نتنياهو... وقطع رؤوس الشّجر

01/08/2024 10:36AM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

يقود نتنياهو الحرب، مُناوِرًا على الجميع، باستثناء أميركا، التي تُعلن الدّعم الكامل لإسرائيل، مهما بلغَت حماقةُ قادتها وإجرامهم.

يُوهم نتنياهو الرأي العامّ العالميّ أنّ المفاوضات حول تبادُل الرهائن هي خطوة نحو هدنة تهيّئ لوقف القتال، بينما هو في الواقع، يعتبر الرهائن ضحايا حرب، ويمضي في استكمال تنفيذ الخطّة التي أعدّها.

حتّى الآن، لم يقم نتنياهو بِما يفاجئ، فهو أعلن منذ بداية "طوفان الأقصى" عزم إسرائيل على التخلّص من "حماس". ولا شكّ في أنّ هذا الكلام يندرج في سياق المبالغة المطلوبة، لتبرير الفظائع التي ستُرتكَب. لكن، أثبتَ الوقائع أنّ الوصول إلى رؤوس القياديّين الكبار، وآخرهم رئيس المكتب السياسي لحماس، اسماعيل هنيّة، هو المُتاح، لا أكثر. بمعنى آخر: إنّ قطع رأس الشجرة أسهل من استئصال جذورها. فالقواعد المقاتلة، والمُناصِرة، والمتضامنة، من غير الممكن إبادتُها.

وبِقدر ما يبدو المشهد اليوم موحِيا بتوسيع دائرة الحرب بِقدر ما يوحي أيضا باقتراب الحلّ. إلّا إذا كان رفع علَم الثأر في إيران يعني جديدا جدّيّا على ساحة المعركة، وإلّا إذا كان، اليوم، كلام الأمين العامّ للمقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، السيّد حسن نصر الله سيكون إعلانا مباشرا وسريعا لإشعال جبهات لم تكن مشتعلة قبل. 

غير أنّ ولاية الفقيه، في طهران، ليست في وارد التّشمير عن السّاق للقتال باللحم الحيّ، كما أنّ حزب الله لا يمكن أن يوسّع "بِيكار" الحرب بِلا قرار من طهران. وعليه، فإنّ كلام السيّد نصر الله، اليوم، عصرًا، سيتّصف بالنبرة العالية، والرّثاء، وتحيّة المجاهدين، والوعد بالثأر... أمّا إعلان ما هو جديد على مستوى التمرّد على قواعد الاشتباك فهو مستبعَد، لأنّ الحرب أحداث تسبق الكلام، فَلَوْ قصَف الحزب منشآت كاريش النفطيّة، وأتى كلامه بعد ذلك، تكون الوقائع بحدّ ذاتها إعلانا عن اتّساع جغرافية الحرب وأهدافها، ويأتي الكلام في ما بعد ليظهّر ويؤطّر ويُرسي قواعد جديدة...

ومن الأسئلة الملحّة اليوم: هل سيبقى جهاد حزب الله مرتبطا بدعم جبهة فلسطين؟ أم أصبح منفصلا عنها، بمعنى أنّ الهدنة بين إسرائيل وحماس لم تعُد تعني هدنة بين العدوّ الإسرائيليّ وحزب الله؟

من الواضح أنّ الهدنة لن تكون قريبة، والترجمة العمليّة لطول الحرب هي المزيد من تحقيق الأهداف العسكريّة لكلّ الأطراف، وما نَشهَده من غليان الآن بسبب حدث معيّن سيخفّ، وينتقل نحو حدث آخر، وصولا إلى استراحة المحارب للجميع. وإذا صحّ هذا السياق للأحداث، فإنّ قواعد الاشتباك ستستمرّ، وإن تعرّضَت لخرق ما، من هنا أو هناك.

نعم ستثأر طهران، لكن كيف؟ ومتى؟ وهل كما ثأرت فولكلوريّا منذ بضعة أشهر؟

نعم، سيكون لحزب الله ردّ، لكن بأيّ حجم؟ وهل سيكون عنه وعن طهران؟

إنّ الأجوبة على هذه الأسئلة رهن الأيّام المقبلة، وعسى تكون عاصفة الدّم نحو الانحسار.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa