الراعي ومشكلة: كلام الأحد يَمحوه الاثنَين

07/07/2024 10:23PM


 

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

شأنُ البطريرك بشارة الراعي شأن كلّ القيادات الدينيّة في لبنان، فهو يتعاطى السياسة من بابها الواسع، ويستقبل في الصرح البطريركيّ ما هَبّ ودَبّ من السياسيّين، وتُنتَظر مواقفه في عظة نهار الأحد، التي يحمّلها كلاما مباشرا يتّصف بالرأي والموقف في ضوء الأحداث والمسارات السياسيّة في لبنان.

وإن يكن البطريرك الراعي رأس الكنيسة المارونيّة فهو لا "يَمُون" على أيّ فريق سياسيّ مسيحيّ، وفي الوقت نفسه ليس له تأثير يُذكَر على أيّ فريق سياسيّ خارج الدائرة المسيحيّة.

وممّا لا شكّ فيه أنّ البطريرك ليس موظّفا يتقاضى راتبا شهريّا من الدولة اللبنانيّة، ولا تستطيع أيّ قوّة سياسيّة مسيحيّة، أو غيرها، مهما علا شأنها أن تأتي ببطريرك مارونيّ وتقول: هذا البطريرك لي.

غير أنّ هذا الفصل بين انتخاب البطريرك، والأحزاب المسيحيّة، لا يعني أنّها تقوم بالنشاط السياسيّ، ويبقى الصرح البطريركيّ بعيدا عنه. وكيف إذا كانت بكركِي عبر تاريخ لبنان صاحبة حضور وطنيّ فاعل، على قاعدة لبنان يعلو ولا يُعلى عليه؟

يُؤخَذ على البطريرك الراعي، اليوم، لِينُه وتنازُلُه على مستوى الخطاب والتواصُل مع حزب الله. لا سيّما بعد عدم تلبية الحزب والمرجع الديني الشيعي الأعلى دعوة البطريرك، إلى لقاء شامل، بحضور أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين.

عمليّا، يحاول حزب الله التعالي على بكركي، ويستمرّ المفتي قبلان ناطقا باسم المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، مسدِّدا سهامه في اتّجاه بكركي ومختلف المواقع السياسيّة التي ترفض السلاح في يد حزب الله، وتريده حصرا في يد القوى الأمنيّة اللبنانيّة.

ولِلرّاعي مواقف سابقة وواضحة في مسألة السيادة اللبنانيّة، والقرارات الدوليّة التي تعزّزها، والحرب جنوبًا... غير أنّه يبدو منقلِبا على ذاتِه، ومتّجها نحو حزب الله بشيء من التنازُل المسيء بالمعنى الوطنيّ السياديّ، وهو الذي خاطب أحرار لبنان في ساحة بكركي:"لا تَسكتوا.... لا تَسكتوا..." في حين أنّه لم يمنحهم الغطاء ليثوروا، واتّجه هو نحو السّكوت.

لقد ناقض البطريرك الراعي نفسه في أكثر من حادثة، وعلى سبيل المثال، كانت مشاركة عدد من المطارنة الموارنة، في ذكرى التحرير، في "ملِيتا" سَقطة لا تُبَرَّر، وكذلك إيفاد الراعي رئيس المركز الكاثوليكيّ للإعلام الأب عبدو أبو كسم، للمشاركة في إطلاق كتاب الغدير والإمامة، سَقطة أُخرى... لا سيّما أنّ هذا الحدث أتى مباشرة بعد لقاء بكركي الذي قُوطِع من قِبل حزب الله والمفتي قبلان.

تحاول بكركي تبرير ما تقوم به، اليوم، بأنّه يندرج في سياق الإيجابيّة في التعاطي مع الجميع، وتخطّي السلبيّات، والعمل في سبيل استمرار التواصل... غير أنّ الرأي العامّ، الذي يعتبر بكركي خطّ الدفاع الأوّل عن سيادة لبنان، يعاني صدمةً واضحة لم يُخفِها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ. وبدأت تعلو أصوات داعية إلى استقالة البطريرك.

هل البطريرك الراعي يملك معطيات خاصّة؟ هل هو يخشى شيئا ما؟ هل ما يقوم به من خطوات متعارِضة مقصود؟ هل يملك شجاعة البطريرك صفير في الاستقالة؟ هل الفاتيكان يريد منه ما لا نريده أو لا نعرفه؟...

كلّ هذه الأسئلة يطرحها الكثيرون، ولا أجوبة عليها الآن.

لكنّ هؤلاء الكثيرين أصبحوا يُنصِتون جيّدا إلى أخبار الاثنَين، بعدما تَبيَّن لهم أنّ كلام الأحد، في بكركي، يمحوه الاثنَين.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa