كلُّنا شُهداء... أو كلُّنا قَتلَى

02:52PM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة":

منذ بداية دخول المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، الحربَ مُسانَدةً لِحَرَكة حَماس في غَزّة، اعتبر الكثيرون من اللبنانيّين أنّ مشارَكة حزب الله في حرب "طوفان الأقصى" غير مقبولة، وأعادوا إعلان ثوابتهم السياسيّة والوطنيّة، المتمثِّلة بقيام دولة لبنانيّة سيّدة، تكون هي المسؤولة الوحيدة عن قرار السِّلم والحرب، ولا سلاح إلّا بيد جيشها وقواها الأمنيّة.

وكان واضحا موقف جميع اللبنانيّين إلى جانب الفلسطينيّين، الذين يواجهون إجرام العدوّ الإسرائيليّ بِما ملكَت أيديهم. كما كان واضحا موقف طهران خِطابيّا، وقد أعلنَت أنّها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الإبادة التي يتعرّض لها الفلسطينيّون في أرضهم، إلّا أنّ الأحداث أتت لِتُثبِت المناوَرات الكلاميّة لِولاية الفقيه، فإيران عمليّا ردّت مرّة واحدة على إسرائيل بشكل فولكلوريّ، وغضّت نظرها عن الثأر لاغتيال اسماعيل هنيّة في أرضها. وها هي اليوم تترك حزب الله يواجه وحيدا، بعدما تعرَّض لضربة كبيرة غير مسبوقة. 

والغريب أنّ الرئيس الإيرانيّ يعلن أنّ الإيرانيّين والأميركيّين إخوة، ويستغرب عداءَ واشنطن لِطهران، بينما مطلوب من المُوَالين لولاية الفقيه، أينما كانوا، أن تُبَحّ أصواتُهم هاتِفين "ألموت لأمريكا".

إنّ المتضامنين إنسانيّا مع الذين تضرِّروا من الوحشيّة الإسرائيليّة، وهم في سوادهم الأعظم من عناصر حزب الله وجمهوره، يشكّلون أكثريّة الشعب اللبنانيّ، وبكلّ تأكيد، إنّ الوقفة الإنسانيّة لا يمكن أن تعني تأييدًا للمقاومة الإسلاميّة، وما تقوم به من نشاط جهاديّ حربيّ...

غيرَ أنّ وجود لبنانيّين، لا يعلنون تضامنَهم الإنسانيّ، مَرَدُّهُ إلى القول المأثور:" كما تراني يا جميل أراكَ." صحيحٌ أنّ التضامُن على المستوى الإنسانيّ والاجتماعيّ غير شامل وكامل، لكنّ الذين لا يتضامنون يُذَكِّرُون بأحداث السّابع من أيّار، وبتعليق جواد حسن نصر الله، يوم اغتيال لقمان سليم:"خسارة البعض هي في الحقيقة رِبحٌ ولُطفٌ غَير محسوب... بِلا أسَف"، وبتضييف البقلاوة عندما اغتِيل جبران التوَيني... وها هو النائب نواف الموسوي يعلن الاستعداد لاغتيال أيّ رئيس إذا كان مثل الرئيس الشهيد بشير الجميّل...

وتَطول اللائحة المُوَثَّقة لِلّذين لا يتضامنون، ولا شكّ في أنّ لموقفهم أسبابا، ولا يمكن أن يتغيّر هذا الموقف إلّا حين يتساوى الناس في مأساتهم، وفي التضامُن معها تحت سقف الوطن الواحد، وحين لا يُسمَّى الشهيد شهيدا إلّا إذا سقط في مواجهة العدوّ الإسرائيليّ، فلِلمقاومة اللبنانيّة آلاف الشّهداء في مُواجهة الاحتلال السوريّ، والتنظيمات الفلسطينيّة وغيرها، وهم في نظر المُمانعين قَتلى، أو عُملاء...

من الضروريّ والمُلِحّ جِدّا تَضامُن كلّ اللبنانيّين إنسانيّا واجتماعيّا، على الرّغم من الاختلاف السياسيّ، الذي قد يصل إلى درجة النّقيض، غير أنّ هذه المسألة لن تكُون سِوَى بالاعتراف الصادق بِحقّ الاختلاف، لا سيّما السياسيّ والدّينيّ...

يجب أن نتضامن إنسانيّا، ويجب أن تنتهي الحرب على أرضنا سريعا. ويجب أن يعود أهل الجنوب إلى ديارهم، أو ما بقي منها، ويجب أن يُوضَعَ حدٌّ لتَشرُّدهم وفقرهم وألمهم، ويجب أن يعود أولادهم إلى مدارسهم لِيتعلّموا، على الأقلّ مثل النّازحين عندنا...

ويجب أن تعود الدولة أمنيّا، وتحديدا إلى الجنوب، فلقد شبِعنا دفع فواتير للآخرين، على حساب سيادتنا وحضور الدّولة.

اليوم، أعلن رئيس حرس الثورة الإيرانيّ الاستعداد لإزالة إسرائيل، فَليَتَفَضَّلْ، لكن من إيران، وبدم إيرانيّ، ونحن سندعو له بالتوفيق، قام غيرُه بالواجب، وأتى دورُهُ، كلُّنا عيون مُبَحلِقَة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

تواصل إجتماعي

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa