رغم مطرقة التطرف وسندان الثنائي الشيعي... ستبقى أجراس الكنائس تقرع

09/07/2024 05:56PM

كتب الكاتب والمحلل السياسي المتابع للشأن العربي والخليجي طارق أبو زينب:

يواجه لبنان حاليًا أزمة حكم غير مسبوقة بغياب رئيس للبلاد وسط انقسام سياسي حاد وتعطيل ممنهج للدستور ما ينذر بإطالة أمد الشغور الرئاسي.
ما يجري في لبنان عبارة عن عملية حصر إرث المارونية السياسية لتقاسم الميراث على” الثنائي الشيعي” الذي تتهمه الكتل النيابية المسيحية بمحاولة إقصاء دور المسيحيين الذي تجسد بإنشاء الكيان اللبناني وكانوا السباقين في بناء حضارة المنطقة ونهضتها وثقافتها والحفاظ على تنوعها الديني والأثني، وتميز لبنان منذ 1920 ىبتنوعه الطائفي والمذهبي وتعدده الثقافي وترسيخ التعايش ببن مختلف مكوناته كما أراده كبير صانعيه البطريرك “الياس بطرس الحويك” الرافض لفكرة الوحدة السورية وأيضًا فكرة لبنان ككيان مسيحي وهو ما حاولت فرنسا تسويقه.

الراحل بطريرك الاستقلال “إلياس بطرس الحويك “الذي لعب دورًا قياديًا في عملية استقلال لبنان وولادة دولة لبنان الكبير، لم يفرق بين اللبنانيين خلال مجاعة الحرب العالمية الأولى في العام 1916، عانى لبنان الفقر ومات يومها ثلث سكّان جبل لبنان. أنشأ البطريرك الحويك شبكة سرية مؤلفة من المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات لتوزيع القمح على الفقراء (نظرًا لإغلاق كل المعابر البحرية) ووقّع معاهدة مع فرنسا لرهن كل الأملاك البطريركية المارونية لتمرير القمح عبر مرفأ جونيه، وطلب من أصحاب الأفران على الساحل توزيع الخبز مجانًا على حساب بكركي. ومن مآثر “الحويك ” أنّه باع كل ثمين في بكركي في سبيل إطعام الجياع من كل “الطوائف اللبنانية “، فكانت مقولته الشهيرة: “أَعطوا الجميع، البطريركية أمٌّ حنون تَعتَبِرُ الجميعَ أولادَها… لا فرقَ بين مسيحيٍّ ومُسْلِم “.

إن القراءة المشوهة للواقع السياسي اللبناني الحالي تدفع بالمسيحيين إلى الهجرة من لبنان، فضلاً عن الاستهتار بالموقف المسيحي الموحد، وما تطمع له الاحزاب المسيحية والكتل النيابية من مجريات انتخاب رئيس لجمهورية لبنان وفيما يبدو واضحًا امتعاض القوى المعارضة من أسلوب الترهيب والتخوين والتحدي والفرض على إرادة اللبنانيين.

استياء مسيحي من فرنسا

في الوقت الراهن، يشعر معظم مسيحيو لبنان بأنهم تعرضوا للخيانة من فرنسا التي كانت تدّعي حمايتهم، وتجاهلت الحكومة الفرنسية الرسائل المقلقة التي وجّهها بطاركة الشرق، من مخاطر الفوضى والاضطرابات السياسية في لبنان والاضطهاد المنهجي للمسيحيين من قبل “تنظيم داعش الارهابي” في سوريا والعراق، وتظهر اليوم فرنسا وكأنها داعمة لفريق دون آخر، وتحديدا لصالح حزب الله ومرشحه رئيس تيار المردة “سليمان فرنجية “،وهو ما تعتبره الكتل النيابية والاحزاب المسيحية اللبنانية تكريسا” لواقع سيطرة حزب الله على لبنان وكسر الإرادة المسيحية.
لم يعد هناك أدنى شك بأن سلوك “الثنائي” يُغضب أكثرية المسحيين وباقي المكونات اللبنانية ويدفعهم إما للهجرة من لبنان أو للتفتيش عن صيغة عيش سياسية اجتماعية، تزيح عن كاهلهم وعن كاهل أولادهم وأحفادهم، عبء الهيمنة التي أصبحت لا تطاق، وتعرّض لبنان الى المزيد من الضياع والانهيار وعدم المساواة مع باقي المكونات اللبنانية .

السعودية تحرص على سيادة لبنان

وفي المقابل، يشعر مسيحيو لبنان أن موقف المملكة العربية السعودية قد ازداد وضوحاً بالحفاظ على صيغة العيش المشترك ويشدد على ضرورة الإسراع بإنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قادر على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني والعودة إلى جوهر اتفاق الطائف الذي يكرس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ومضامينه التي تكرس العيش الواحد بين اللبنانيين ، كما اكدت الرياض لجميع اعضاء اللجنة الخماسية أن الرئاسة في لبنان شأن سيادي وتحرص الرياض على عدم التدخل في الانتخابات اللبنانية و انصاف جميع المكونات اللبنانية.

الهيمنة والسلاح.. أدوات للهجرة

في الأطار، يقول مدير “المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات” حسان قطب " لموقع السياسة : إن الواقع الذي نعيشه اليوم والمتمثل بنهج التعطيل والإلغاء، إنما يدفع اللبنانيين للهجرة والبحث عن حياة آمنة ومستقرة في مكانٍ وبلدٍ آخر، أو ما عليهم سوى الخضوع والخنوع والركون لطلبات الثنائي الحاكم الذي فشل وعلى امتداد أكثر من 15 سنة من إدارة شؤون الوطن ومقدراته وسياساته أوصلتنا الى ما وصلنا إليه بالتعاون مع القوى الفاسدة أو ما يطلق عليه المنظومة الفاسدة حيث يغطيها ويشاركها هذا الفريق بقوة سلاحه، ويستفيد من فسادها ليحصل على مزيد من مواقع السلطة في مختلف المؤسسات، وليغطي سلاحه غير الشرعي الذي يهيمن به على الوطن وشعبه.

ويتابع قطب: الثنائي الحاكم بقوة السلاح والميليشيا المنتشرة والقمصان السود يواصل سياسة التعطيل والتلاعب بمواعيد الاستحقاقات الدستورية مستخدماً تفسيره الخاص لبنود ومواد الدستور عبر منبر المجلس النيابي الذي يعتبره حصناً لتنفيذ مآربه، وليس موقع المراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية، ومؤسسة تشريعية،تعمل لخدمة المواطنين، والهدف الذي من اجله تم انتخاب نواب الامة لممارسة دورهم ومهمتهم.

دور فرنسي مجحف

يريد هذا الثنائي التحكم بالسلطة من خلال الهيمنة على مؤسساتها، وبالتالي يحاول تطويع مسارها ودورها كما استحقاقاتها لتكون بين يديه يحركها كما يشاء، فالمرشح فرنجية الذي طرحه قادة الثنائي هو رجل موهوب وكفاءة مميزة كما يقول هذا الفريق كما أنه ضمانة الاستقرار والعيش المشترك وأي مرشح آخر هو مشروع تحدي وفتنة.. وكانما الحياة الديموقراطية لا تعني هذا الفريق لانه منبهر بل مأخوذ بقوة سلاحه وبتراخي المجتمع الدولي عن مواجهته وخاصة الدور الفرنسي السيء الذي يساوم على اللبنانيين ومستقبلهم وحتى على المسيحيين ودورهم. لبنان ليس لبنان بدون المسيحيين.

وأضاف قطب: الثنائي الحاكم يعمل على ترهيب المسيحيين للقبول بمرشحه حتى يحكم سيطرته على لبنان، ويبقي الوطن ساحة صراع وتصفية حسابات وفي حالة فوضى مسلحة وليس وطن مستقر وواحة استثمار وبناء وإعمار وإنتاج.

لبنان لن يستقر ولن يقوم من كبوته مع استمرار هذه السياسة وهذا النهج، وممارسة الظلم والترهيب والارهاب بحق الاقليات اللبنانية،واستمرار ترهيبها بقوة السلاح وابقاء نهج التعطيل سيفاً مسلطاً على رقابها ورقاب اللبنانيين.. والدعوة للحوار لا قيمة لها مع النهج التعطيلي الذي يفرض على لبنان واللبنانيين رغم الانهيار المالي والفوضى الامنية..


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa