لبنان متروك داخليًا وخارجيًا

19/07/2024 08:53AM

كتب خليل مرداس في "السياسة": 

في ظل الأزمات المتعددة التي تعصف بلبنان، يعيش البلد حالة من العزلة التامة. فالداخل اللبناني يشهد تقاعسًا من الأحزاب والتيارات السياسية، بالإضافة إلى الشخصيات المستقلة، في أداء واجباتهم الأساسية تجاه الشعب والوطن. المجلس النيابي شبه مشلول، حيث لا يعقد جلساته بشكل منتظم، ولا توجد نية فعلية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا الشلل السياسي يؤثر على كل مؤسسات الدولة، حيث تعمل حكومة تصريف الأعمال بحدود صلاحياتها، مما يؤدي إلى عجز شامل في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

في السياق الخارجي، شهدت فرنسا تطورات جديدة بعد فشل حزب اليسار وحزب الرئيس إيمانويل ماكرون وحزب اليمين في الحصول على الأغلبية النيابية في الانتخابات التشريعية المبكرة.

وقدمت الحكومة الفرنسية استقالتها مساء الثلاثاء، وستتولى الحكومة تصريف الأعمال حتى يتم اختيار رئيس جديد للوزراء. يعود هذا الوضع إلى خلافات داخل معسكر اليسار بشأن مرشحهم للمنصب، مما يعني أن فرنسا قد لا تكون قادرة على التركيز بشكل كامل على الوضع اللبناني في الوقت الحالي.

وهذا الوضع يعني أن فرنسا، التي كانت تعتبر من الجهات الفاعلة في الشأن اللبناني، لن تكون متاحة للتركيز على لبنان في الوقت الحالي. سواء كان ذلك في ملف الانتخابات الرئاسية أو في جهود التهدئة في الجنوب اللبناني.

بالتوازي، الموقف الأميركي تجاه لبنان يبدو غير واضح في ظل الانقسامات الداخلية حول كيفية التعامل مع هذا الملف المعقد. هناك تضارب في الآراء حول الطريقة المثلى للتعاطي مع الأزمات اللبنانية المتعددة. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن سياسات الولايات المتحدة تجاه لبنان قد تشهد تغييرات جذرية، خاصة إذا ما جاء المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى السلطة..

لبنان لا يعاني فقط من العزلة الداخلية والأزمات الخارجية، بل أيضًا من تداعيات الصراعات الإقليمية. التوترات في المنطقة تلقي بظلالها على لبنان، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الداخلية ويجعل من الصعب إيجاد حلول للأزمات المتراكمة. هذه التوترات تؤثر على الاستقرار الأمني والاقتصادي في البلاد، حيث تجد الحكومة صعوبة في جذب الاستثمارات الأجنبية أو تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول المجاورة، هذا عدا عن التعاون السياسي التي تأمل أن تحصل عليه، بخاصة من قبل الأقطاب العربية، وتحديدا مصر، والسعودية وقطر.

فمصر الغارقة بمشاكلها الاقتصادية، بالاضافة إلى أزمة الحدود مع إسرائيل وسط استفحال الحرب في غزة لن يكون لها المقدرة على تأمين المساعدة للبنان. بالتوازي، حماسة السعودية غير واضحة، إذ تشهد العلاقات السعودية-اللبنانية حالة من الفتور في الفترة الحالية، حيث يبدو أن دعم المملكة للملف اللبناني لم يعد من الأولويات الرئيسية في أجندتها. وتأتي هذه التغيرات في ضوء عدة عوامل سياسية واقتصادية وإقليمية تؤثر على توجهات المملكة.

ففي إطار رؤية 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تركز السعودية على تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط، مما يتطلب استثمارات كبيرة في مشاريع داخلية مثل نيوم وتطوير البنية التحتية. هذا التوجه نحو الإصلاح الداخلي والتنمية الاقتصادية جعل المملكة تعيد ترتيب أولوياتها وتقلل من انخراطها في القضايا الإقليمية، بما في ذلك لبنان.

وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، تشهد الساحة الخليجية تطورات ملحوظة في العلاقة بين السعودية وإيران. فقد شهدت الأشهر الأخيرة تقارباً بين البلدين بعد سنوات من التوتر، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على السياسات السعودية في المنطقة. وترى الرياض أن التقارب مع طهران يمكن أن يساهم في استقرار المنطقة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة زيادة الدعم للبنان، الذي يعتبر ساحة تنافس نفوذ بين الدولتين.

باختصار، يبدو أن القيادة السعودية الحالية، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، تفضل التركيز على الإصلاح الداخلي والمشاريع الكبرى التي تحقق مصالح استراتيجية واضحة، مما يترجم إلى تقليص الدعم الموجه للملف اللبناني في الوقت الراهن. ومع ذلك، قد تتغير هذه الديناميكيات بناءً على التطورات السياسية والإقليمية المستقبلية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa