رَحِم الله ضحايا ٤ آب... ورَحِم العدالة قَبْلهم

04/08/2024 04:17PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة"؟


مَن فجَّر مرفأ بيروت؟

حقيقةً، لم يعُد هذا السؤال ذا شأن، فهناك سؤال أهمّ، وهو أبو الأسئلة وأُمُّها: هل يُسمَح، قضائيّا، بمعرفة هويّة المفجِّر؟

والجواب، بكلّ بساطة: لا.

نقول، قضائيّا، لأنّ الناس بعد ما حصل مع القاضي طارق البيطار، وما تعرَّض له من تطويق وتهديد، انقسموا إلى فريقين: أحدهما يدلّ بإصبع الاتّهام إلى محور الممانعة، غامزا من قناة حزب الله، والثاني، وهو الجمهور الدائر في فلَك الممانعة، ويعتبر المقاومة مستهدَفة من قِبل القاضي البيطار، وقد أعلن السيّد حسن نصر الله منذ بدايات عمل البيطار رفضَه لعدالته وما يقوم به، باعتباره ينفّذ أجندة سياسيّة، لا علاقة لها بالعمل القضائيّ المُنَزِّه.

إنّ قضيّة كبيرة جدّا، بحجم تفجير مرفأ بيروت، لا يمكن أن يصل فيها القضاء اللبنانيّ إلى أيّ مطرح من مطارح الحقيقة الصعبة.

فهذا القضاء المسيَّس في سَواده الأعظم، والمضطَهَد من السلطة، ومَن يسيّرُها، في الجزء الحرّ منه، يبقى منتظِرًا إلى رحيل هذه السّلطة والطبقة السياسيّة الفاسدة، ليستطيع إعادة بناء ذاته كمؤسّسة مستقلّة، وقبل ذلك الحين، لا أمل في انتظار مِطرقة خشب تهزّ عروش ملوك الجريمة والفساد.

ماذا يفعل أهل الضحايا المقهورون؟

سوف يستمرّون في البكاء والصراخ، إلى أن ينتهوا ضحايا، أمضوا العمر يبكون ضحاياهم.

مَن يسير معهم في مسيرة الذكرى والاحتجاج؟

كما كلّ سنة، يمشي معهم تحت غيمة الذكرى الحزينة، بعض من المواطنين المقهورين، الأحرار، الذين لا ينتظرون دعوة الزّعيم لينزلوا إلى الشارع. أمّا أكثريّة اللبنانيّين فهي موزَّعة على الأحزاب، ما يعني أنّها لن تناضل في الشارع لأجل قضيّة لا يتبنّاها حقًّا زعيمُ الحزب. وفي ما يخصّ الخطاب المُعَدّ لذكرى الرابع من آب فهو خطاب يُسحَب من "جارور" مكتب الزعيم كلّ عام، ويوزَّع على وسائل الإعلام.

هذا محلّيّا، أمّا دوليّا فالمسألة ليست أفضل حالًا، فالأقمار الصناعيّة غضَّت الطّرف عن مجزرة العصر في مرفأ بيروت، وأصيبَت عيونها بالرِّمد المفاجئ، والدّول ذات النفوذ لم تتّهم أحدًا، لا حزب الله ولا إسرائيل ولا أخويّة الحبل بلا دنس، ولا اتّحاد الكتّاب... 

بمعنى آخر، نفض الجميع أيديهم من حقيقة المأساة اليتيمة، وربّما، وللأسف الشديد، إذا توسّعَت الحرب اليوم، ولم تعد مقتصرة على فلسطين وجنوب لبنان، قد يظهر الأب المجرم الشّرعيّ لمأساة، ليس مسموحا أن يحمل قضيّتها قضاء دوليّ، ومن المتعذّر أن يمضي بها القضاء اللبنانيّ نحو شاطئ العدالة.

وقد يكون مُلَحِّم الحديد المسكين سببًا مادّيّا للانفجار، لكن مَن أتى بنيترات الأمونيوم إلى المرفأ؟ ولماذا؟ وهل يجوز أن تُخزَّن موادّ متفجّرة بهذا الحجم، في مرفأ رسميّ للدولة اللبنانيّة، وليس للدولة علاقة بها؟

رحِم الله شهداء الرابع من آب، وقد رَحِم العدالة في لبنان قبلَهم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa