متى يتحرّر لبنان من المحرِّرين؟

25/05/2024 02:24PM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

لم يحدُث في التاريخ أن تأخذ مقاومةٌ شعبَها رهينةً في محاربة العدوّ. مقاومة جِهاديّة دينيّة طائفيّة، تصادر قرار السّلم والحرب، تتفرّد بسيطرتها جغرافيّا على جنوب لبنان، وسياسيّا عليه كلّه، وتطلب من كلّ اللبنانيّين أن يصفّقوا لها، ويباركوها سِلما وحربًا، رغم أنّها تسير بمشيئة ولاية الفقيه الإيرانيّة، وتحتكر صفة السيادة، باعتبارها القوّة الوحيدة التي تستمرّ شوكةً في خاصرة العدوّ الإسرائيليّ.

ليست المشكلة، في الأساس، استراتيجيّة حزب الله ضدّ إسرائيل، لأنّ الشعب اللبنانيّ كلّه ضدّها. إنّما هي في أنّ وجود حزب الله لا يمكن أن يكون إلّا على حساب وجود الدولة اللبنايّة، فإمّا دولتُه هو، وإمّا الدولة اللبنانيّة، وأيّ كلام آخر هو مُوارَبة ومسايَرة ومصلحة وانسحاب من واجِب قول الحقيقة.

لم تترك المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، للدولة اللبنانيّة الخيار والقرار، حتّى في ترسيم الحدود، وتعيين أيّ أرض من أراضيها لا تزال محتلّة، وأيّ أرض هي سوريّة ومن واجب سوريا تحريرها، لا نحن. وعندما أتى آموس هوكشتاين وأمر بالترسيم، بدعم إيرانيّ، كان ما كان على حساب سيادة لبنان وخسارته جزءا من أرضه.

لا إرادة حرّة عند حزب الله، وحدها ولاية الفقيه تقول: "كنْ فيكون". والمهزلة أنّ طهران تقاوم ورقيّا، وتحفظ الدّم الإيرانيّ، بينما هي تجود بالدّم اللبنانيّ، ليكون مادّة لخطابها الممانع، ورافعةً لها في التّفاوض مع الأمم.

يصرّ حزب الله على عيد التحرير في الخامس والعشرين من أيّار، ويضغط ليبقى عطلة رسميّة عندنا، بينما في الواقع، هو عيد مفروض على الإرادة اللبنانيّة، فعلى الأقلّ نصف اللبنانيّين لا يرونه عيدا، لأنّهم يعرفون التحرير لم يكن أكثر من انسحاب قرّره العدوّ الإسرائيليّ، لحسابات تخصّه. 

ولا تزال قضيّة اللبنانيّين الفارّين إلى إسرائيل، خوفا من تنكيل حزب الله بهم، قضيّة تستحقّ الإنصاف والإهتمام.

لم يكن لبنانيّ ليفرّ إلى إسرائيل لَو كانت الدولة ستتولّى أمره بقضاء حرّ ونزيه وعادل.

والحزب في ما  يَرِد عنده، في خانة التعامل والخيانة، يتصرّف باستنسابيّة مطلقة، وليس انتقال عامر فاخوري من السجن اللبناني بالطائرة إلى خارج لبنان، وعلى عينك يا حزب الله، سوى دليل كافٍ على منطق الصفقات التي يشارك فيها الحزب، وإن تكن مشاركته مقتصرة على "التطنيش" والسكوت فقط.

للأسف، إنّ  من أولويّات أحرار لبنان واجب تحريره من "المحرِّرين"، وذلك بالعمل على كلّ ما يخدم قيام الدولة اللبنانيّة بمؤسّساتها الفاعلة، والحرّة. ولا شكّ في أنّ المطلوب سحب ورقة السلم والحرب من يد حزب الله، وحصر السلاح في يد القوى الأمنيّة اللبنانيّة، لأنّ أيّ تغاضٍ عن هذه المسألة هو استمرار في تهجير اللبنانيّين إلى بلاد الله الواسعة، وإفساح في المجال لتكريس فرع ثانٍ للدولة الإيرانيّة في لبنان.

في أيّار، سنة ألفَين، تمّ تحرير جنوب لبنان من العدوّ الإسرائيليّ، بِلا ضربة كفّ. كما تمّ تحرير بعض القرى الحدوديّة من أهلها، ودفعهم للهروب نحو إسرائيل.

واليوم، ومنذ "طوفان الأقصى" يتمّ تحرير الجنوب من أهله، وتشريدهم على القرى والمناطق اللبنانيّة، وتجويعهم، وحرمان أولادهم من المدارس... 

وإلى متى سيستمرّ تحرير الأرض من أهلها، ألله وبايدِن ونَتَنياهو وولاية الفقيه... أعلَم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa