ألمدرسة الرّسميّة... تحت سِكِّين أُمِّها

كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

صحيح أنّ وزير التربية، القاضي عبّاس الحلبيّ، لم يكن مؤهَّلًا لتولّي وزارته، وصحيح أنّه أخفَق في استحقاقات تربويّة كثيرة، إلّا أنّ قضيّة القطاع التربويّ الرّسميّ أكبر منه، وليس هو المسؤول عن الخطر الذي يهدّد وجود هذا القطاع، والسؤال بِكلّ صراحة وموضوعيّة: هل تريد الدّولة حياةً لمدرستها، وهي أمُّها الشّرعيّة، المسؤولة مباشرة عن كلّ شؤونها وشجونها؟

مع كلّ بداية عام دراسيّ، يقف معلّمو مدرسة الدولة أمام أبوابها حائرين، على ألم، مَتمزّقين بين وجع بيوتهم وعائلاتهم، وحقّ تلاميذهم الفقراء بالتعلّم. وهم اليوم في هذه الدّوّامة أيضا، وليس في يد وزير التربية سوى رَشّ الوعود يُمنة ويُسرة، وتسريب خبر رغبته في الاعتكاف، لأنّ الحكومة لا تساعده، على المستوى الماليّ.

وإذا كانت الدولة ترمي مدرستها في سلّة النسيان، فهذا لا يعني عدم مسؤوليّة الوزير الحلبيّ أمام هذه الجريمة، وما هو تسريب، أو تهويل غير منظور، للضغط على السلطة، يجب أن يكون علَنًا، وبالفم الملآن. 

إنّ أزمة المدرسة الرسميّة لا تُحلّ بالتّرقيع المُتواصِل، و"بِمَونة" الأحزاب على جماعاتهم من المعلّمين، وليس المعلّمون الأحرار حجر عثرة في طريق مدرستهم، لِيُطارَدوا ويُضطَهَدوا بِاسم القانون... وفي التالي ليست الإضرابات سوى الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحقوق المشروعة والمقدّسة.

من المؤسف أن نَشهد اليوم موسم هجرة المعلّمين من الرسميّ إلى الخاصّ، وإن على سبيل التّعاقُد، لأنّ المعلّم الثانويّ، يحصل على خمسمئة دولار شهريّا مقابل خمس أو ستّ ساعات تعليم في المدرسة الخاصّة، المبلغ الذي يعادل راتبَه الشهريّ كاملا في المدرسة الرسميّة. 

وهذا لا يعني أنّ المعلّم في التّعليم الخاصّ بألف خير، إنّما يعني أنّ المدرسة الرّسميّة في خطر، ولا تكون حلول مشاكلها باختصار أيّام التدريس إلى أربعة أيّام في الأسبوع، ولا بِمَنّ الوعود وسَلواها، ولا بالقَوطبة على المعلّمين لِتعطيل حقّهم قي الإضراب...

سواء كانت الأموال من خزينة الدولة أو استعطاء دَوليّا، على الحكومة أن تسارع إلى تأمين رغيف الخبز وحبّة الدواء لمعلّمي مدرستها، وإيلاء هذه القضيّة اهتماما وطنيّا، وإلّا فإنّ مدرسة الدولة ستكون ضحيّة سكّين أمّها، وما بقي فيها من حياة لم يَعُد يحتمل حَزَّة السّكّين.