ألموت... دليل سياحيّ عندنا

27/09/2024 09:35AM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة"

كم هو مُؤلِمٌ أن يكون الموت في الحرب دليلا سياحيّا، يُعرّفنا على قرى ومدن لبنان وأسمائها.

لا لبنانيّ سمحت له أيّامه بسياحة جماليّة تُعلّق على جدران ذاكرته جمالات طبيعة وطنه، وجمالات أهل وطنه.

عندنا بضعة أمكنة ذات طابع سياحيّ، نزورها منذ أيّام الطفولة في رحلات مدرسيّة، وربّما لا نعود إليها زيارة ثانية في العمر.

في لبنان مئات القرى والمدن التي لا نعرفها، حتّى في كتب الجغرافيا المدرسيّة، تَعرَّفنا على بعضها في حرب تمّوز ٢٠٠٦، ونتعرّف في حرب "طوفان الأقصى" على بعضها الآخَر.

نُتابع الأخبار على مدار السّاعة: في هذه البلدة عشرات الضحايا والجرحى... في تلك لا يزال الناس تحت الأنقاض... هذه المدينة تَشهد حركة نزوح كثيفة... تلك تنتظر دَورها في القصف...

هكذا نتعرّف على لبنان الكبير، جغرافية موشومة بالدّم في ذاكرتنا.

نحن لم نعرف أنّ هذه القرية مشهور بصناعة ما، أو تلك بفاكهة ما... 

نحن نعرف أنّ كلّ القرى والمدن التي تَعرّفْنا عليها تشتهِر بالموت، فهو فخر الصّناعة اللبنانيّة.

نحن في وطن ليس لنا، وإن كنّا نملك صكّ ملكيّته في الأمم المتّحدة.

نحن في وطن، تُعرّفنا الحرب عليه، ونزور قراه ومدنه التي لا نعرفها مُهَجَّرين... منذ بداية الحرب اللبنانيّة في السبعينات، واللبنانيّون غُرباء في أرضهم، وممنوع عليهم أن يعرفوا وطنهم سياحةً وشَمِّ هَواء.

مِن اللبنانيّين مَن سمحَت له ظروفه بِزيارة دول العالَم كلِّه، لكنّ هذا اللبنانيّ الذي زار الأرض كلّها بين جناحَي الطّائرة، لا يستطيع أن يزور لبنان كلَّه، لأنّ بعض المَطارح في لبنان هي أبعد على اللبنانيّ من كندا وأميرك وأستراليا والصّين...

لا، لن نقول للحرب شكرًا، لأنّها تُعرّفنا على لبنان. لن نقول لها شكرًا على شيء. وأَلَّا نَعرِفً أسماء بلدات ومدن لبنانيّة، أفضل ألف مَرّة من أن نعرفَها مَوشومة بالدّم والموت والألم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa