جَردَة حساب الدُّول... تحتاج إلى هُدنة

19/07/2024 11:43AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

ثلاثة أحداث، على اختلاف جغرافيّ، وسياسيّ، قد تكون ذات خيط مشترَك، وإن لم يكُن واضحا، لأنّها تختلف في التوقيت، وفي الحسابات المحلّيّة، للدّول التي حدثت فيها، غير أنّها تأتي في سياق تعديل ما، في المشهد السياسيّ الإقليميّ، والعالميّ.

في ظروف غامضة، سقطت مروحيّة الرئيس الإيرانيّ وقضى فيها هو ومَن معه. صحيح أنّ طهران اعتبرت ما حدث قضاء وقدَرًا، وسارعت إلى جعل الحدث، غير العاديّ، وراء ظهرها، ليتمّ بعد وقت انتخاب رئيس جديد، غير أنّ احتمال اغتيال "رئيسي" هو المرجَّح، على الرّغم من عدم وجود أدلّة واضحة تثبت ذلك.

بعد رئيسي المحافظ، أتى مسعود بزشكيان، الأقلّ محافَظة، والمحسوب على التقدّميّين إذا جاز القول. 

عمليّا، نشهَد انتقالا، من صورة إيرانيّة إلى أخرى، وإن على مستوى الشكل، لأنّ ولاية الفقيه هي مَن سمحَت بترشُّح بزشكيان، وسهِّلت وصوله إلى الرئاسة، بهدفَين: من جهة تمتصّ شيئا من النقمة الشعبيّة على النظام الحاكم المتشدّد، ومن جهة أخرى توحي للمجتمع الدّوليّ بأنّ إيران على طريق التحوُّل والتغيُّر.

أمّا الحدث الثاني فيتمثَّل بالانتخابات النيابيّة الفرنسيّة. لا شكّ في أنّ هذه الانتخابات استحوذت على متابعة عالميّة باهتمام، لأنّ نتائجها ستؤثّر مباشرة على سياسة فرنسا الداخليّة والخارجيّة، وكاد اليمين الفرنسيّ أن يتصدّر لائحة النجاح، لولا تحالُف الجميع ضدّه. ومن الجَليّ أنّ منْع وصول اليمين إلى قيادة فرنسا كلّف الكثير من العناء والتنازل، عند المتحالفين اليساريّين والماكرونيّين وممّن ليسوا من أصل فرنسيّ... 

ولا يمكن القول إنّ اليمين خسر المعركة، فهو إن لم يستطع الوصول إلى الأكثريّة وحصّة الأسد في القيادة، إلّا أنّه دخل معادلة السلطة من باب واسع، وبات شريكا وازِنا في القرار.

ويأتي الحدث الثالث، في أميركا، الدولة ذات النفوذ الأوّل على مستوى القرار عالميّا. تأخذ محاولة اغتيال الرئيس الأميركيّ السابق، وربّما العائد، دونالد ترامب بُعدا يجتاز الواقع الانتخابيّ الرئاسيّ أميركيّا. ولا يمكن ألّا تندرج في سياق محاولات الاغتيال، والاغتيالات التي تعرّض لها عدد غير قليل من رؤساء أميركا، ومنها ما بقيت حقيقته في الجوارير السرّيّة جدّا، في البيت الأبيض.

يُجمع الرأي العامّ على أنّ ترامب شخصيّة مُقاتِلة، وثمّة خشية، في حال عودته إلى الرئاسة، من توجُّهِه نحو المزيد من الدّعم لإسرائيل، والتضييق على إيران، الأمر الذي قد يتسبّب بحرب غير محدودة الاتّساع، وبالتالي غير مضمونة النتائج... ومن الحماقة النّظر إلى محاولة اغتياله كأنّها حدثٌ لا يَخدُم التعديل في سياسة أميركا، داخليّا وخارجيّا.

لكنّ ما جرى في إيران انتهى بِلا ضجيج، وهو عمليّا ليس ذا تأثير يُذكَر. وما جرى في فرنسا انتهى انتخابيّا، وهو ذو تأثير حدَّت من مفاعيله القوى التي اجتمعَت في مواجهة اليمين على اختلافاتها. أمّا ما جرى في أميركا فلم ينتهِ بعد، لأنّ ترامب نجا، وسيستمرّ أقوى ممّا كان، وفي حال وصوله إلى الرئاسة مرّة ثانية، قد نكون فعلًا أمام مشهد سياسيّ عالميّ جديد، يتّصف بالحدّة على الأقلّ، إن لم نقُل: التطرُّف.

لقد نجا ترامب، لكنّ محاولات الاغتيال قد تنتظره في الأيّام الآتية، وقد نَشهد بعد أحداثا في أكثر من دولة ترتبط في ما بينها بخيط خفيّ، لأجل التعديل في سياسة العالم، اليوم، بِلا حروب، أو بكلام آخر: يبدو أنّ معظم الدّول التي تقاتِل تحتاج إلى هُدنة


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa