امتحانات... ضمن قواعد الاشتباك

02/07/2024 08:16AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

لم يعٌد الهروب من مواجهة الحقيقة التربويّة مقبولا. صحيح أنّ الامتحانات الرّسميّة تجري، وستصل إلى مرحلة إعلان النّتائج، غير أنّ السؤال: هل هذه امتحانات تستحقّ شهادة في النجاح، موقّعة من الدولة اللبنانيّة؟

للأسف، إنّ الدولة الفاشلة على مختلف المستويات، لا يمكن أن تنجح في قطاع التربية والتعليم، لأنّ سُوس الفساد لم يستثنِ غصنا من أغصانها.

حَرِص وزير التربية على إجراء الامتحانات الرسميّة للمرحلة الثانويّة بأيّ ثمن، والثمن الأكبر هو تفصيلها على قياس الوضع الجنوبيّ الكارثيّ. ما يعني عمليّا: امتحانات ضمن قواعد الاشتباك، فمِثلما هو ممنوع على أيّ طرف في الحرب الدائرة اليوم تخطّي الخطوط المتّفق عليها، كذلك في طرح أسئلة الامتحانات ممنوع تخطّي مستوى معيّن، مراعاةً لما جرى ويجري جنوبًا.

لقد كان من الأجدى إلغاء هذه الامتحانات، أوّلا لأنّها صُوَريّة، وبالمعنى المعرفيّ والعِلميّ هي "شِيكْ" بِلا رصيد. وثانيًا لأنّ فيها من الطلّاب مَن سيُظلَم، رغم أنّها هزيلة، لا سيّما الطالب الذي تَعذِّر عليه نفسيّا أو عَمليّا التعلُّم هذا العام، للأسباب المعلومة. وثالثا لأنّ وزير التربية لم يعيّن ويحدّد بوضوح منذ بداية العام الدراسيّ البرنامج المطلوب للامتحان، فبقي المعلّمون والطلّاب والأهل والإدارات قي حيرة وضياع، وهم يسألون: هل من اختصارات جبعد للدروس قبل الامتحانات؟ هل سيكون هناك موادّ اختياريّة؟ هل يمكن أن تُلغى الامتحانات مثلما أُلغِيَت امتحانات الشهادة المتوسّطة؟...

ورابِعًا، وهذا السبب الأهمّ، لأنّ وزير التربية يعطي للمدارس الخاصّة مجالا للتفوّق والاستمرار والنموّ على حساب المدرسة الرسميّة، التي أصبحت حاجة للّبنانيّين أكثر من قبل، استنادا إلى الوضع الاقتصاديّ المُفجع.

إنّ وزير التربية فَضَّل اختصار أيّام التدريس في القطاع الرسميّ بأربعة أيّام أسبوعيّا، هرَبًا من السعي لإعطاء راتب مقبول بالحدّ الأدنى للمعلّمين. الأمر الذي أدّى حُكما إلى اختصار الدروس. بينما في القطاع الخاصّ يتمّ إنجاز البرنامج الدراسيّ بشكل طبيعيّ وكافٍ.

إذًا مَن يعتمد سياسة تربويّة تُوصل إلى خراب المدرسة الرسميّة؟

والمشكلة اليوم أنّ تقَهقُر المدرسة الرسميّة لا يعني أنّ كلّ الناس سيتّجهون نحو المدرسة الخاصّة، لأنّ الكثيرين منهم لا يستطيعون ذلك مادّيّا، وهُم إن اتّجهوا نحو القطاع الخاصّ فَسيكونون عبئا عليه، ولن يستطيعوا الاستمرار في تعليم أولادهم على مقاعده.

قد يَنجح كلّ الطلّاب والمعلّمين والأهل في هذه الامتحانات. قد يَنجحون كلُّهم، إلّا واحدا، وهو... وزير التربية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa