أَبكَوهُ... فهَل يُبكِيهم؟

06/09/2024 04:55PM

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

ارتبط اسم رياض سلامِه باللّيرة ارتباط اسم أبي نؤاس بالخمر، وإن كان الثاني يُذكَر بالخير عند أهل الشّراب، فإنّ الأوّل يُذكَر عند اللبنانيّين بالخَراب.

مُقيَّدَ اليدَين، بعدما لم يعد ذا يدَين قادرتَين، اقتِيد الحاكم السّابق لمصرف لبنان سحابةَ ثلاثة عقود، وهو يستُر القيد بِجاكيتَته السوداء جدّا.

لا شكّ في أنّ كلّ متَّهَم بريء إلى أن تَثبت إدانتُهُ، رغم أنّ سلامه مُدانٌ من الشعب اللبنانيّ، الذي يَحكم القاضي بِاسمِه.

عدّة أسئلة وردَت في بال النّاس، عند رؤيتهم رياض سلامه في قبضة العدالة، ومنها: هل نحن أمام مسرحيّة جديدة، تَرمي إلى خدمة الحاكم؟ 

هل القضاء تَحَرَّك بِلا إيعاز سياسيّ داخليّ؟ أم أنّه يتحرّك بإيعاز قضائيّ خارجيّ، من خلال السلطة السياسيّة عندنا؟

هل سيحتمي سلامه بقدرتِه على جَرّ رؤوس كبيرة إلى حيث هو؟

هل لا يزال يستطيع التأثير على دولار السّوق السوداء وهو تحت رحمة مطرقة القضاء؟...

إنّ الأيّام المقبلة ستحمل على لسانها أجوبة شافية على هذه الأسئلة، إلّا أنّ إدارة السياسة لجزء كبير من القضاء مستمرّة، وواضح أنّ القضاء يُحرَّك استنسابيّا، وبحدود معيّنة، فعلى سبيل المِثال يبدو القضاء مستنفِرا في قضيّة اغتيال بسكال سليمان، ثمّ يتوارى هو عن الأنظار مِثل الجاني، وينام الملفّ في جوارير القضاء، عندما يصل الأمر إلى استدعاء مطلوبين من سوريا في القضيّة، وفي جوارير القضاء عشرات القضايا الشّبيهة. 

إذًا، إنّ حرّيّة القضاء، وقدرته، غير موجودتَين بالمعنى الحقيقيّ المُطلَق، بسبب تقييد السلطة السياسيّة للقضاء، هذه السلطة التي لَو استطاعت اقتياد القاضي الحرّ طارق البيطار، قَبل رياض سلامه إلى الزنزانة، لَما تأخَّرَت دقيقة واحدة.

إنّ رياض سلامه يعني حقبة ماليّة وسياسيّة في الوقت نفسه، فهو يرتبط بموظّفين في مصرف لبنان، وبمصرفيّين نافذين، وبسياسيّين "يَقدّون المراجل" على المنابر، وبمرجعيّات دينيّة... فليس من العدالة بشيء أن يُستَفرَد بِملفّات معيِّنة، ويُحاكَم كأنّه المخطِئ الوحيد، وتُلقَى تَبِعات الخراب على كتِفِيه وحده، بينما الآخرون يتمتّعون بِمَنّ السّلطة وسَلواها.

لا يمكن أن يكون القضاء محلّ ثقة إلّا إذا استطاع مُقارَبة كلّ القضايا  بحرّيّة مُطلَقة. وهو وإن تمكَّن من محاكمة رياض سلامه فلن يكتسب صفة القضاء الحرّ، إنّما سيُتَّهَم أيضا بأنّه مسيَّس واستنسابيّ، طالما أنّ قضايا كثيرة لا يستطيع دَلّ العدالة عليها بسبب القمع السياسيّ له.

لا يمكن الجزم في أنّ العدالة ستتحقّق، والأرجح أنّها عاجزة عن استدعاء أصحاب الطرابيش في السياسة، لذلك قد لا يكون سلامه في خطر كبير، وإذا كان، هل يُبكِيهم كما أَبكَوه؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa