تحوّلات إقليمية تلوح في الأفق... للبنان حصة وترقّب

22/07/2024 02:00PM

يبدو ان كل المؤشرات العسكرية والسياسية تؤكد ان هناك ثمة تحولات إقليمية تلوح في الأفق، من شأنها حدوث تغييرات حتمية في العلاقات الدولية واعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة ، في ضوء ارتباط المسائل مع بعضها البعض.

فما حدث من تصعيد اسرائيلي يمني في الايام الاخيرة يعتبر الاول من حيث الحجم ، والضربة العلنية الأولى لإسرائيل على اليمن تشير الى إمكانية توسيع مسار الحرب ، وذلك بعد مرور قرابة التسعة اشهر على بدء عملية طوفان الأقصى ، بحيث لم تتوقف إسرائيل والياتها الحربية من الفتك بالشعب الفلسطيني من خلال ارتكاب ابشع جرائم الإرهاب والحرب على أنواعها إضافة الى الإبادة الجماعية، وهي عمدت الى استغلال عملية طوفان الأقصى لتنفيذ مخططاتها، وقد ساندتها  الولايات المتحدة في دعمها وهي لم تبخل بأمدادها بأحدث أنواع الأسلحة والتقنيات العسكرية التي تمتلكها.

وكان اللافت وطيلة الفترة الماضية وتحديدا منذ السابع من تشرين الأول الماضي حتى اليوم، هو اقتصار عمل القوات الحوثية على القيام بهجمات بالصواريخ والمسيرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، مما أدى الى ارباك كبير في حركة الملاحة والتجارة البحرية، من خلال امساكها بالمضائق المؤدية اليه، دون الهجوم على إسرائيل بشكل مباشر، رغم انها تمكنت من خلال استهدافها البحري من التضييق على إسرائيل والتأثير عليها بشكل مباشر في عملياتها التجارية، وشل عمل مرفأ ايلات بشكل كلي، ولكن فان العمليات الحوثية تطورت في الأيام الماضية بشكل مفاجئ  من خلال اطلاق طائرة مسيرة الى الداخل الإسرائيلي، وتحديدا الى مدينة تل ابيب والتي لها رمزيتها بالنسبة لإسرائيل، وهذا الاعتداء الذي أدى الى اضرار بشرية ومادية، دفع  بالاخيرة الى اتخاذ قرارا حاسما بالرد هذه المرة وبشكل مباشر، وبتغطية من الولايات المتحدة الأميركية بعد ان اوكلت سابقا هذه الجبهة بالاتفاق مع الدول الغربية من خلال عملية التصدي للمسيرات والصواريخ الاتية من اليمن باتجاه إسرائيل الى القوات الأميركية، وبعض القوات الغربية الداعمة لها ومن حلف شمالى الأطلسي.

وكأن إسرائيل هذه المرة ارادت توجيه رسالة حاسمة الى كل من يعنيهم الامر وليس فقط الى الحوثيين، بانها قادرة على انزال خسائر فادحة باي جهة قد تقدم على الاعتداء عليها سواء من خلال الطائرات المسيرة او الصواريخ العابرة لمسافات طويلة، باعتبار ان هناك مسافة طويلة بين اليمن واسرائيل تقارب ٢٠٠٠ كلم، ورغم ذلك استطاعت الأخيرة بالقيام بعملية نوعية واستهدافها ميناء مدينة الحديدة اليمنية من خلال ١٢ طائرة اسرائيلية، اغارت على الميناء وتسببت  بسقوط قتلى وجرحى من الحوثيين و حريق هائل  اندلع في منشآت النفط،  وبعيد هذه الحادثة نقل عن متحدث باسم الحوثيين قوله إن القوات الحوثية "لن تلتزم بأي قواعد اشتباك مع إسرائيل". 

وتأكيدا لذلك، فقد استمر التصعيد من قبل القوات الحوثية التي أعلنت إنها استهدفت مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر في إسرائيل بعدة صواريخ، بينما قالت إسرائيل الاحد ان دفاعاتها الجوية اعترضت صاروخ سطح-سطح أُطلق من اليمن.

فهذه التطورات تشير الى إمكانية ان نشهد في الأيام المقبلة تصعيدا نوعيا على الصعيد الجبهة اليمنية-الإسرائيلية،  التي تنذر بانها ذاهبة الى مزيد من التأزم، كما انه من المتوقع ان تتصاعد العمليات العسكرية بين الحوثين وإسرائيل، وهذا الامر من شانه ان يعطي فرصة لإسرائيل القيام بعمليات نوعية أخرى تستهدف خلالها مواقع حساسة في اليمن الشمالي ، بينما قد توسع القوات الحوثية من جهتها ضربات على إسرائيل مدعومة بأسلحة إيرانية.

وبحسب المتابعين فان إسرائيل التي ارتاحت نوعا ما على مستوى الجبهة الداخلية في نطاق قطاع غزه، يبدو انها الان تسعى الى رفع وتيرة اعتداءاتها على كل من لبنان واليمن، وبالتالي تكون قد استطاعت من تغيير قواعد اللعبة علها تنجح في وقف هاتين الجبهتين.

وبموازاة ذلك، يبدو ان إسرائيل ضاقت ذرعا بأذرع ايران التي تستغلها وتمولها وتزودها بالأسلحة النوعية القادرة على اجتياز المسافات الطويلة، بما في ذلك الأسلحة الذكية من مسيرات وصواريخ نوعية، لذلك من غير المستبعد وبحسب المراقبين انه ومع اقتراب الانتخابات الأميركية ان تتوجه إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية للقيام بغارات نوعية داخل ايران تطال مواقع هامة.

اما على صعيد الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، فان كل الدلالات تشير حتى الان الى استمرار "الستاتيكو" المتبع بين إسرائيل من جهة و"حزب الله" من جهة أخرى، من خلال التركيز في الضربات على الأهداف العسكرية من الجهتين، وذلك برغبة من الولايات المتحدة الأميركية التي لا زالت تصر على تجنيب لبنان حرب واسعة، ولكن مهما يكن وبحسب المتابعين فان كل الاحتمالات تبقى واردة ، علما ان ايران تحاول ابعاد الحرب عن أراضيها، ومع استمرارها بدعمها لحلفائها. 

ولكن فإن إسرائيل تريد أيضا ان تثبت ل"حزب الله" انها تحتفظ بكثير من المعلومات الهامة جدا عن مخازن الأسلحة التابعة للحزب، بموازاة المعلومات الدقيقة التي تملكها بالنسبة الي قياديه، وقد نشهد في الأيام المقبلة ضربات قاسية من قبل إسرائيل لمخازن أسلحة الحزب كما حصل في عدلون ليل السبت الماضي، وهذا الامر من شأنه ان يشكل ضغطا شعبيا على" حزب الله" الذي يستعمل الشعب اللبناني متراسا لمخازنه العسكرية وقياديه.

وقد شهدت الجبهة الجنوبية يوم الاحد حماوة لافتة وقصف عنيف متبادل بين القوات الإسرائيلية و"حزب الله".

وبالانتظار ، تبقى الأنظار شاخصة الى التطورات السياسية والعسكرية المقبلة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa