تاريخ حافل للبلديات في لبنان... "طارت" أكثر من مرة وأعذار مختلفة

09/05/2024 10:11AM

كتبت ميليسّا دريان في "السياسة":

فعلها مجلس النواب وأجّل الانتخابات البلدية والاختيارية بعدما كان إجراؤها مقررًا هذا الشهر إلى موعد أقصاه ايار 2025، وذلك للمرة الثالثة خلال عامين رغم الطعونات والاعتراضات المحلية. 

لم يعد خبر كهذا يؤثّر على اللبنانين الذين اعتادوا على الفراغ والتأجيل وانحلال المؤسسات، لكن وجب الإشارة إلى أنّ تاريخ البلديات حافل بالتأجيل والتمديد على مدى السنوات.

أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور عماد مراد يعتبر أنّ "انشاء البلدية وعملها ودورها هو دليل تطوّر فكري وثقافي للمجتمع، لأن المجتمعات المتطوّرة تطوّرت بسبب البلديات وهي صورة مصغّرة عن طريقة الحكم وطريقة تفكير الحكام، لذلك في الدول المتطوّرة البلديات تعتبر ناجحة وفي الدول المتخلّفة أي في العالم الثالث العمل البلدي يفشل، لأن التفكير يشبه كما يفكر الحكام في الدول المتخلفة إن كان في طريقة إدارة الأفكار والأملاك العامة والتخلّف وغيرها... كل ذلك يدل إذا كانت الدولة ناجحة أو متطوّرة أو متخلّفة".

وفي حديث لموقع "السياسة" يسرد مراد تاريخ البلديات ويقول: "في متصرفية جبل لبنان اذا عدنا 160 سنة الى الوراء بسبب علمنا وتفكيرنا المتطوّر في تلك الفكرة كمسيحيين ودروز أُنشأت أول بلدية عربية في دير القمر عام 1864 بعد 15 سنة على انشاء بلدية اسطنبول".

وبحسب مراد، "خلال 25 سنة أنشأت 34 بلدية في جبل لبنان وهذا رقم مرتفع جدًا لمنطقة كانت تابعة للحكم العثماني ولا تملك استقلالًا مقارنة مع العالم العربي والدولة العثمانية ويدل على التطوّر الفكري".

ويضيف: "في عام 1889 كان النظام ينص على أنّ من يريد انشاء بلدية عليه أن يقدم طلبًا لذلك، وهذا ما حصل حيث قدّم كثر  طلبات لإنشاء بلديات وكرّت السبحة وتأسست بلديات في زحلة والبترون وبيروت".

ويتابع: "بعد مجيء الفرنسيين سقط نظام المتصرفية بعد هزيمتهم والمجاعة التي ضربت لبنان والانتداب الفرنسي، وجرت انتخابات بلدية صحيحة لأنها كانت من قبل بين العائلات. في عام 1934 دخّل عنصر المتعلمين في العمل البلدي وبدأ يأخذ العمل منحىً غربيًا من خلال تطوير المناطق ومساعدة المواطنين وانشاء جمعيات خيرية.ولم يعد الصراع عائليًا فقط بل أصبح من أجل خدمة الناس".

وبحسب مراد، "المصيبة الكبرى كانت في زمن الاستقلال حيث جرت اول انتخابات بلدية في عام 1952 في عهد كميل شمعون، وجرت الانتخابات بعد 11 سنة".

لافتًا الى أن "انتخابات البلديات مُدّدت سنة 1961 لتُجرى عام 1963 في عهد الرئيس فؤاد شهاب".

بعد تلك الفترة، يؤكد مراد أن "البلديات انحلّت وحلّ الفراغ والانقسام في عزّ دولة المؤسسات حيث تأجّلت الانتخابات من العام 1963 حتى العام 1998 ما يعني 35 سنة من دون انتخابات".

قائلًا: تأجّلت في عهد الرئيس شارل حلو وفي عهد الرئيس سليمان فرنجية ومُدّدت، حتى أن 90 في المئة من البلديات بعد الحرب لم يعد لها أيّ دور. وهذا ما أدى الى انعدام الخبرة في العمل البلدي نتيجة التأجيل والتمديد حيث تغيّرت اعداد البلديات وارتفعت كما ارتفعت اعداد الناس والناخبين".

ويتابع مراد: "في العام 1998 ورغم احتلال الجنوب أصرّ الرئيس رفيق الحريري على اجراء الانتخابات لما فيها من خير المجتمع وليساهم في الانماء وحصلت الانتخابات  في عام 1998 ولم تحصل في الجنوب لانه كان محتلًا لتحصل في عام 2001".

ويشرح مراد: "هذا يدل على ان الانتخابات البلدية ضرورة قصوى رغم الاحتلال ورغم الخروقات والتدخلات"، مشيرًا الى أنّ " الانتخابات حصلت بعد ذلك بشكل تدريجي في عام 2004 وعام 2010 وعام 2016 بشكل دوري".

مؤكدًا أنه "خلال عام 2022 بدأ التمديد لأعذار مختلفة حتى اليوم منها عدم وجود تمويل كاف أم عدم جهوزية أم بسبب الحرب كما يحصل اليوم".

ورغم كل الخضات التي مرّت بها البلديات يبقى ثابتًا أن حصول الانتخابات ضروري من دون تمديد أو تأجيل لأنها تدل على تطور فكري وثقافي في المجتمع والإنماء، مع عدم تناسي مشاركة عنصر الشباب الذي يساهم في التغيير وطرح أفكار جديدة في المجتمعات.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa