خلصت صلاحيتو" بـ فؤادٍ يخفق في العاصمة سيادة ووطنية. وبين أشرف ريفي وفؤاد مخزومي كان وضاح الصادق على مستوى آمال التغييريين. 

نجح لقاء معراب في الخروج من تضييق ومحاصرة الممانعين، حتى جنبلاط كان حاضراً، نصفه مع النائب غسان سكاف ونصفه الآخر مع الإعلاميّ علي حمادة فـ كرمى لـ "عين التينة" لم يحضر علناً لكنّه كرمى لقاعدته الشعبية لا يمكنه محاصرة جعجع والـ ١٧٠١.

فشل الممانعون ولم يستطيعوا تطويق جعجع فحضور النائب ميشال ضاهر أفشل حصار البقاع وضرب مخططات أشهر وأشهر لكسر القوّات وضاهر في انتخابات البقاع المقبلة. 

فشل الممانعون فحضر حزب الكتائب وحضر النائب كميل دوري شمعون وحضر رئيس الجمهورية ميشال سليمان ممثلاً بالوزيرة أليس شبطيني وحضر مجد بطرس حرب وقادة رأي يجاهرون برفض الإحتلالات على أنواعها ولا يعانون من عقدة معراب.

حضر لبنان بمحافظاته ومن لم يحضر كان "عم يحضر" على شاشات التلفزيون فما ان انتهى صادق من تلاوة البيان حتى انهالت التعليقات والإنتقادات والشتائم من الذين كتبوا عن لقاء معراب وعن مشاهداتهم أكثر منّا نحن الذين حضرنا جسداً وروحًا. 

نجح لقاء معراب وكرّس جعجع نفسه قائداً لمعارضة ستتّسع لتشمل الصادقين غير المختبئين خلف عباءة الحزب والمحور، وغداً لناظره قريب…