سقَط في طيّارة من عُمره... وفي ضَبابَين كثيفَين

21/05/2024 05:04PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

نتَساوَى أمام الموت ظالمين ومظلومين، لكن لا نتساوى أمام عدالة الله والحقيقة والتاريخ.

وفي هذا السياق، ليس المطلوب إدانة الرئيس الإيرانيّ، الذي ذهب ضحيّة سقوط مروحيّة تُقِلّه مع مرافقين له. إنّما ما يَصدم، أكثر من حدث الموت نفسه، هو أنّ عُمر المِروحيّة التي تعرّضَت للحادث خمسون سنة!

رئيس إيران ووزير خارجيّتها،في طائرة عسكريّة عٌمرُها خمسون؟

عمليّا، هذه الطائرة اقتربَت من سنّ الدخول إلى المتحف، في حين أنّ إيران تطرح نفسها دولة مُواجَهة عسكريّة عندما تجد الزمان والمكان المناسبَين، ومن المعلوم أنّ سلاح الجوّ هو صاحب الحسم في المواجَهات الدوليّة الجدّيّة، وقد شاهدنا منذ بضعة أسابيع مُسيَّرات إيرانيّة تحتاج إلى أكثر من سبع ساعات سباحةً في الفضاء لتصل إلى إسرائيل. وأمام هذا التقهقر على مستوى الطّيران الحربيّ الإيرانيّ، أيّ توازُن رٌعب أو غيره تستطيعه طهران مع إسرائيل العدوّة؟ وهل الوضع كارثيّ إلى  حدّ الاستعانة بطائرة تركيّة لا يغلبها الليل، خوفا من عدم القدرة على الوصول إلى مكان الحادث، حيث سقطت طائرة رئيسي؟

أمّا من جهة الحسم في أنّ العوامل الجوّيّة هي سبب الحادث، فالمسألة تدعو إلى السخرية، لأنّ في فضاء إيران ضبابَين: أحدُهما طبيعيّ، وقد يكون مسؤولا عمّا حدث، والثاني سياسيّ وأمنيّ وإيرانيّ ودوليّ... وهو قادر، وبامتياز، أن يكون مُسقِط الطائرة بِلا مُنازع، والمنطق يقول بالانتظار إلى أن يتكوّن ملفّ قضائيّ، وتنكشف بعض الحقائق، فإعطاء فرصة زمنيّة قبل الحسم في حقيقة ما جرى واجبٌ بديهيّ، حتّى وإن ذهب القضاء الإيرانيّ، في ما بعد، في اتّجاه ينافي الحقيقة.

وفي تقييم عامّ لسقوط طائرة الرئيس الإيرانيّ ابراهيم رئيسي، ووفاته مع من كانوا معه، على مستوى المعادلة السياسيّة والأمنيّة في إيران، فمِن الواضح أنّ هذه الخسارة من الخسائر التي تُعَوّض، باعتبار أنّ البديل موجود، وهناك جماعة مؤهِّلة للمسؤوليّة في شكل دائم، وهي ضمن دائرة ولاية الفقيه. وإن كان من خسائر كبيرة فهي في المنشآت والمصانع المتطوّرة للأسلحة... وللشخصيّات القادرة على المستوى العلميّ... بينما في عالم السياسة الإيرانيّة، ليس هناك أبطال وشخصيّات استثنائيّة، لأنّ الخامنئيّ هو السيّد الأكبر، وما يجري من انتخابات يندرج ضمن التعيين، في قالب ديمقراطيّ.

وفي حال أنّ حادث الطائرة كان مدبَّرا فهو يأتي في إطار رمزيّ، بمعنى أنّ من قام بالاغتيال لا يصعب عليه هدف في إيران. وربّما يأتي في سياق آخر أيضا، مَفادُه أنّ الحرب ستطُول بين حماس وإسرائيل، وعلى ولاية الفقيه أن تعيد حساباتها...

أيّا تكُن الحقيقة، فإنّ الضباب الثاني الذي حضر أثناء سقوط طائرة الرئيس الإيرانيّ هو الذي يتصدّر المشهد.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa