09/04/2025 07:28AM
كتب نجم الهاشم في نداء الوطن:
لم تكن إسرائيل تحتاج إلى حجّة إطلاق صواريخ في اتجاهها من جنوب لبنان حتى تعود إلى العمليات الأمنية والاغتيالات. ذلك أنها لم تتوقّف عن هذه العمليات منذ اتفاق وقف النار في 27 تشرين الثاني الماضي. إلا أن اللافت في هذه العودة إلى الحرب المتقطّعة أنّها كشفت عن استمرار "حزب الله" أيضاً في نشاطاته الأمنية والعسكرية، وصولاً إلى قبرص، وإعادة تنظيم قواعده والتحضير لعمليات جديدة مستفيداً من اتفاق وقف النار ومن تلكؤ السلطة الجديدة في لبنان عن القيام بواجباتها.
هل كانت إسرائيل ستنفّذ عملية اغتيال القيادي في "حزب الله" حسن بدير في الضاحية الجنوبية فجر الثلثاء أول نيسان الحالي، ثم القيادي في حركة "حماس" حسن فرحات في صيدا فجر الرابع من نيسان، لو لم تطلق في اتجاهها الصواريخ التي لم تتبنَّ أيّ جهة مسؤولية إطلاقها؟ وهل اغتيال بدير متّصل باغتيال فرحات؟ وبالتالي هل لا يزال "الحزب" يعمل أمنياً في مساندة"حماس" بعدما اضطرّ مرغماً إلى الخضوع لاتفاق وقف النار بعد الضربات القاتلة التي تعرّض لها؟ ولماذا لم تتسرّب أي معلومات حول ما كان يخطّط له من اعتداء على طائرة إسرائيلية في قبرص، أو على مدنيين إسرائيليين، كانوا معرّضين لاعتداء وشيك، كما قالت بيانات الجيش الإسرائيلي بعد اغتيال بدير؟ وهل فعلاً كانت هناك عملية من هذا النوع أم أنّها حجّة إسرائيلية أيضاً لتبرير مثل هذه العمليات؟ وكيف اكتشفت إسرائيل هذه العملية قبل حصولها وقامت بمحاسبة من اعتبرت أنه مسؤول عنها؟
حرب التنظيف بين لبنان وسوريا
ثمّة رابط وثيق بين العمليات التي تشنّها إسرائيل في لبنان وتلك التي تشنّها في سوريا. كأنّها تقوم بعملية تنظيف الساحتين اللبنانية والسورية من كلّ ما يمكن أن يشكّل تهديداً آنياً أو مستقبلياً لها. على رغم انهيار النظام السوري السابق فقد ركّزت العمليات الإسرائيلية في سوريا على تدمير كلّ إمكانية لإعادة بناء القدرات العسكرية أو إقامة أي قواعد أمنية يمكن أن تهدّد الجبهة مع إسرائيل. منذ العام 2011 ودخول إيران و"حزب الله" على خطّ دعم النظام السوري، استباحت إسرائيل الأجواء السورية وأباحت لها القوات الروسية حقّ التدخل. ولذلك عملت على ضرب أي محاولة من "حزب الله" وإيران لتوسيع نطاق الجبهة من لبنان إلى الجولان. ولذلك عمدت بعد انهيار نظام الأسد إلى التوغّل داخل المناطق السورية المحاذية لها لمنع العودة إلى الوضع السابق، على رغم أن النظام السوري التزم منذ اتفاقية الهدنة في أيار 1974، بعدم إطلاق أي رصاصة نحو إسرائيل، بينما اتجه إلى احتلال لبنان وفرض سيطرته بالقوة على سوريا.
ما تفعله إسرائيل مع "حزب الله" في لبنان يشبه ما تفعله مع النظام الجديد في سوريا. على رغم إقامة نظام جديد في لبنان بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة نوّاف سلام، لم تنتظر إسرائيل من هذه السلطة الجديدة أن تنفذ مندرجات اتفاق وقف النار والقرارات الدولية 1559 و1701 و1680، ولم تنتظر منها نزع سلاح "الحزب" وإنهاء وجوده العسكري والأمني ومصادرة مواقعه ومقراته، بل ذهبت نحو متابعة عمليات استهداف "الحزب" وقياداته بنفسها. حيث يبدو أنّها تأكّدت من أنّ السلطة الجديدة لا تريد تنفيذ ما هو مطلوب منها، أو أنّها لا تزال ترزح تحت منطق عدم الدخول في مواجهة مع "الحزب"، وأنّها ربّما تفضل أن تتولّى إسرائيل بنفسها هذه المهمة.
من أطلق الصواريخ؟
من خلال متابعة العمليات الإسرائيلية ضد مواقع "الحزب" يتضح أنّها عملية شاملة واستمرار للحرب. صحيح أنّ الحرب البرية توقّفت وأنّ الجيش الإسرائيلي انسحب إلّا من خمسة مواقع احتفظ بها لأسباب عسكرية وأمنية، بانتظار معرفة طريقة تصرّف السلطة الجديدة في لبنان، وصحيح أيضاً أنّ هذه العمليات المستمرّة تشبه مرحلة "صيد" قيادات "الحزب" ومراكزه قبل بدء الهجوم البرّي، بعد اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في 27 أيلول الماضي. وصحيح أيضاً أنّ الهجوم البرّي استنفد أهدافه بعد تدمير قوات "الحزب" ومواقعه في الخطوط الأمامية. لكن بقيت مهمة استكمال تدمير ما تبقّى له من مواقع ومن قدرة على القيام بعمليات أمنية وعسكرية على حد سواء. ولذلك استمرّت عمليات قصف مواقع "الحزب" واغتيال عناصره في البقاع والحدود مع سوريا، وفي الجنوب. كما استمرّت عمليات استهداف الغرف الجاهزة التي توزّعت في أكثر من بلدة جنوبية وكأن هناك قراراً إسرائيلياً بمنع العودة إلى هذه القرى قبل التأكد من القضاء على قدرات "الحزب" الأمنية والعسكرية، خصوصاً أنّ المراقبة الإسرائيلية كشفت استمرار "الحزب" بالعمل على نقل الأسلحة وإعادة بناء مواقعه في الخطوط الأمامية. وصحيح أيضاً أنّ إسرائيل لم تقتنع بالتحقيقات الرسمية اللبنانية في موضوع إطلاق الصواريخ نحوها. واعتبرت أنّ هذه التحقيقات دليل على عدم جدية السلطات. ولم تقتنع بما تمّ تسريبه عن توقيف عدد من المشتبه بهم الذين لم تتأكّد مسؤوليتهم عن إطلاق الصواريخ. وبالتالي تعتبر إسرائيل أنّ مجرد عدم اعتقال مطلقي الصواريخ يعني أنّ "الحزب" هو المسؤول عن إطلاقها، وأنّ السلطات الأمنية اللبنانية لا تزال غير قادرة وغير راغبة في التصدّي لـ "الحزب" الذي يبقى بذلك فوق المحاسبة.
حسن بدير وقاسم سليماني معاً
في المعلومات عن حسن بدير أنّه مساعد مسؤول الملف الفسطيني في "حزب الله"، وأنّه شقيق مسؤول الإعلام الحربي، وكان يخطط مع حركة "حماس"، بحسب المزاعم الإسرائيلية، لاعتداء يستهدف مدنيين إسرائيليين. وفي ضوء عدم تحديد أي تفاصيل أخرى حول الإعتداء تحدّثت معلومات مسرّبة عن أنّه كان يستهدف طائرة إسرائيلية في قبرص. الصورة التي تسرّبت وتجمع حسن بدير مع قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني وقائد هيئة الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس، عام 2020 على متن طائرة خاصة، تكشف أنّ بدير أكثر من مجرد مساعد مسؤول الملف الفلسطيني الذي لم تتم الإشارة إليه بالاسم. وهو ليس المسؤول الأول الذي يعمل في هذا الملف وتستهدفه إسرائيل. ذلك أنّ حلقة هذه الاستهدافات مستمرة ودائمة وهناك أكثر من اسم انضم إلى لائحة الاغتيالات. فـ "الحزب" عمل بشكل مستمر على دعم "حماس" في غزة وفي الضفة الغربية. ولذلك يأتي اغتيال مسؤول "حماس" حسن فرحات، بعد يومين على اغتيال بدير، ليرجّح الرابط السببي بين الاغتيالين. وهو أيضاً ليس الأول من "حماس" الذي تغتاله إسرائيل في لبنان، وقد كان اغتيال صالح العاروري الإشارة الأقوى إلى الخرق الإسرائيلي لكل من "حزب الله" و"حماس".
وهي ليست المرة الأولى التي يعمل فيها "حزب الله" في قبرص، إذا صحّت الروايات حول التخطيط لاستهداف طائرة مدنية إسرائيلية هناك. صحيح أنّ الأمين العام لـ "الحزب" السيد حسن نصرالله، سبق له مع بداية حرب المساندة، أن هدّد بقصف قبرص لأنّها تساعد إسرائيل في الحرب وتُجري معها تدريبات عسكرية مشتركة، وتسمح لها بهبوط طائراتها الحربية، ولكنّ الصحيح أيضاً أنّ "الحزب" اعتبر دائماً أنّ قبرص يمكن أن تكون مسرحاً لعملياته ضدّ إسرائيل. وقد اعتقلت قبرص أكثر من مسؤول في "الحزب" بتهمة التخطيط لمثل هذه العمليات، كما أنّها سلّمت أحد هؤلاء إلى السلطات الأميركية عام 2020 من دون أن تخشى ردة فعل "الحزب". والساحة القبرصية من هذه الزاوية تشبه اليوم مثلاً الساحة التركية، التي يتحرّك فيها "الحزب" وغيره من أجهزة المخابرات الإسرائيلية والدولية بحرية.
لن يتخلّى عن سلاحه
نتيجة العمليات الإسرائيلية ضد "الحزب" ومواقعه وقياداته لم يعد بالإمكان التغطية على ما يقوم به أو على ما تتهمه إسرائيل بأنّه يخطّط للقيام به. الوقائع تشير إلى أنّه غير ملتزم بمندرجات اتفاق وقف النار، ولن يتخلّى عن سلاحه وعن استراتيجيته وهو لا يخفي أنّه لن يلتزم، معتبراً أنّه غير معني بكل هذه القرارات. ولذلك ستبقى حرب التصفيات مفتوحة بينه وبين إسرائيل، وستبقى احتمالات استئناف الحرب البرية واردة، طالما أنّ "الحزب" يوسّع عملياته من لبنان إلى تركيا وقبرص...
في ضوء هذه التطورات لا يمكن للسلطة اللبنانية الجديدة أن تستمرّ في الهروب من المسؤولية. خصوصاً مع استحقاق مواجهة الطلبات الأميركية التي حملتها معها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس. وإذا كان السؤال قبل الاغتيالات الإسرائيلية الجديدة لماذا لا يزال "حزب الله" يعمل في لبنان، فإن سؤالاً آخر يطغى عليه وهو ماذا يفعل "حزب الله" في قبرص، وغير قبرص؟
المصدر : نداء الوطن
شارك هذا الخبر
زيلينسكي ينتقد ويتكوف ويتهمه بتبنّي السردية الروسية
طائرة درون إسرائيلية ألقت ثلاث قنابل فوق المنازل الجاهزة في بلدة محيبيب ثم قامت مسيرة إسرائيلية بإطلاق صاروخين باتجاه البيوت الجاهزة في البلدة من دون وقوع اصابات
وزير الداخلية يبحث التحضيرات للانتخابات مع ستريدا جعجع
الرئيس الصيني: الحروب التجارية تهدد الاقتصاد العالمي
قائد الجيش يتفقد الحدود الشمالية ويشيد بجهود العسكريين
الصادق يطالب بتفعيل التشريع لمواكبة مرحلة الإصلاح
مصباح الاحدب في مواقف نارية الحريري وميقاتي رمزا الفساد غطّيا دا-عش!وسلام كرمال الحزب باع الإسلاميين
لبنان يحصل على دعم دولي من اليونيسكو
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa