إيران ومُقاوَماتها... صاحِب الكازينو لا يَلعب

02:07PM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة": 

تَعرف ولاية الفقيه جيّدا أنّ انتخاب رئيس للجمهوريّة اللبنانيّة لا تَخِيط له البدلة الرسميّة، وتتحكّم بربطة عنقه، هو بداية سَحْب الورقة اللبنانيّة من يدها. وعليه، فإنّ زيارة وزير خارجيّة إيران عبّاس عرقجي للبنان لم تكُن للإطمئنان على مَوجُوعيه بعدما صار نصف شعبه مهجَّرًا، في حين أنّ العالَم يشهَد بَيعَ طهران لِمُقاوِماتها بلا إحراج، وفي الوقت الذي تفرض فيه أميركا عقوبات ماليّة على "حَماس"، تُفرِج عن ستّة مليارات دولار لصالح طهران في سياق رفع العقوبات عنها. ولا شكّ في أنّ المشهد ليس سُرياليّا، فمِن الخطاب الودّيّ للرئيس الإيرانيّ مسعود بزشكيان يتّضح شهر العسَل الطويل بين طهران وواشنطن، فبزشكيان يعلن الأخوّة بين الشعبَين الإيرانيّ والأميركيّ، بينما المطلوب في لبنان وفلسطين واليمَن والعراق... أن تَهتف الحجارة:"الموت لأمريكا".

لقد استطاع مبعوث ولاية الفقيه إلى لبنان تفخيخ كلّ محاولات اللبنانيّين، الذين يحاولون التمسّك بِقشّة للنجاة من الغرق في بحر موت ما له آخر. ما يعني أنّنا أمام استكمال حرب وحشيّة على لبنان، بمساعدة إيرانيّة، تتجلّى بدعم استمرار نشاط المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، دعما لغزّة، على الرّغم من الأثمان الباهظة التي يدفعها اللبنانيّون، وهي متّجهة نحو المزيد.

تلتزم ولاية الفقيه الحياد عسكريّا، في مواجهة إسرائيل، وتواصل الخطاب الثوريّ والرّدّ العسكريّ الفولكلوريّ على العدوّ الإسرائيليّ مرّة كلّ عام.

وهي تأمن أيّ ردّ مدمّر من جهة إسرائيل، لأنّ المايسترو الأميركيّ يُشرف على الرّدّ، والرّدّ على الرّدّ، ويَقيس بمسطرته الصاروخ والطائرة والزمان والمكان والأضرار المحتمَلة...

تُكرّس ولاية الفقيه نفسها، يوما بعد يوم، صاحبة كازينو من كازينوهات الدّم العملاقة، واللاعبون هم كثيرون، لكن لا أحد منهم يجري في عروقه دمٌ إيرانيّ، لأنّ صاحب الكازينو لا يلعب، ليستمرّ الرابح الوحيد، ولا أحد من أولاده أيضا يجلس حول الطاولة القاتلة.

لقد حدثَ ما يمكن أن يجرّ طهران إلى القتال، لَو كانت صِدقا على وفاء ووحدة حال مع مُقاوَماتها، فاغتيال السيّد حسن نصر الله كافٍ لذلك، وقد أتى بعد سقوط عشرات آلاف القتلى في فلسطين، واغتيال اسماعيل هنيّه في إيران، واغتيال قيادات الصفّ الأوّل في حزب الله... وتجدر الإشارة إلى أنّ السيّد نصر الله هو صاحب الحضور الأوّل والأقوى والأكثر شعبيّة في ساحات ولاية الفقيه القتاليّة والسياسيّة، وعلى هذا المستوى يتخطّى خامنئي حضورا، فهل يكون من مصلحة ولاية الفقيه، غير المعلَنة، وضع حدّ نهائيّ لصورته التي وصلت إلى حدّ من التعظيم لم تبلغه صورة أحد غيره جهاديّا؟...

لن يعلن حزب الله رغبته في إيقاف الحرب، وفصل قراره عن قرار "حماس"، وإن كان ضمنيّا يحتاج إلى ذلك. وقد أتى القرار الإيرانيّ باستمرار السياق المأساويّ، حتّى موت آخر فلسطينيّ، وآخر جهاديّ في حزب الله، وآخر لبنانيّ أيضا.

ما يعني أنّ العدوّ الإسرائيليّ وصل إلى ما يريد، فهو يريد الاستمرار في حربه الوحشيّة، وليس موقف إيران سوى تحفيز له ودعم مُطلَق.

حين تعطّل إيران أيّ اتّفاق أو تفاوض يرمي إلى مصلحة لبنان، بين مكوّنات المجتمع اللبنانيّ السياسيّ، تقودنا نحو التفاوض الدائم بالدّم مع نتنياهو، بينما هي تفاوض بالكلام وتكسب وتستثمر في معاناتنا. 

فمتى يحقّ لنا أن نُفاوِض خارِج أكفاننا؟


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa