أَوقِفوا إطلاق النّار... لِنَبكي أنفُسنا

27/10/2024 10:09AM


كتب قزحيا ساسين في "السياسة":


تخُوض المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، حرب مساندة غزّة، تحت شعار وحدة الساحات، أي: مع مُقاومات ولاية الفقيه في اليمن، والعراق، ومع حليفتها "حماس" في فلسطين... وذلك بإعلان واضح من طهران أنّها لن تأتي بالدُّبّ الإسرائيليّ إلى كَرْمها، وستبقى على قيد حياة طبيعيّة، وقد أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، مُحٍبّ أميركا وشعبها، أنّ إيران ليست لبنان وفلسطين لِتكون ساحة خراب، فهي أكبر من أن تواجه بلحمها الحيّ، وأن تُحرق يديها لأنّ عندها مَن يَخبز عنها، ولَو نام هو جائعا.

لم تكن المأساة في هشاشة وحدة الساحات فقط، إنّما في عدم وجود ساحة من ساحات لبنان الكثيرة متّصلة بساحة المقاومة الإسلاميّة. فلا السُّنّة سقطت من ذاكرتهم صورة شهيدهم الرّمز رفيق الحريري، ولا نَسُوا السابع من أيّار "المجيد"، ولا الدروز مَحوا من دفاترهم أيضا محاولة ترويض الجبل في ذلك اليوم، ولا المسيحيّون غفروا لغة الاستكبار والتهديد... ولا ثوّار تشرين ذَوَّبوا الاضطهاد الذي عانوه في ماء النّسيان، ولا الرأي العامّ اللبنانيّ برَّأ حزب الله من الاغتيالات المتلاحقة لأحرار لبنان، ومن تعطيل القضاء في ملفّ تفجير الرابع من آب...

وليس صحيحا أنّ حزب الله يُظلّل الساحة الشيغيّة كلّها، فهو جزء منها، ومن الشيعة من يخالفه، ومنهم مَن يحالفه لأسباب معروفة، مثل حركة أمل، التي لم تدخل الحرب بِسَطلِها ورَطلِها، إنّما هي تساير المقاومة الإسلاميّة، وتدعم وقف إطلاق النار بما أوتِيَت من قوّة.

وعلى الرّغم من بُعد الساحات اللبنانيّة عن ساحة حزب الله، فإنّها كلّها احتضنت مهجَّري الحرب، وتعاطفت إنسانيّا معهم، غير أنّ هذا التعاطف لا يعني مُطلقا تأييد حزب الله، لا في عقيدته الجهاديّة، ولا في سلاحه، ولا في حرب يدفع ثمنَها جميعُ اللبنانيّين، وهم لم يريدوها يوما.

إنّ الإرث السلبيّ الثّقيل، الذي تركه حزب الله وراءه، بالنسبة لِتعاطيه لبنانيّا، لا يمكن إلّا أن يعمل ضِدّه، وإن نظر إلى كلّ الذين ليسوا معه في جهاده اليوم نظرة الأعداء، باعتبارهم "صهاينة الداخل"، فيكون السّواد الأعظم من اللبنانيّين صهيونيّا، وحزب الله وحده ينتمي إلى لبنان!

إنّ اللبنانيّين شبِعوا موتا، ومن حقّهم أن يؤسّسوا للحياة، في ظلّ دولة سيّدة قادرة. ومن حقّ أهل حزب الله وبيئته أيضا التوجُّه نحو حُبّ الحياة، لأنّها تليق بهم أيضا. وليس صحيحا أنّ وطنا يُبنَى على حساب ظُلم أيٍّ من أبنائه.

منذ بداية "طوفان الأقصى"، أعلن لبنان بكلّ مكوِّناته السياسيّة تضامنه مع الشعب الفلسطينيّ، غير أنّ قرار فتح النار من جنوب لبنان أتى من ولاية الفقيه، في طهران، ونحن في الواقع نسدّد فاتورة إيرانيّة بدمائنا وخراب بيوتنا، فطهران ترمينا في بئر النّار، وطهران تُخرِجنا بِجَرّتها رمادا.

ساندْنا بِما فيه الكفاية، ولم يعُد لنا لا أهل ولا دار، ومن حقّنا أن نأخذ وقتا لنبكي أنفسنا وتعتيرنا، ونحاول أن نضمّ بأيدينا طائرا جميلا، اسمُه: الأمل.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa