مؤتمر بعنوان: "اللّغة والذّكاء الاصطناعيّ: قيد للماضي أم أفق للمستقبل" في الجامعة الكاثوليكيّة بميلانو

10/05/2024 04:59PM

بدعوة من كلّيّة العلوم واللّغات في الجامعة الكاثوليكيّة – ميلانو ومركز بحوث اللّغة العربيّة (CARA)، وبالشّراكة مع هيئة الشّارقة للكتاب، عُقد في الجامعة الكاثوليكيّة بميلانو مؤتمر بعنوان: "اللّغة والذّكاء الاصطناعيّ: قيد للماضي أم أفق للمستقبل"، وذلك ضمن المهرجان الدّوليّ للّغة والثّقافة العربيّة في دورته السّابعة، وقد امتدّ المؤتمر على ثلاثة أيّام.

بدأ اليوم الأوّل عند السّاعة الخامسة بعد الظّهر، وقد استُهلّ بكلمتين افتتاحيّتين ألقاهما كلّ من الأستاذة في الجامعة الكاثوليكيّة ومديرة مركز بحوث اللّغة العربيّة ماريا كريستينا جاتّي (إيطاليا)، وأستاذ اللّغة والثقافة العربيّة في الجامعة الكاثوليكية، والمدير العلميّ لمركز أبحاث اللّغة العربية في الجامعة الكاثوليكيّة وائل فاروق. واللّافت في هذا اليوم أنّ التّرجمة إلى الإيطاليّة هي النّقطة التي جمعت الموضوعين المعالجين في الجلستين. فالأولى حملت عنوان: "المذهبات، ترجمة إيطاليّة جديدة للمعلّقات"، أمّا الثّانية: هجرات، فكانت عبارة عن أمسية مع الشّاعر كاظم جهاد حسن (العراق/ فرنسا)، وهو أستاذ الأدب العربيّ القديم في جامعة السّوربون، بمناسبة صدور التّرجمة الإيطاليّة لمختارات من شعره. كما جرت مداخلة لأستاذ اللّغة والآداب الفرنسيّة في جامعة ميسينا- إيطاليا، ريناتو – رينيه كورونا (إيطاليا/ فرنسا). وقد قدّم الجلسة الكاتب والصّحفي والإعلاميّ المصريّ البارز عمرو خفاجي. 

وتمحور الموضوع في كلّ من اليومين الثّاني والثّالث حول اللّغة العربيّة والذّكاء الاصطناعيّ بشكل خاصّ. وقد كانت مداخلات لأساتذة جامعيّين وباحثين وروائيّين وشعراء وصحفيّين من دول مختلفة... وتكلّم كلّ في مجاله ووفق دراساته وأبحاثه وخبراته الشّخصيّة، فكان شبه اتّفاق على أهمّيّة الذّكاء الاصطناعيّ في مجالات مختلفة، غير أنّ تقصيره واضح في مجال اللّغة والأعمال الأدبيّة والشّعريّة. فوجد، مثلًا، الرّوائيّ وأستاذ علوم الحاسوب- قسم الرّياضيّات وهندسة البرمجيّات بجامعة روان (فرنسا) حبيب عبد الرّبّ سروري (اليمن/ فرنسا) أنّ التّجارب تثبت أنّ الذكاء الاصطناعيّ الذي قد تجاوز بالفعل الذكاء البشريّ في عدّة مجالات، يظهر صورة ضعيفة بالنّسبة إلى اللّغة حتّى الآن.

وبالنّسبة إلى ترجمة الذّكاء الاصطناعيّ للنّبرات الصّوتيّة وعواطف المتكلّمين، فقد أشارت رئيسة المجلس الأوروبيّ للّغات، وأستاذة علم المصطلحات والسّياسات اللّغويّة واللّغة والثّقافة الفرنسيّة في الجامعة الكاثوليكيّة، ماريا تيريزا زانولا (إيطاليا)، إلى عجز الذّكاء الاصطناعيّ عن فهم كلّ التّعبيرات لأنّها متباينة وإمكانيّاتها لا محدودة.

وكانت اللّغة محطّ اهتمام عدد من المداخلين في العصر الرّقميّ، فركّز الباحث والأستاذ في كلّيّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بجامعة الغارفي/ الغرب، مانويل سيليو كونسيساو (البرتغال)، على قيمة اللّغة في تأسيس التّراث الثّقافيّ، وطالب بمكانة مناسبة للّغات في التّعليم العالي. كما أكّد على إمكانيّات الذّكاء الاصطناعيّ في المساهمة في إثبات أهمّيّة اللّغات من أجل التّنوّع الثّقافي والمعرفيّ. 

وأيضًا، درست مؤسِّسة ورئيسة "مجمع اللّغة العربيّة في لبنان" والأمينة العامّة لـ  "جائزة مجمع اللّغة العربيّة في لبنان" برعاية وزارة الثّقافة، الكاتبة والنّاقدة الأدبيّة سارة ضاهر (لبنان) التّأثيرات المجتمعيّة على التّغيّرات في سياسة التّخطيط اللّغويّ، مع التّركيز على تحوّلات المجتمع العربيّ في الاتّصال الرّقميّ ووسائل التّواصل. ثمّ استعرضت التّحدّيات المستمرّة التي تواجهها سياسة التّخطيط اللّغويّ العربيّة، وقدّمت توصيات حول كيفيّة استغلال التّحوّلات الاجتماعيّة والتّكنولوجيّة لتعزيز سياسة التّخطيط اللّغويّ وتعزيز اللّغة العربيّة وضمان استمراريّة تطويرها في مواجهة التّحدّيات الحديثة.

لقد كثرت المداخلات القيّمة حول الذّكاء الاصطناعيّ في مجالات التّرجمة والفلسفة والفنّ والإبداع الأدبيّ نثرًا وشعرًا، بما فيها أدب الأطفال، فتوصّل الشّاعر والرّوائيّ وطبيب الأسنان نزار كربوط (المغرب) إلى نتيجة أنّ الذّكاء الاصطناعيّ قد ينجح في مجالات أخرى، لكنّه سيظلّ محدودًا أمام الإبداع الإنسانيّ. ولا ريب في ذلك، لأنّ الكاتب يعيش التّجربة، ويملك الخيال والقدرة على توظيف الكلمات والصّور، فضلًا عن تمكّنه من اللّغة العربيّة التي ما يزال العقل الإلكترونيّ يشوبه ضعف فيها بسبب تعقيداتها وكثرة دلالاتها.

كما شكّك الشّاعر والأستاذ كاظم جهاد حسن بالنّصوص المولّدة بشكل اصطناعيّ لأنّ الأساس في فعل الكتابة هو تسليط الضّوء على طاقة المؤلّف الإبداعيّة، وذاتيّته، ولاوعيه... وأشار إلى التّداعيات التّربويّة الكارثيّة لهذه الظّاهرة. 

ختامًا، لقد استطاع المؤتمر، بفضل الجهود المبذولة والمداخلين المتميّزين علمًا ومعرفة وتقصّيًا للمعلومات بحثًا عن الحقائق، والذين لا يتّسع المجال لذكر ما تضمّنته مداخلاتهم، من تسليط الضّوء على مختلف الجوانب التي يواجهها عصر يكاد به التّكنولوجيّ يغلب على البشريّ علمًا أنّه من صنع الإنسان وابتكاراته.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa