"خامس ما في"... أزمة كبيرة تؤخر ولادة الحكومة وضغط أميركي لضبط نفوذ الحزب

07:07AM

إستبق وصول الموفدة الرئاسية الأميركية الى لبنان والمنطقة مورغان اورتاغوس موقفاً أميركياً، تجاهل المهمة الاساسية المتعلقة بـ «ضمانات» وقف النار وتنفيذ الاتفاق ضمن المهلة الممتدة الى 18 شباط، والمرشحة لان تتمدد لفترات اضافية، بدعم اميركي، والتركيز على ملف تأليف الحكومة، من زاوية إبعاد اي دور لحزب الله داخلها، وبالتهديد بأن لبنان سيتعرض لعزلة اكبر ودمار اقتصادي، ما لم تشكل حكومة ملتزمة بالاصلاحات، وتحد من نفوذ حزب الله.

وبدت المسألة اكبر من خلاف على وزير او تسمية، بل تتعلق باستقلالية تشكيل الحكومة، وعملها في المرحلة المقبلة، بعيدا عن المناكفات والتدخلات.

وجاء هذا التطور، بعد ان انفضَّ الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا، والذي كان المأمول ان يتصاعد منه دخان مراسيم الحكومة الابيض، الى مغادرة، على خلاف بين الرئيس نبيه بري، الذي تمسك بتسمية الوزير الشيعي الخامس القاضي عبد الناصر رضا في الحكومة، والرئيس المكلف نواف سلام «لمياء مبيض»، والذي اكد انه من غير الممكن بالنسبة له التنازل عن تسمية الوزير الشيعي الخامس، حتى لا تكون الحكومة مُشكَّلة على غرار ما كان في السنوات السابقة، وحرصا على الحؤول دون تحول مجلس الوزراء الى متاريس داخلية، تمنع عليه اتخاذ القرارات، وسط رهانات عربية ودولية على ضرورة السير بالاصلاحات والتزام القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وجنوبه، لا سيما بالقرار 1701.

وعقد الاجتماع في قصر بعبدا ظهر امس، ضم رئيس الجمهورية العماد جوزف عون والرئيس نبيه بري والرئيس سلام، خصص للبحث في التشكيلة الحكومية الجديدة، وتم خلال اللقاء عرض المراحل التي قطعتها عملية التشكيل، وتم الاتفاق على مواصلة الرئيس سلام مشاوراته مع الجهات المعنية لاستكمال عملية التأليف.

وبعد نحو ساعتين، غادر بري القصر من الباب الخلفي قبل انتهاء الاجتماع الثلاثي، فيما بقي الرئيسان عون وسلام، حيث أفيد ان العقدة لا تزال في اختيار الوزير الشيعي الخامس. ليخرج بعد خمس دقائق سلام من دون الإدلاء بأي تصريح، واكتفى بالقول ردّا على سؤال ما إذا كان «مشي الحال» في عملية التشكيل: «مشي الحال وما مشي الحال».

وأفيد ان سلام طرح اسم لميا مبيض للتنمية الإدارية فرفضه بري، ثم طرح بري اسم القاضي عبد الناصر رضا بديلاً فرفضه سلام. وتردد ان «لدى تمسّك سلام بإسم لميا مبيض للمقعد الشيعي الخامس ردّ بري «اعملها حكومة مبيض» ومن ثم غادر الاجتماع من الباب الخلفي للقصر».

وكان يُفترض ان تُعلن الحكومة امس لكن بقيت تسمية الوزير الشيعي الخامس عالقة، واستمر التشاور حولها بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام والرئيس نبيه بري. كما استمر التشاور في تسمية الوزراء السنّة بعد غضب الكتل الثلاث (التوافق والاعتدال واللقاء التشاوري) من عدم الوقوف على رأيها في تسمية ولو وزيرين من طرابلس وعكار، فارضاً عليها الحقائب والوزراء المخصصين للطائفة السنية. بينما تردد ان التيار الوطني الحر قرر ان لا يشارك بالحكومة بعد منحه حقيبة واحدة، ويعقد النائب جبران باسيل مؤتمرا صحافيا ظهر اليوم الجمعة لإعلان الموقف من الحكومة. فيما خرج بعض تجمعات «نواب التغيير» والمستقلين من المولد راضياً وبعضهم الاخر ممتعضاً.

فشل الاجتماع الرئاسي

وعلى هذا التقدير اجتمع الرؤساء عون ونبيه بري وسلام وتم استدعاء الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية لتلاوة مرسوم تشكيل الحكومة على اساس ان تشكيلة الحكومة منتهية، وجاء في المعلومات الرسمية من القصر الجمهوري: عقد في قصر بعبدا، اجتماع ضم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام، خصص للبحث في التشكيلة الحكومية الجديدة، وتم خلال اللقاء عرض المراحل التي قطعتها عملية التشكيل، وتم الاتفاق على مواصلة الرئيس سلام مشاوراته مع الجهات المعنية لاستكمال عملية التأليف.وغادر الرئيسان بري وسلام القصر الجمهوري بعد انتهاء الاجتماع الذي استمر ساعتين، من دون الادلاء بأي تصريح. 

لكن تبيّن ان الرئيس سلام خالف التوقعات ولم يكن قد حسم اسم الوزير الشيعي الخامس، واراد فرضه على الرئيس بري لكن لم يتم التوافق عليه، وافادت المعلومات: انه خلال الاجتماع الثلاثي طرح سلام اسم مديرة «معهد باسل فليحان المالي لميا مبيض للتنمية الادارية فرفضه بري، ثم طرح بري اسم القاضي عبد الناصر رضا بديلاً فرفضه سلام. وتردد ان «لدى تمسك سلام بإسم لميا مبيض للمقعد الشيعي الخامس رد بري «اعملها حكومة مبيض» ومن ثم غادر الاجتماع من الباب الخلفي للقصر».

وافيد ان بري المح الى احتمال حجب الثقة عن الحكومة، وأيضاً ان الرئيس عون يتولى معالجة إشكالية الوزير الشيعي الخامس الذي يصر بري على ان يكون له رأي في تسميته.. وتردد ان حقيبة التنمية الادارية ستكون لوزير يوافق عليه حزب الله.

وبعد بري بعشر دقائق غادر الرئيس سلام، واكتفى بالقول ردا على سؤال ما اذا كان «مشي الحال» في عملية التشكيل: «مشي الحال وما مشي الحال». على امل استئناف المشاورات لاحقاً.ولم تنفع محاولة الرئيس عون للوساطة وعدم إنهاء الاجتماع.

وعقب انفضاض الاجتماع، أعيدت الاتصالات لاستكمال عملية التفاوض، خصوصاً أنّ الضغط الدولي المتزايد يدفع إلى الاسراع في عملية التأليف.

ولاحقا وزع المكتب الاعلامي لسلام بيانا مفاده: نقل زوار الرئيس المكلف الدكتور نواف سلام عنه، «إصراره المضي في تأليف الحكومة، وعدم نيته الاعتذار بتاتا».

ونقل عن الرئيس بري قوله امام زواره: لن ازور قصر بعبدا مجددا قبل اوافق على الاسم الشيعي المقترح، ويجب ان يزورني ويصعد الى بعبدا بمعيتي، واذا الثنائي الشيعي قاطعين قلبو لرئيس الحكومة يتفضل يعمل حكومة بالاهن، وما في اعتراض من جهتي.

وكان ملفتاً للإنتباه ان النائب في مجموعة التغيير مارك ضو كتب عبر منصة اكس خلال الاجتماع الرئاسي: «خامس ما في.. ما في خامس». وهو من اكثر النواب المؤيدين للرئيس سلام. وقال: المصلحة الوطنية تقتضي عدم مشاركة حزب الله بحكومة نواف سلام والمشكلة الوحيدة اليوم تكمن في تمسك بري بالتعطيل. وعاد ضو وكتب مساءً: «لا اعتذار مستمرون وإذا نسيتو لا خامس».

كما وبقي إنجاز بيان وزاري متوازن يُرضي كل الاطراف ويكون قابلاً للتنفيذ في شقّيه، السياسي المتعلق بموضوع السلاح والمقاومة والاستراتيجية الدفاعية وتطبيق باقي بنود اتفاق الطائف، و الشق الاصلاحي السياسي والاداري والاقتصادي والمالي وهو لا يقل صعوبة عن الشق السياسي نظراً لتداخل السياسة والمحسوبيات والانتماءات بالمال والاقتصاد والادارة. 

وامام الحكومة متى ابصرت النور تحديات وصعوبات محلية وخارجية في كيفية التعامل معها من دون توافق سياسي واسع تؤمّنه للحكومة الكتل النيابية، لا سيما اذا استمر الضغط الاميركي على العهد وسلام لإستبعاد حزب الله، وما لم يحصل سلام على ثقة نيابية معقولة ستواجه الحكومة عقبات وتعطيل من دون وجود الثلث المعطل فيها.

والاهم اكثر، الشق الخارجي الاقليمي الذي سيواجه الحكومة بعد الحرب ومعالجة نتائجها الاعمارية والمالية وبقاء الاحتلال في عدد من المناطق الجنوبية، وبعد المتغيرات التي حصلت في وضع المنطقة من سوريا الى العاصفة الهوجاء التي تسببت بها تصريحات الرئيس الاميركي دونالد ترامب بعد لقاء رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، حول «السيطرة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين وإعادة توطينهم في مصر والاردن ودول اخرى منها لبنان».

وما يمكن ان يزيد طين الحكومة بِلّة ما ذكره مسؤول في الإدارة الأميركية ودبلوماسي غربي ومصادر حكومية إقليمية، أنّه «من المقرر أن توجّه مبعوثة الرئيس دونالد ترامب مورغان أورتاغوس رسالة حازمة إلى الزعماء اللبنانيين خلال زيارتها بيروت، مفادها أنّ الولايات المتحدة لن تتسامح مع النفوذ غير المقيّد لحزب الله وحلفائه على تشكيل حكومة جديدة، حاملة رسالة أميركية بأنّ لبنان سيواجه عزلة أعمق ودماراً اقتصاديّاً ما لم يُشكّل حكومة ملتزمة بالإصلاحات والقضاء على الفساد والحدّ من قبضة حزب الله».

وسيلتقي الوفد الأميركي برئاسة مورغان أورتاغوس، ومعها نائب المبعوث الخاص للشرق الأوسط وإيريك تراغر، الرؤساء عون وبري، وسلام.

وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية لـ«رويترز»: «من المهم بالنسبة لنا أن نُحدّد الصورة التي نعتقد أن لبنان الجديد يجب أن يبدو عليها في المستقبل»، مؤكداً أن «واشنطن لا تختار وزراء الحكومة بشكل فردي ولكنها تضمن عدم مشاركة حزب الله في الحكومة».

أضاف المسؤول: «كانت هناك حرب وهُزم حزب الله ويجب أن يظل مهزوماً... أنت لا تريد شخصاً فاسداً. إنه يوم جديد للبنان. لقد هُزم حزب الله، والحكومة الجديدة بحاجة إلى مواكبة هذا الواقع الجديد».

وبرغم تخصيص حقيبة له، أعلن «التّكتّل الوطني المستقل» الذي يضم نائب تيار المردة طوني فرنجية، أنه «بعد المسار الإستنسابي وازدواجيّة المعايير التي اتّبعها الرئيس المكلّف نواف سلام، الذي أظهر انحيازاً فاضحاً لبعض القوى السياسية على حساب قوى أخرى، إذ أنه في الوقت الذي يدّعي فيه عدم رغبته في تمثيل الأحزاب السياسية، نراه يمنح قوى محدّدة وزارات سياديّة وخدماتيّة أساسية، وذلك في تناقض صارخ مع ما يُروّج له».

وقال: أمام كلّ ما تقدّم، نطالب بأن تكون معايير تشكيل الحكومة واضحة وموحّدة، فيتمّ التعامل مع الجميع بمساواة، وفق أسس الدستور والميثاق الوطني، لا وفق الأهواء والمزاجية السياسية. كما نعوّل على فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي نثق بأنه لن يقبل بمثل هذه السّياسات الكيدية والممارسات الإنتقائية التي تعمّق أزماته.

واكد التكتل انه «انطلاقًا من مسؤوليّتنا الوطنيّة، أننا لم ولن نكون في موقع المعطّل والعائق أمام إنتاج الحكومة، بل على العكس، نحن من دعاة تسهيل هذا العهد الجديد، حتى لو كان ذلك على حسابنا السياسي.

وكان الرئيس المكلف زار دار الفتوى والتقى المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، حيث اطمأن الى صحته واطلعه على مسار عملية تأليف الحكومة، واكد الرئيس سلام انه يعمل بكل ما أوتي من قوة للاسراع في تشكيل الحكومة، واكد الشيخ دريان على صلاحيات الرئيس المكلّف، وعدم التساهل في هذه الصلاحيات، بالتنسيق مع رئيس الجمهورية.


المصدر : اللواء

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa