واشنطن "تسهّل" المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية

18/05/2019 06:35AM

تجاوبت الولايات المتحدة مع طلب لبنان المتجدد لاستئناف مساعيها بينه وبين إسرائيل، للتوصل إلى حل لترسيم الحدود البحرية، وتذليل الخلاف بين البلدين. ففي أقل من أسبوع أوفدت واشنطن مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى بالوكالة، السفير ديفيد ساترفيلد، الخبير في الشؤون اللبنانية، نظراً إلى الفترة الطويلة التي شغل فيها مناصب دبلوماسية في السفارة، وقدّم نفسه إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم كـ«مسهّل» Facilitor، وليس كـ«وسيط» Mediator.

ويشرح سفير لبناني شارك في مفاوضات السلام التي جرت في مدريد لـ«الشرق الأوسط» الفرق بين العبارتين، قائلاً إن «المسهّل هو من يساعد على تذليل الخلاف وتلافي النزاع قبل وقوعه لإيجاد حل». وتابع: «المسهّل ليس طرفاً أساسياً في التفاوض، علماً بأنه من المفترض أن يكون المسّهل حيادياً بالكامل، مثله مثل الوسيط».

وعقّب مسؤول التقى ساترفيلد قائلاً: «كنت أنتظر أن يكون الدور الأميركي أكثر من (مسهّل)؛ لأن النزاع مع خصم يريد أن يسيطر على الجزء الكبير من كميات الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة»، مشيراً إلى أن إسرائيل تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية بقوة السلاح، وحاولت سرقة كميات من مخزون الغاز في تلك المنطقة. وقال إنه بناء على تلك الوقائع «أثار المسؤولون هذه المسألة مع واشنطن ومراجع دولية، وقالوا إن تل أبيب إذا أقدمت على سرقة الغاز، فإن ذلك سيؤدي إلى اشتباكات لا أحد يعلم كيف ستنتهي».

وقال المصدر نفسه: «علينا أن ننتظر إنجاز محادثات ساترفيلد في تل أبيب، ومعرفة مدى تقبّلهم لآلية التفاوض المقترحة من لبنان، وما إذا كانت الملاحظات عليها قابلة للتفاوض؛ لأنه إذا كان ذلك إيجابياً فسيصار إلى تحديد كيفية إدارة الجلسات ومواعيدها».

وتوقع المصدر نفسه أن يبذل ساترفيلد جهداً لإقناع الجانب الإسرائيلي بآلية الاتفاق، التي تتمحور على أن تقبل إسرائيل بأن يتم التفاوض برعاية الأمم المتحدة وبمتابعة أميركية، على غرار الترسيم البري.

وتجدر الإشارة إلى أن مبعوثاً جديداً سيكمل الدور الأميركي، هو السفير ديفيد شنكر، بعد موافقة الكونغرس على تعيين ساترفيلد سفيراً لبلاده لدى تركيا.

في سياق متصل، حاول أكثر من مسؤول الاستفسار عما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيشمل لبنان بتوجيه ضربات عسكرية ضد «حزب الله»، بعدما ذكر أكثر من مسؤول أميركي أن التنظيمات التي تدعمها إيران مالياً وعسكرياً ستشملها عمليات هجومية، لإنهاء التهديدات للدول أو لمصالحها.

وأجمعت مصادر الرؤساء الثلاثة: عون وبري والحريري، على أن ساترفيلد اكتفى بالحديث عن التصعيد بين بلاده وإيران، إلا أنه لم يعطِ معلومات دقيقة رداً على الاستفسار اللبناني.

وفي السياق نفسه، علمت «الجمهورية» انّ ساترفيلد سيعود الى بيروت نهاية الاسبوع الجاري، على ان يجري لقاءات مع الرؤساء الثلاثة الاثنين المقبل، وقد تحدّد له موعد في هذا الاطار مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وقالت مصادر معنية بملف الحدود البحرية لـ«الجمهورية»: انّ الاجواء المحيطة بحركة ساترفيلد إيجابية أكثر من اي وقت مضى، فاللهجة الاميركية مغايرة للسابق، وثمة رغبة أكيدة وواضحة عَكسها ساترفيلد للمسؤولين اللبنانيين بإنهاء هذا الملف في أقرب وقت ممكن، عبر اتفاق يرضي الطرفين اللبناني والاسرائيلي. وكان لافتاً للانتباه الليونة التي أبداها ساترفيلد حيال الموقف اللبناني، وإعلانه موقف واشنطن التي ترغب في ان يشكّل هذا الاتفاق، إذا حصل في وقت سريع، فرصة ثمينة للبنان في بدء الاستفادة من ثروته النفطية والغازية في البحر على الحدود الجنوبية.

ساترفيلد

وبحسب المصادر، فإنّ ساترفيلد عكسَ للمسؤولين اللبنانيين، بأنه يتوقع أن يأتي بمواقف إيجابية من الجانب الاسرائيلي، الّا انّ هذا الامر يبقى بلا اي معنى في انتظار ما سيعود به المسؤول الاميركي من اسرائيل.

وأقرّ مسؤول كبير بأنّ الاجواء تبعث على التفاؤل، إنما لا يجوز الافراط فيه، وقال لـ«الجمهورية»: لقد سمعنا كلاماً ايجابياً مباشراً من المسؤول الاميركي، وأبلغنا انه سيقوم بدور الوسيط النزيه، وهذا الموقف يناقض ما جاء به ساترفيلد في الفترات السابقة حيث كان موقفه ينطق باللسان الاسرائيلي، امّا اليوم فبَدا لنا انّ الأمر مختلف، وعلى اي حال، وعدنا بإيجابيات من اسرائيل ونحن ننتظر، ونتمنى ان يصدق، مع انني شخصياً أشكّ في ان تبادر اسرائيل الى تقديم ايجابيات، وعندما يعود سنستمع الى ما لديه، وفي ضوء ما يعرضه علينا نبني على الشيء مقتضاه.

وعن سبب انتقال الموقف الاميركي من متناغم مع الموقف الاسرائيلي، الى موقع «الوسيط النزيه»، قال المسؤول الكبير: هناك انتقال صحيح، ولكنه حتى الآن مجرّد كلام، والحكم عليه يكون في خواتيم الامور، والكلام عن السعي «النزيه» سبق ان أطلقه وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو خلال زيارته الاخيرة الى لبنان.

أضاف، لكنني من جهة ثانية اعتقد انه قد يكون هناك سبب جوهري يدفع الاميركيين الى هذه الليونة في الملف البحري، وهو انّ العديد من الشركات ستبدأ العمل في التنقيب قريباً، ومعلوم هنا انّ لبنان وقّع العام الماضي عقوداً مع 3 شركات هي: «توتال» الفرنسية و«ايني» الايطالية و«نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز، وقد اقترب موعد البدء بعمليات التنقيب. ومن هنا لا أستبعد ابداً ان يكون وراء هذه الليونة هدف آخر، وهو فتح الباب امام شركات اميركية للدخول على خط الاستثمار البحري في النفط والغاز.

وعمّا اذا كان تبدّل ما قد طرأ على الموقف اللبناني، قال المسؤول الكبير: لا يوجد اي تغيير بالموقف اللبناني، وهو ما عبّر عنه الرؤساء الثلاثة قبل ايام للسفيرة الاميركية قبل وصول ساترفيلد، ومفاده انّ لبنان يؤكد على تمسّكه الثابت بسيادته على برّه وبحره وجوّه، وانه مع الترسيم بما يؤكد هذا الحق، وبالتلازم والتزامن بين البر والبحر.


المصدر : الشرق الأوسط

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa