01:21PM
كتب طارق أبو زينب في نداء الوطن:
في مشهد يحمل أبعاداً سياسية ورمزية غير مسبوقة، فتحت دمشق أبوابها أمام وفد من اليهود السوريين المقيمين في الولايات المتحدة، في زيارة مفاجئة إلى كنيس جوبر الأثري، أحد أقدم المعابد اليهودية في الشرق الأوسط. هذه الخطوة، الأولى من نوعها منذ عقود، أثارت تساؤلات حول مغزاها وتوقيتها، خصوصاً أنها تأتي وسط مشهد إقليمي متشابك، حيث لا تزال العلاقات السورية - الإسرائيلية محكومة بالتوتر والصراع، في وقت تشهد فيه المنطقة تحوّلات استراتيجية كبرى. ضم الوفد شخصيات بارزة من الجالية اليهودية السورية، من بينهم الحاخام يوسف حمرا والحاخام آشر لوباتين، ما يعكس دلالات تتجاوز البعد الثقافي أو التراثي لهذه الزيارة.
في خضم تحولات إقليمية متسارعة، تسعى السلطات السورية إلى إعادة رسم خارطة علاقاتها مع الجاليات السورية في الخارج، في خطوة قد تعكس تحولاً استراتيجياً لاستقطاب فئات كانت لعقود بعيدة عن المشهد السياسي، من بينها الجالية اليهودية. يتزامن هذا التوجه مع اختتام "مؤتمر الحوار الوطني" السوري، الذي ركّز على استشراف مستقبل البلاد السياسي، ما يعزز التكهنات بأن دمشق تسعى إلى تحسين صورتها وكسب نقاط على الساحة الدولية.
في المقابل، تتجه الأنظار نحو الجنوب السوري، حيث تتصاعد التوترات على وقع تهديدات إسرائيلية بالتدخل لحماية الدروز في جرمانا، عقب مواجهات بين مسلّحين محليين وقوات الأمن السورية. وفي ظل تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية على مواقع عسكرية داخل سوريا، تجد السلطات السورية نفسها أمام تحدٍ جديد قد يعيد خلط الأوراق ويدفع المنطقة نحو تصعيد غير محسوب العواقب.
هل هي محاولة دبلوماسية أم مناورة سياسية؟
ترى مصادر سياسية سورية مطلّعة أن تحرك دمشق لتحسين صورتها دولياً، خصوصاً من خلال التواصل مع الجالية اليهودية واستقبالها في العاصمة، يعكس سعيها إلى فتح قنوات جديدة مع القوى المؤثرة في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد تخلّيها عن خطاب الإسلام السياسي المتشدد. ولكن، يبقى السؤال الأهم: هل تشكل هذه الزيارة خطوة فعلية نحو ترميم العلاقات بين سوريا والجالية اليهودية السورية، أم أنها مجرد مناورة سياسية تهدف إلى تحسين صورة الإدارة السورية الجديدة أمام المجتمع الدولي؟
التصعيد العسكري مقابل الانفتاح الدبلوماسي
أوضح المصدر أنه في الوقت الذي تسعى فيه سوريا إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الغربية والعربية، تواصل إسرائيل تصعيد هجماتها العسكرية في جنوب سوريا، مستهدفة مواقع استراتيجية في درعا، كما نفذت عمليات توغل على الحدود بين درعا والقنيطرة. يأتي هذا التصعيد في وقت تعمل فيه السلطات السورية على استعادة ممتلكات الطائفة اليهودية التي صادرها النظام السابق. ويبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كانت زيارة وفد اليهود السوريين تهدف إلى إرسال رسالة سياسية إلى إسرائيل. ومع ذلك، يبدو أن تل أبيب ماضية في نهجها العسكري، غير آبهة بالخطوات الإنسانية والسياسية التي تقوم بها الحكومة السورية تجاه اليهود السوريين.
يعتبر العديد من المراقبين أن التصعيد العسكري الإسرائيلي يشكل جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى القضاء على أي قدرات عسكرية دقيقة في سوريا، بغض النظر عن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها دمشق. في الوقت الذي تعتمد فيه السلطات السورية على الدبلوماسية الهادئة، يأتي الرد الإسرائيلي باستخدام القوّة العسكرية، ما يحوّل سوريا إلى ساحة للصراعات المعقدة والمصالح الإقليمية المتضاربة.
الاستراتيجية السورية في مواجهة الضغوط الدولية
من جانب آخر، أكد مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فضل عبد الغني، في تصريح خاص لـ "نداء الوطن"، أن التدخل الإسرائيلي في سوريا يمثل اعتداءً مستمراً على سيادة الدولة السورية. وحذر من أن هذه الممارسات قد تقوّض الاستقرار الإقليمي. وأشار عبد الغني إلى أن إسرائيل قامت بإنشاء ما لا يقلّ عن تسع قواعد عسكرية في جنوب سوريا، تحديداً في مناطق مثل القنيطرة ودرعا، حيث تُستخدم كنقاط انطلاق لدوريات إسرائيلية تتجه إلى مواقع استراتيجية داخل سوريا. هذا التدخل العسكري الإسرائيلي لا يعكس فقط استمراراً لسياسة الضغط على سوريا، بل يشير إلى تقاعس المجتمع الدولي عن فرض توازن بين القوى المتصارعة في المنطقة، ما يجعل التحديات التي تواجه دمشق في إطار سياستها الإقليمية أكثر تعقيداً.
هل ستكون هذه الزيارة نقطة تحوّل؟
مع تصاعد التوترات العسكرية والضغوط السياسية على دمشق، تظل التساؤلات حول مغزى هذه الزيارة قائمة. هل تمثل خطوة حقيقية نحو استعادة العلاقات بين سوريا والجالية اليهودية السورية؟ أم هي مناورة سياسية تمهّد لإقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا وإسرائيل؟
في هذا السياق، يبقى السؤال الأهم: هل زيارة الوفد اليهودي السوري تمثل مفتاحاً لفهم مسار السياسة السورية في المرحلة المقبلة؟ قد تكشف الأيام القادمة المزيد من تفاصيل هذه التحوّلات، ما قد يفتح المجال للتفكير في آفاق سياسية أوسع، قد تشير إلى تغييرات كبيرة في العلاقات بين سوريا ودول المنطقة، خصوصاً في طريقة تعاملها مع الضغوط العسكرية الإسرائيلية.
شارك هذا الخبر
بالفيديو: اشتباكات في الكنيست الاسرائيلي
مداهمات وتوقيفات لشركات صرافة غير شرعية
إبراهيم الصقر يفجّر مفاجأة: السيّد لم يكن بالتابوت. وطوبى لصانعي "السلام"!
مشاجرة توقف تصوير مسلسل "الأميرة" لياسمين صبري
إليكم هوية منفذ حادث الدهس في ألمانيا
نتنياهو: تفجيرات البيجر في لبنان خلقت انعطافة أدت إلى إسقاط نظام الأسد
توقيف متورط بقطع 30 طنًا من أشجار قرطبا
الجلد 99 مرة.. عقوبة محتملة لرونالدو في إيران
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa