رسائل تشييع نصرالله: محاولة لتشريع المقاومة

07:08AM

كتب محمد حمية في الجمهورية: 

إنطوى يومُ التشييع التاريخي للسيدَين الأمينَين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين على جملة رسائل للداخل والخارج.


- شكّل الإختبار الأهم لقوة «حزب الله» بعد الحرب الإسرائيلية- الأميركية- العالمية للقضاء عليه، فكان التنظيم والإدارة لهذا التشييع الأضخم في تاريخ لبنان والمنطقة، رسالة حاسمة مفادها أنّ الحزب، وعلى رغم من الظروف القاسية الداخلية والخارجية ومحاولة حصاره وخنقه، خصوصاً استشهاد قائده وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، تمكن من ترميم أوضاعه الداخلية على المستويات التنظيمية والمالية والهيكلية القيادية، وبالتالي أسقط نظرية «انتهاء حزب الله».

- شكّل اختباراً لمدى قدرة الحزب على الحشد الشعبي، إذ ظنّ كثيرون في الداخل والخارج أنّ الضربات المؤلمة التي تلقّاها على المستويات العسكرية والقيادية والمالية والمتغيّرات الجيوبوليتيكية في المنطقة والمعادلات السياسية الجديدة في الداخل، ستنعكس على حاضنته الشعبية التي تُشكّل العمود الفقري لقوته واستمراريّته وليس سلاحه أو أمواله، بالإضافة إلى أنّ فكّ بيئة المقاومة عن الحزب شكّل محور الحرب الأميركية - الإسرائيلية - الغربية السياسية والإعلامية والنفسية والمالية والاقتصادية منذ عقود، وأخيراً الحرب العسكرية عليه. وكانت الخطة تحميله كل الخراب والدمار والخسائر البشرية والمادية التي لحقت ببيئة المقاومة جراء الحرب الأخيرة، وبالتالي تأليب البيئة عليه، ما يشكّل الضربة القاضية له وبالتالي للمقاومة في لبنان، ما ينزع المظلة الأساسية لسلاح المقاومة وهي الشرعية الشعبية، إلّا أنّ النتائج جاءت معاكسة وصادمة لدوائر القرار الأميركي والغربي، إذ زحفت الحشود الشعبية من الجنوب والبقاع والشمال والجبل وبيروت وضواحيها إلى المدينة الرياضية... وإذا كانت الحشود احتشدت لتشييع السيد نصر لله، إلّا أنّها شكّلت مبايعة لنهجه وبالتالي استفتاءً على خيار المقاومة.

 

- أظهر التشييع المليوني أنّ بيئة المقاومة ليست محصورة ببيئة «حزب الله» وحركة «أمل» أو بالطائفة الشيعية، بل شملت كافة المناطق والطوائف والأحزاب والتيارات السياسية، وهذا ما أظهرته الوفود الرسمية في المنصة الأساسية ورايات الحشود الشعبية المشاركة، ما يؤكّد احتفاظ المقاومة بمظلة شعبية وسياسية وطنية لم تتغيّر بعد الحرب.


- أظهر الحزب قدرة كبيرة على إدارة هذه الحشود المليونية التي تحتاج إلى عشرات آلاف العناصر لإنجاز هذه المهمّة ومن دون أي إشكال أو توتر أمني ولا حتى خطأ فني، ما يُثبِت تعافي الحزب بعد الحرب، كما أظهر حجم التنسيق بين قيادة «حزب الله» مع قيادة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية وانضباط أمن الحزب بخطة مجلس الأمن المركزي.

 

- شكّل حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري بالأصالة عن نفسه ووكالة عن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بالإضافة إلى ممثل رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام وزير العمل محمد حيدر، ونواب ووزراء من كتل نيابية وتيارات سياسية مختلفة، مظلة «دولتية» شرعية للمقاومة، تُكرّس ما ذكره البيان الوزاري حول حق لبنان (دولة وشعباً وجيشاً) بالتحرير والدفاع.

- أظهرت صراخات المشيِّعين وهتافاتهم «الموت لإسرائيل» و»لبيك يا نصر الله» خلال خرق الطائرات الحربية الإسرائيلية أجواء المدينة الرياضية، تمسك جمهور المقاومة الوطني بخيار المقاومة والعداء للكيان الإسرائيلي وتأهّباً للمواجهة وبذل التضحيات في حال شنّ العدو حرباً جديدة على لبنان، ما يخالف ترويج بعض الدوائر السياسية والإعلامية بأنّه لم يَعُد لدى الحزب وبيئته القدرة على مواجهة حرب جديدة، وأنّ السلاح أصبح غير ذي جدوى ويجب تسليمه للدولة ليصار إلى تفجيره لاحقاً.

- جاء التشييع بكل معانيه ليشكّل أبلغ ردّ على زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لبيروت وتصريحاتها المستفزة، والتي بشّرت من بعبدا بهزيمة «حزب الله» عسكرياً، وشكرت «إسرائيل» على ذلك! وقطع أحلام المراهنين في الخارج والداخل على انهيار شعبية «حزب الله» وحركة «أمل» كحاضنَين للمقاومة وسلاحها.

- جاء خطاب الأمين العام للحزب ليستند إلى هذا الجبل الشعبي الشاهق الذي احتضن المقاومة كما احتضن سيدها، بإعلانه أنّ المقاومة مستمرة طالما هناك احتلال وتهديد إسرائيلي، مع مَدّ اليد للدولة والجيش اللبناني والوقوف خلفهما، وقطع الطريق على دعوات البعض لنزع سلاح المقاومة من دون ضمانات وعناصر قوة لبنانية حقيقية بديلة، مع عدم ممانعة الشيخ قاسم البحث في مسألة السلاح ضمن إطار سياسة دفاعية تُحصِّن لبنان في مواجهة الأخطار المحدقة من كل حدبٍ وصوب.

 

- أسقط حضور الوفد الرسمي الإيراني الرفيع لمراسم التشييع مع كلمة ممثل الإمام الخامنئي في العراق، وكسر الحصار الجوي الأميركي على الطيران الإيراني إلى مطار بيروت وجولة الوفد الإيراني على الرؤساء الثلاثة، رسالة بالغة بأنّه لا يمكن قطع العلاقات الإيرانية مع «حزب الله» ولا مع الدولة اللبنانية.

- شكّلت مشهدية التشييع، وجود جمهور عربي عالمي داعم للمقاومة في لبنان والمنطقة في مواجهة المشاريع الأميركية - الإسرائيلية التي تستهدف أمن المنطقة ومستقبلها، وذلك بحضور شخصيات رسمية وسياسية ودينية وفكرية من 70 دولة عربية وإسلامية وغربية ومن مختلف القارات.

cm-notify.gif

cm-notify.gif

da8470a7dda716277c26e6b5a3905b8c.gif


المصدر : الجمهورية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

تواصل إجتماعي

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa