اشتباكات في حي القدم تكشف عن سعي فصيل للإطاحة بالرئيس السوري

21/04/2025 07:37AM

أثار التوتر الأمني الأخير في حي القدم بدمشق مخاوف جدية، كونه أول صدام مباشر مع جماعة مسلحة أعلنت صراحة معارضتها لرئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع ورفضت الانضواء تحت قيادة وزارة الدفاع. تسعى هذه المجموعة إلى تحقيق مشروعها الخاص بتحرير مناطق شرق الفرات من سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وهو ما دفعها إلى تصعيد عملياتها ضد "قسد"، خاصة بعد اتفاق الشرع مع قائد الأخيرة مظلوم عبدي في مارس/آذار، الذي اعتبرته الجماعة تهديدًا وجوديًا.


بدأت المواجهات بشكل مفاجئ مساء الجمعة في حي الدحاديل بمنطقة القدم جنوب دمشق، بين عناصر الأمن العام ومسلحين يقودهم شخص يدعى "أبو خطاب". وعندما حاول "أبو خولة موحسن"، وهو قيادي بارز في جيش الشرقية وقيادي سابق في "حركة أحرار الشام"، التوسط لتهدئة الأوضاع، كما أظهر مقطع فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، تعرض لإطلاق نار أسفر عن إصابته واعتقاله لاحقًا في المستشفى.


ردًا على هذا الاعتقال، أصدرت جماعة تسمي نفسها "سرايا بركان الفرات" بيانًا مهلت فيه جهاز الأمن العام 24 ساعة لإطلاق سراح "أبو خولة"، مهددة بالرد على ما وصفته بـ"الاعتداء غير المسبوق ضد مقاتلي الجيش الحر". وقامت وحدات من السرايا بقطع طريق دير الزور – دمشق بإضرام النيران في الإطارات، مؤكدة استمرار الإغلاق حتى تحقيق مطالبها.


تتكون "سرايا بركان الفرات" من مقاتلين ينحدر أغلبهم من محافظات شرقية، كانوا في السابق أعضاء في فصائل مثل أحرار الشرقية وجيش الشرقية وغيرها من التشكيلات العسكرية لأبناء المنطقة الشرقية. ووجهت السرايا في بيانها نداءً إلى أبناء المنطقة الشرقية بالخروج والتظاهر مجددًا ضد ما أسمته "حكومة الجولاني".


تأسست السرايا في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وكانت أهدافها المعلنة محاربة الوجود الروسي والإيراني وقوات النظام و"قسد". نفذت أول عملية نوعية لها في 20 تشرين الثاني بالتنسيق مع "كتائب جعفر الطيار"، وتمكنتا خلالها من اغتيال "أبو فاطمة العراقي"، أحد قادة الحرس الثوري الإيراني. وأكدت السرايا مرارًا استقلاليتها وعدم تبعيتها لأي جهة عسكرية أو سياسية أخرى.


تشير بيانات السرايا إلى مشاركتها في معركة "ردع العدوان" وتنفيذها لعدة عمليات خلالها، كما سيطرت على بعض المناطق قبل وصول مقاتلي "هيئة تحرير الشام"، كما حدث في مدينتي المدينة والعشارة شرق دير الزور. وامتدت عملياتها لتصل إلى محيط دمشق، حيث زعمت المشاركة في تحرير مدينة الضمير ومطارها العسكري.


لا يزال سبب الاشتباك بين عناصر الأمن العام ومجموعة "أبي خطاب" يوم الجمعة غير واضح، لكن من المؤكد أن الخلافات بين "هيئة تحرير الشام" ومقاتلي الشرقية المنضوين تحت "سرايا بركان الفرات" كانت تتفاقم بالتزامن مع معركة "ردع العدوان" وحتى بعد سيطرة الهيئة على دمشق وتوليها قيادة المرحلة الانتقالية.


تشير إحدى الروايات إلى أن سبب الاشتباك قد يكون نزاعًا على إخلاء منزل، بينما يرى آخرون أنه أعمق من ذلك ويعكس تزايد قلق جهاز الأمن العام من انتشار مجموعات مسلحة في بعض أحياء العاصمة وضواحيها، مما يضعف سيطرته وقدرته على جمع المعلومات في تلك المناطق.

بغض النظر عن نتيجة هذا الاشتباك ومصير "أبو خولة"، تشير التطورات إلى استمرار الخلاف بين فئة من مقاتلي أبناء الشرقية والسلطات الانتقالية، واحتمال تصاعده في ظل إصرار المقاتلين على تحقيق مطالبهم.


يبدو أن الاتفاق مع "قسد" كان النقطة التي أفاضت الكيل بالنسبة لـ"سرايا بركان الفرات"، التي تعتبر "قسد" قوة احتلال، وكانت تأمل في استمرار عملية التحرير بقيادة "هيئة تحرير الشام" لتشمل المحافظات الشرقية بدلًا من التوقف عند دمشق.


لكن اتفاق "قسد" ليس الاعتراض الوحيد للسرايا على أداء السلطات الانتقالية؛ فهناك تحفظات أخرى تتعلق بتسوية أوضاع ضباط وعناصر الجيش السوري السابق، حيث تطالب السرايا بإنزال أشد العقوبات بهم، بالإضافة إلى اعتراضها على تشكيلة الحكومة التي تضم شخصيات ذات توجهات ليبرالية.

بشكل عام، لدى السرايا اعتراض جوهري على عدم تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل كامل، معتبرة أن بعض إجراءات الحكومة، مثل تعيين وزراء من أقليات دينية، تشكل مخالفات جسيمة.


بناءً على هذه الخلافات، بدأت بيانات "سرايا بركان الفرات" تطالب بإسقاط حكم الشرع وتشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد.

يصعب تحديد القوة الفعلية للسرايا على الأرض لعدم توفر معلومات دقيقة عن أعدادها ومواقع انتشارها. ومع ذلك، تكمن النقطة الأكثر أهمية في أن نحو 70% من مقاتليها هم عناصر سابقون في تنظيم "داعش" لجأوا إلى مناطق نفوذ "الجيش الوطني السوري" وانضموا إلى مختلف فصائل الشرقية، وهو ما يزيد من خطورة الوضع واحتمالية وجود خلايا نائمة لهم في محيط دمشق.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on news@elsiyasa.com | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa