بعد عقود من الإقفال... عودة سينما "كوليزيه" في شارع الحمرا

كتب اتحاد درويش في "الأنباء الكويتية":

تحاول جمعية «تيرو للفنون» و«مسرح اسطنبولي» مع عدد من الناشطين والمتطوعين بعث الروح مجددا في دور السينما القائمة في شارع الحمرا الذي يعتبر جزءا مهما من تاريخ بيروت ولبنان والعرب. تأتي الخطوة بعد سنوات من انعدام مظاهر الحياة في هذا الشارع الذي عاش فترة من الازدهار الكبير قبل الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما (1975 - 1990)، والتي كان لها تأثيرها البالغ على هذا الشارع الذي يعتبر قلب بيروت كمنطقة تسوق وسياحة، وملتقى الأدباء والمثقفين والسياسيين، حيث تنتشر فيه أشهر المسارح وصالات السينما ودور النشر والمقاهي والمطاعم التي أقفل البعض منها وتراجع البعض الآخر.. وجرت محاولات حثيثة لكي يستعيد هذا الشارع حيويته ورونقة والعودة به إلى أيام العز، فهل تنجح المحاولات لإعادته إلى مجده؟

ففي خطوة طموحة اختارت جمعية «تيرو للفنون» و«مسرح اسطنبولي» سينما «كوليزية» لإحياء ذاكرة شارع الحمرا ودوره الأساسي في حياة العاصمة، ولإيجاد حيز وولادة جديدة للمكان بعد عملية ترميم وتأهيل للسينما كواحدة من أقدم دور العرض السينمائية التي تأسست عام 1945 وشهدت على الزمن الذهبي للمسرح والسينما في لبنان، وكانت تعرض فيها أهم الأفلام العربية والأجنبية.

واستكمالا للمشروع الحلم الذي بدأته الجمعية والمسرح من صور إلى النبطية وطرابلس، أعلنت عن موعد افتتاح سينما «كوليزية» العريقة بعد عقود على إقفالها في شارع الحمرا، لتتحول إلى المسرح الوطني اللبناني.

وقال مؤسس المسرح الوطني اللبناني الممثل والمخرج قاسم اسطنبولي في حديث خاص لـ«الأنباء» أن هذا الحدث يأتي بالتزامن مع إطلاق مهرجان بيروت المسرحي الدولي في أبريل المقبل بمشاركة عربية وأجنبية.

وبحسب اسطنبولي، فإن الهدف من إعادة ترميم سينما «كوليزيه» التي هي واحدة من أقدم دور العرض السينمائية في بيروت، الحفاظ على دور السينما القديمة كجزء من التراث والهوية والذاكرة المجتمعية لبيروت.

ولفت اسطنبولي إلى أن إعادة تأهيل سينما «كوليزيه سبقتها خطوة مماثلة قمنا بها وهي فكرة المسرح الوطني اللبناني، أي إقامة صلة بين الجنوب والشمال وبيروت، كونه تكملة لحلمنا الذي كان قد بدأ مع تأسيس المسرح الوطني اللبناني في صور منذ سبعة أعوام، وهذا أول مسرح وسينما مجاني في لبنان».

وقال اسطنبولي: «بفضل جهود الشباب المتطوعين، سوف نحقق حلمنا بأن يكون الفن حق للجميع، ونكسر الجدار الوهمي بين المناطق اللبنانية عبر الفنون وربطها ببعضها البعض من خلال المساحات الثقافية، سعداء أننا نعيش الحلم في بيروت التي تعتبر ثاني أكثر مدينة تحوي صالات سينما في تاريخ لبنان. 29 صالة كانت موجودة في ساحة البرج، و16 في منطقة الحمرا التي تأسست فيها العديد من المسارح التي شهدت على أعمال أهم المسرحيين في لبنان والعالم».

وأضاف إسطنبولي الذي حصل على جائزة الأونيسكو للثقافة العربية في باريس عام 2023، وتم تعيينه مستشارا ثقافيا في المجلس الاستشاري لمؤسسة التبادل الثقافي في بوسطن بالولايات المتحدة، وفي مجلس أمناء أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، أنه قدم على مدار 16 عاما العديد من الأعمال المسرحية في أكثر من 23 دولة، وأسس فكرة «مسرح اسطنبولي» عام 2008. كما ساهم في تأسيس جمعية «تيرو للفنون» عام 2014، وهي جمعية يقودها الشباب المتطوعون بهدف انشاء مساحات ثقافية حرة ومستقلة في لبنان، من خلال إعادة تأهيل سينما «الحمرا» وسينما «ستارز» في النبطية وسينما «ريفولي» في مدينة صور، والتي تحولت إلى المسرح الوطني اللبناني، كأول مسرح وسينما مجانية في لبنان. كذلك سينما «أمبير» في طرابلس التي تحولت هي أيضا إلى المسرح الوطني اللبناني، إضافة إلى إقامة الورش والتدريب الفني للأطفال والشباب، وإعادة فتح وتأهيل المساحات الثقافية وتنظيم المهرجانات والأنشطة والمعارض الفنية. وتقوم الجمعية بالتعاون مع مؤسسة «دروسوس» السويسرية على برمجة العروض السينمائية الفنية والتعليمية للأطفال والشباب، وعلى نسج شبكات تبادلية مع مهرجانات دولية وفتح فرصة للمخرجين الشباب لعرض أفلامهم وتعريف الجمهور بتاريخ السينما والعروض المحلية والعالمية، وعروض الأفلام للمكفوفين والصم وورش التدريب لذوي الاحتياجات الخاصة. ومن المهرجانات التي أسستها: مهرجان لبنان المسرحي الدولي، مهرجان شوف لبنان بالسينما الجوالة، مهرجان طرابلس المسرحي الدولي، مهرجان صور الموسيقي الدولي، مهرجان لبنان المسرحي الدولي للحكواتي، مهرجان صور الدولي للفنون التشكيلية، مهرجان أيام صور الثقافية، مهرجان لبنان المسرحي لمونودراما المرأة، ومهرجان لبنان المسرحي للرقص المعاصر، مهرجان تيرو الفني الدولي، مهرجان صور المسرحي الدولي.

المصدر : الانباء الكويتية