07:07AM
كتبت رنى سعرتي في نداء الوطن:
إذا قرّرت الحكومة المقبلة استخدام الإيرادات الضريبية أي إيداعاتها بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان، والاستغناء عن سياسة التقشّف في الإنفاق المتّبعة منذ عام ونصف، فإن النتيجة ستكون إما انهياراً في سعر الصرف أو انهياراً في احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية من 10.345 مليارات دولار الى 2,4 مليار دولار.
اتّبع مصرف لبنان منذ تولّي وسيم منصوري الحاكمية بالإنابة، سياسة لجم الإنفاق الحكومي وتخزين إيرادات الدولة لعدم ضخّها في السوق والتأثير على حجم الكتلة النقدية المتداولة والتي قلّصها وسيطر عليها للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ آب 2023. وهو ما يعتبر سياسة تثبيت لسعر الصرف بصورة غير رسمية من خلال ضخّ أو تأمين أي نقص يحصل في حجم الكتلة النقدية المحدّد بالليرة، في السوق. منذ حوالى عام ونصف، يستخدم مصرف لبنان إيرادات الدولة لديه لشراء الدولارات ورفع حجم احتياطيه من العملات الأجنبية، باستثناء القرار الذي اتّخذه في الحرب، وهو رفع سقف التعميمين 158 و166 مما أتاح للمودعين سحب مبالغ إضافية من حساباتهم في المصارف.
ماذا يعني ذلك؟ هذه السياسة المتّبعة تعني أنه إذا قررت الحكومة المقبلة، استخدام إيراداتها الضريبية على نفقات تشغيلية، استثمارية (إعادة إعمار وإعادة تأهيل ما دمّر في الحرب) أو حتّى أساسية أخرى باستثناء الرواتب والأجور، فالنتيجة ستكون إما انهياراً في سعر الصرف أو تراجعاً في احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية البالغ 10.345 مليارات دولار.
وفي حال تمّ استثناء إيداعات الدولة من الإيرادات الضريبية، من احتياطي مصرف لبنان واستثناء التزاماته بالعملات الأجنبية (من دون التطرّق إلى التزاماته للمصارف والمودعين)، فان احتياطيه سيتقلّص إلى 2,4 مليار دولار. مع الإشارة إلى أن إيداعات القطاع العام لدى مصرف لبنان ارتفعت بحوالى 1,78 مليار دولار منذ شباط 2024 ولغاية منتصف كانون الثاني 2025، في حين ارتفع احتياطي المركزي من العملات الأجنبية في الفترة نفسها بحوالى 863 مليون دولار، علماً أن الاحتياطي كان قد زاد 1,12 مليار دولار لغاية أيلول 2024 ( تاريخ اندلاع الحرب) وإيداعات القطاع العام كانت زادت بقيمة 1,46 مليار دولار، إلا أن تدخل مصرف لبنان في السوق خلال فترة الحرب، غيّر الأرقام.
وأوضح المستشار المالي مايك عازار لـ»نداء الوطن» أن الفجوة المالية البالغة حوالى 80 مليار دولار في كانون الاول 2020 والتي هي عبارة عن الفارق بين قيمة أصول المصارف ومصرف لبنان وبين قيمة الديون والودائع، ما زالت نفسها اليوم رغم تراجع حجم الودائع في القطاع المصرفي. مشيراً إلى أن الفارق الوحيد اليوم هو الارتفاع في قيمة احتياطي الذهب بحوالى 11 مليار دولار، مما ساهم في خفض حجم الفجوة المالية بالقيمة نفسها (11 مليار دولار) «إذا افترضنا أنه تمّ استخدام إجمالي احتياطي الذهب لتسديد أموال المودعين».
وشرح عازار أن حجم الفجوة المالية في 2020 كان يبلغ 85 مليار دولار أو 69 ملياراً مع احتساب قيمة الذهب، حيث كانت قيمة الأصول المصرفية تبلغ آنذاك حوالى 34 مليار دولار أو 50.8 ملياراً إذا تمّ احتساب قيمة الذهب معها (16.8 مليار دولار)، في مقابل حجم التزامات مصرفية كانت تبلغ 119.4 مليار دولار ( ودائع بقيمة 110.9 مليارات دولار والتزامات أخرى بقيمة 8,5 مليارات دولار).
أما اليوم، ولغاية تاريخ 15 كانون الثاني 2025، فإن حجم التزامات المصارف ومصرف لبنان بات يبلغ حوالى 102.3 مليار دولار ( تشمل 87,5 مليار دولار كودائع، و14,8 مليار دولار كالتزامات مصرف لبنان الأخرى والتزامات البنوك (ودائع القطاع العام، صافي التزامات المصارف تجاه القطاع المالي غير المقيم، التزامات مصرف لبنان الأخرى، سندات اليورو بافتراض استرداد 25 سنتاً).
في المقابل، تبلغ قيمة أصول القطاع المصرفي 19.4 مليار دولار (احتياطيات مصرف لبنان + قروض البنوك بالدولار الأميركي للقطاع الخاص (المعدّلة كقروض متعثرة non performing loans) بالإضافة إلى الأصول الأجنبية الأخرى للبنوك) وتصل إلى 44.2 مليار دولار إذا تم احتساب قيمة الذهب (24,8 مليار دولار)، وبالتالي فإن حجم الفجوة المالية لا يزال يبلغ اليوم 83 مليار دولار أو 58 ملياراً في حال احتساب قيمة الذهب. علماً أن حجم الودائع المصرفية تراجع منذ العام 2020 ولغاية اليوم من 111 مليار دولار إلى 87 ملياراً، وأن قيمة احتياطي الذهب ارتفعت 11 مليار دولار. ولكن ذلك قابله تراجع بحجم الأصول المصرفية من 34 إلى 19.4 مليار دولار نتيجة تراجع احتياطي مصرف لبنان والخسائر المتراكمة التي مني بها القطاع المصرفي طوال تلك الفترة.
تراجعت الالتزامات ولا تزال الفجوة المالية عند 83 مليار دولار
في النتيجة، أوضح عازار أن القطاع المصرفي يملك أصولاً تكفي قيمتها لتسديد ما بين 5 إلى 34 في المئة من الودائع ( في حال تم تصنيف جميع الودائع على أنها مؤهلة)، مرجّحاً أن ترتفع تلك النسب في حال غطّت الحكومة جزءاً من حجم الفجوة المالية المتراوح بين 58 و 83 مليار دولار، إلا أنه وفي ظلّ ناتج محلي إجمالي تبلغ قيمته حوالى 20 مليار دولار، قد يكون من الصعب على الحكومة المساهمة بنسبة تذكر في تغطية الفجوة.
ورأى عازار أن سياسة التقشف التي اعتمدها مصرف لبنان وانعدام الإنفاق الحكومي نجحا خلال الفترة الماضية في الحفاظ على استقرار الوضع النقدي إلا أنهما قيّدا النمو وقلّصا حجم الناتج المحلي الإجمالي، «وهو الأمر الذي لا يمكن أن يستمرّ مع استلام حكومة جديدة وظيفتها وإعادة إطلاق عجلة النمو الاقتصادي وتفعيل الاقتصاد»، لافتاً إلى أن الدولة تملك في حسابها لدى مصرف لبنان أموالاً كافية لإطلاق ورشة إعادة الإعمار ( حوالى 6.1 مليارات دولار) إلا أن استخدام تلك الأموال من دون تأمين بديل عنها ستكون نتيجته تراجعاً في احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية وبالتالي عدم قدرته على مواصلة اتّباع سياسة تثبيت سعر الصرف لأنه لن يملك آنذاك الدولارات لشراء الليرات من السوق وقد يضطّر للجوء إلى طباعة العملة، وتدخل البلاد مجدداً في دوّامة التضخم وانهيار سعر الصرف.
في الموازاة، يقول مصدر مصرفي إن احتساب الفجوة وفق هذا المفهوم لا يستند إلى حسابات منطقية، على اعتبار أن دفاتر مصرف لبنان وبياناته المالية، تُظهر بما لا يحتمل أي التباس، وجود مطلوبات عليه لمصلحة المصارف بما يوازي 86 مليار دولار. وبالتالي، عندما يحين موعد الحل، لا يمكن التعاطي مع «ودائع» القطاع العام على أساس أنها مقدسة، وفي المقابل التعاطي مع ودائع المصارف وكأنها غير موجودة ويمكن شطبها. كما لا يجوز التعاطي مع الاحتياطي الالزامي وكأنه مال مُباح للاستخدام.
يُضيف المصدر: بالمناسبة نلفت إلى أن الاحتياطي الالزامي في مصرف لبنان يجب أن يعود إلى النسبة المئوية التي حددها المركزي بنفسه، أي 14 في المئة من مجموع الودائع بالدولار، أي حوالى 12 مليار دولار، وما يشتريه مصرف لبنان من دولارات في السوق ينبغي أن يُضاف إلى الاحتياطي القائم لسد الفجوة، وصولاً إلى المبلغ القانوني.
يختم المصدر: من يحرص على حقوق المودعين، عليه أن يتعاطى مع الوقائع وفق هذا المنطق، كي يأخذ كل أصحاب الحقوق حقوقهم.
شارك هذا الخبر
الجيش الروسي يستولي على بلدة نوفوملينسك
ستريدا جعجع: الصراع اليوم يجب ألا يكون أبداً ما بين الحزبي وغير الحزبي
التحكم المروري: طريق كفردبيان حدث - بعلبك سالكة أمام جميع الآليات
لجنة العاملين في مستشفى الحريري تعلق الاعتصام
حادث سير مروع في مستيتا
بدء عملية تبادل الأسرى والمحتجزين بين حماس وإسرائيل في خان يونس
بعد أسابيع من اللهب..السيطرة على الحرائق الهائلة في كاليفورنيا
هل يعود رونالدو إلى ريال مدريد؟
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa