وطن الــ "نصف ساعة"

05:25PM

كتب رالف يونس في "السياسة":

لعلها العبارة التسويقية الأشهر في السياحة الداخلية والتي لطالما رددناها تباهيًا بجغرافية وطن عشقناه حتى الثمالة: "نصف ساعة تفصل بين الجبل والساحل، نصف ساعة نحتاجها للانتقال من قمم الثلوج إلى شاطئ البحر."

ولكن ما يجهله الخارج عن وطني أنَ نصف ساعة أيضًا تكفي للانتقال من السلام إلى الحرب، من الاستقرار إلى الفوضى، ومن الكرامة إلى الذل. في نصف ساعة  تقوم الثورة، ينهار الاقتصاد، نفقد أموالنا في المصارف، يُفَجَّر مرفأ العاصمة ومحيطه، نفقد بيوتنا وأرزاقنا وأحلامنا، وأحيانًا أطفالنا. نصف ساعة، وتجدنا شعبًا خارج الزمان والمكان، نبحث عن أرض تستقبلنا وعن تاريخ ينصفنا. هذا هو قدر اللبناني، في بقعة اعتقدنا أنها نعمة، لكنها تحولت إلى نقمة، حيث قد تحمل نصف الساعة في طياتها كل شيء، من الأمل إلى المأساة.

ومع كل ذلك، يبقى اللبناني متمسكًا بأرضه وهويته، متحديًا قسوة الزمن والجغرافيا، محاولًا في كل نصف ساعة أن يجد بارقة أمل بين الركام، وأن يعيد بناء ما تهدم، لأن في أعماقه يظل حب الحياة والقدرة على النهوض أكبر من كل المآسي.

كتبت يومًا: "لو كان لبنان سيدًا لكنت له عبدًا، ولو كان خطيئة لارتكبته عمدًا." نعم، سنرتكبك يا وطني، ولو كنت الخطيئة التي تُخرجنا من الجنة. سنحارب لأجلك بكل ما نملك من صبر، بكل ما نملك من ثبات وإرادة، لأنك جزء من ذواتنا ومن هويتنا التي نحملها في قلوبنا أينما ذهبنا. وسنسترجعك، ربما ليس في نصف ساعة ولكن سنسترجعك... ولو كلفنا ذلك نصف العمر الباقي.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa