المطران سويف: لبنان بحاجة للروح الإنسانية

25/12/2024 11:33AM

احتفل رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، بقداس عيد الميلاد عند منتصف الليل في كنيسة مار مارون في طرابلس، يعاونه الخوراسقف نبيه معوض والمونسيور جوزاف غبش، في حضور فاعليات وحشد كبير من المؤمنين.

وقال في العظة بعد الإنجيل: "إِلَى أَبْنَائِنَا، الْكَهَنَة وَالْمُكَرَّسِين وَالْعِلْمَانِيِّين الْأَحِبَّاء. أَتَقَدَّمُ مِنْكُمْ وَمِنْ جَمِيعِ اللُّبْنَانِيِّينَ بِأَصْدَقِ التَّمَنِّيَاتِ مِلْؤُهَا التَّجَدُّد بِالطِّفْلِ الْمَوْلُودِ فِي مَغَارَةِ بَيْتَ لَحْمٍ الَّذِي أَعْطَى السَّلَامَ لِلْعَالَم، ثَابِتِينَ بِالرَّجَاءِ نَخْتَبِرُهُ مَعَ الْمَسِيحِ الْكَلِمَةِ الَّذِي صَارَ جَسَدًا وَسَكَنَ بَيْنَنَا، نَعِيشُهُ إِنْطِلَاقًا مِنْ مَذْبَحِ الْإِفْخَارِسْتِيَا الَى مَذْبَحٍ نُشِيّدِهِ فِي بُيُوتِنَا وَعِيَالِنَا وَفِي رِحَابِ الْمُجْتَمَعِ الْإِنْسَانِيِّ حَيْثُ نَشْهَدُ لِمَلِكِ السَّلَامِ.  سَلَامٌ مِنْ طِفْلِ الْمَغَارَةِ وَاسْتِقْرَارٌ نَحْنُ بِأَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي وَطَنِنَا لُبْنَانَ وَهَذِهِ الْمِنْطَقَةِ الْمُتَعَطِّشَةِ إِلَى الطُّمَأْنِينَةِ وَالْأَمَانِ. فَتَعَالَوْا نَدْخُلُ إِلَى حَالَةٍ جَدِيدَةٍ وَمَنْطِقٍ جَدِيدٍ مَبْنِيٍّ عَلَى الْحُبِّ وَالْغُفْرَانِ وَالْوَحْدَةِ فِي دِينَامِيَّةِ الْحِوَارِ لِتَرْسِيخِ السَّلَامِ وَتَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ. تَعَالَوْا نُثْبِّتُ مَعًا قِيمَةَ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي هِيَ رَكِيزَةُ الْوَطَنِ. نَرْفَعُ الدُّعَاءَ الْيَوْمَ لِأَجْلِ وِلَادَةٍ حَقِيقِيَّةٍ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَلِصَحْوَةِ ضَمِيرٍ لَدَى الْقَيِّمِينَ وَلَدَى كُلِّ مَسْؤُولٍ كَيْ يَبْنِيَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ مَوْقِعِهِ ثَقَافَةَ الْمَحَبَّةِ وَقَبُول الْآخَرِ الْمُخْتَلِفِ فِي عَقِيدَتِهِ وَخِيَارَاتِهِ وَالَّذِي مَعَهُ نَشْتَرِكُ فِي أُخُوَّةٍ إِنْسَانِيَّةٍ عَمِيقَةٍ، هِيَ تجَلِّي رَحْمَةِ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ، تَجْعَلُهُمْ عَائِلَةً إِنْسَانِيَّةً وَاحِدَةً. هَذَا هُوَ السَّلَامُ الَّذِي حَلَّ بَيْنَنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، سَبَبُ فَرَحِنَا. سَلَامُ الْقَلْبِ وَطُمَأْنِينَةُ الرُّوحِ، مَشْرُوعُ الْمُصَالَحَةِ الَّذِي بَادَرَ بِهَا اللَّهُ أَوَّلًا نَحْوَ الْإِنْسَانِ بِإِبْنِهِ الْوَحِيدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. نَعَمْ أَيُّهَا الْأَحِبَّاءُ نَحْنُ نَدْخُلُ فِي سَنَةِ 2025 مِنْ الْبَابِ الْمُقَدَّسِ نَحْوَ يُوبِيلِ الرَّجَاءِ، يُوبِيلًا أَعْلَنَهُ لِلْكَنِيسَةِ الْجَامِعَةِ قَدَاسَةُ الْبَابَا فَرَنْسِيسْ لِنَكُونَ "حُجَّاجَ الرَّجَاءِ". وَيَسُرُّنَا نَحْنُ فِي الْأَبْرَشِيَّةِ أَنْ نُطْلِقَ الْمَسِيرَةَ الْيُوبِيلِيَّةَ تَحْتَ عُنْوَانِ: "أُعْلِنُ سَنَةً مَقْبُولَةً لِلرَّبِّ"(أَشْ 61: 2) طَالِبِينَ مِنْ الرَّبِّ نِعْمَةَ التَّوْبَةِ، أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ، وَفَرَحَ الْمُصَالَحَةِ الْكَوْنِيَّةِ. " بِهِ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ وَبِدُونِهِ مَا كَانَ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ " (يُو1: 3) فَنُجَدِّد إِيمَانَنَا بِالْمَسِيحِ الَّذِي انْتَصَرَ عَلَى الشَّرِّ وَخَطِيئَةِ الْكِبْرِيَاءِ وَالْمَوْتِ، فَولِدْنَا بِهِ وَمَعَهُ خَلِيقَةً جَدِيدَةً لِأَجْلِ بَشَرِيَّةٍ مُتَجَدِّدَةٍ ".

تابع: "بَدَأَ مَشْرُوعُ التَّجَدُّدِ بِالتَّجَسُّدِ، فَكَلِمَةُ اللَّهِ الَّذِي صَارَ إِنْسَانًا وَأَصْبَحَ نُقْطَةَ الْتِقَاءٍ بَيْنَ الْأُلُوهِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ. هَذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ وَنِعْمَتُهُ الَّتِي بِهَا تَتَجَدَّدُ الشَّرِكَةُ مَعَ اللَّهِ فِي مَشْرُوعِ حَيَاةٍ مُتَكَامِلٍ نَبْدَأُهُ فِي زَمَنٍ ضَيِّقٍ سَرِيعٍ كَالْبَرْقِ وَيُتَوَّجُ فِي أَبَدِيَّةٍ وَحُبٍّ بِلِقَاءِ الْحَمْلِ الْمَذْبُوحِ وَالْقَائِمِ عَنْ يَمِينِ الْآبِ. فَالْغَنِي افْتَقَرَ لِيُغْنِيَ فَقْرَنَا بِفَقْرِهِ وَغِنَاهُ، وَالْخَالِقُ مُعْطِي الْحَيَاةِ صَارَ طِفْلًا سُمِّيَ بِالْعَمَانُوئِيلْ وَهُوَ بِحَقٍّ اللَّهُ مَعَنَا وَنَحْنُ مَعَهُ فِي قَضِيَّةِ الشَّهَادَةِ لِلْقِيَامَةِ. يَكْتَمِلُ فَرَحُنَا بِوِلَادَةِ الطِّفْلِ الْإِلَهِ عِنْدَمَا نُجَسِّدُ التَّضَامُنَ الْإِنْسَانِيَّ فِيمَا بَيْنَنَا، فَحَدَثُ الْمَغَارَةِ هُوَ مَصْدَرُ إِيحَاءٍ لِمُبَادَرَاتٍ غَيْرِ مُنْقَطِعَةٍ تُعَبِّرُ عَنْ لِقَائِنَا بِالْمَسِيحِ فِي الْفَقِيرِ وَالْمُهَمَّشِ وَالْمَحْزُونِ وَالْمَرِيضِ وَالْمَجْرُوحِ وَالْمُهَجَّرِ، وَبِكُلِّ إِنْسَانٍ نَزَعُوا عَنْهُ ثَوْبَ الْكَرَامَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ. يَكْمُنُ مَعْنَى الْمِيلَادِ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ عِنْدَمَا نُسَاهِمُ مَعَ الْمَسِيحِ فِي تَوْشِيحِ كُلِّ إِنْسَانٍ ثَوْبَ الْحُبِّ وَالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ. فَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ رِسَالَتِنَا وَدَوْرِنَا وَكَيْفَ نَعِيشُ قَضِيَّةَ الْإِنْسَانِ؟ فَالْعِيدُ الدَّائِمُ هُوَ الْخَيَارُ بِخِدْمَةِ الضَّعِيفِ وَبِلِقَاءِ النَّاسِ وَكُلِّ النَّاسِ دُونَ عُنْصُرِيَّةِ التَّمْيِيزِ الدِّينِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ وَالثَّقَافِيِّ. فَبِيَسُوعَ تَسَاوَيْنَا فِي الْكَرَامَةِ وَدُعِيْنَا لِنَفْرَحَ بِبَشَرِيَّتِنَا الَّتِي تَحْتَفِلُ بِعِيدِ الْمَحَبَّةِ.  نَعَمْ يَا أَحِبَّائِي، لُبْنَانُ بِحَاجَةٍ لِلرُّوحِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَهَذَا الشَّرْقُ الْمُتَأَلِّمُ وَالتَّوَّاقُ الَى الْقِيَامَةِ يَحْتَاجُ الَى إِنْسَانِيَّةٍ رَاسِخَةٍ بِرُوحِ الْعَائِلَةِ. وَمَا أَجْمَلَ وَأَعْظَمَ مِنْ دِفْءِ الْعَائِلَةِ، إِذْ أَنَّهَا الْإِطَارُ الْبَشَرِيُّ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُحَقِّقَ الْخَلَاصَ عَبْرَهُ، فِي إِطَارِ بَيْتٍ حَلَّ فِيهِ الْكَلِمَةُ بِحُضُورِ يُوسُفَ الْمُرَبِّي وَالصِّدِّيقِ وَبِأُمُومَةِ مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الَّتِي حَمَلَتْ فِي أَحْشَائِهَا بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدْسِ مُخَلِّصِ الْعَالَمِ. فِي هَذَا الْبَيْتِ رَبى يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ وَكَبُرَ وَاسْتَعَدَّ لِإِعْلَانِ مَلَكُوتِ الْآبِ لِيَحْمِلَ صَلِيبَهُ وَيُحَرِّرَ الْإِنْسَانَ بِقِيَامَتِهِ. فَعَائِلَتُنَا الْيَوْمَ مَدْعُوَّةٌ أَنْ تَتَنَقَّى وَتَتَجَدَّدَ بِهَذَا الْحُبِّ الْإِلَهِيِّ وَالْإِنْسَانِيِّ وَأَنْ تَكْتَشِفَ رِسَالَتَهَا فِي حِمَايَةِ الْعَالَمِ مِنْ أَخْطَارِ التَّفَكُّكِ الْأُسْرِيِّ نَتِيجَةَ كِبْرِيَاءِ الْإِنْسَانِ".

وختم سويف: "نَعَمْ أَيُّهَا الْأَحِبَّاءُ، تَعَالَوْا نُسْجُدْ لِلطِّفْلِ الْإِلَهِ مُخْلِّصِنَا فَنُصْبِحَ بُنَاةً لِسَلَامِهِ مُتَجَدِّدِينَ بِالرَّجَاءِ شَاكِرِينَهُ عَلَى نِعْمَةِ حُلُولِهِ بَيْنَنَا وَسَائِلِينَهُ أَنْ يَزِيدَنَا تَضَامُنًا وَمَحَبَّةً فِيمَا بَيْنَنَا كَيْ نُصْبِحَ عَائِلَةً إِنْسَانِيَّةً تَحْيَا وَتَتَجَدَّدُ بِالْفَرَحِ وَالْحُبِّ وَالسَّلَامِ".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa