انخفاض ملحوظ بمستوى التضخم

أظهرت بيانات جديدة صادرة عن معهد الإحصاء التركي، يوم الثلاثاء، أن معدل التضخم السنوي في تركيا تراجع إلى 35.41% خلال شهر أيار ، مسجلاً انخفاضًا طفيفًا تجاوز التوقعات، مقارنة بـ37.86% في نيسان الماضي.

وعلى الصعيد الشهري، بلغ معدل التضخم 1.53%، بعد أن كان 3% في الشهر السابق، وهو ما يعكس تأثير سياسة التشديد النقدي التي ينتهجها البنك المركزي بهدف كبح جماح الأسعار.

وقد لاقت هذه الأرقام ترحيبًا في الأسواق المالية، حيث سجل مؤشر قطاع البنوك التركي ارتفاعًا بنسبة 5.3%، بدعم من التفاؤل بأن استمرار تباطؤ التضخم قد يمهّد الطريق لتخفيف السياسة النقدية لاحقًا. كما صعد مؤشر بورصة إسطنبول BIST 100 بنسبة 2.5%، ما يشير إلى تحسن في ثقة المستثمرين على الرغم من التحديات الاقتصادية المستمرة.

وفقًا لاستطلاع أجرته وكالة "رويترز"، كان من المتوقع أن يسجل التضخم السنوي في مايو 36.1%، ما يجعل النتيجة الفعلية أفضل من التقديرات. إلا أن التوقعات لا تزال تتجاوز أهداف البنك المركزي، إذ يُتوقع أن يبلغ التضخم 30% بحلول نهاية عام 2025، مقارنة بالهدف الرسمي البالغ 24%.

هذا الفارق يعكس شكوك الأسواق بشأن فعالية السياسة النقدية الحالية، على الرغم من رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية منذ منتصف عام 2023، بعد تغيير الفريق الاقتصادي عقب الانتخابات الرئاسية. وقد رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي من 8.5% إلى 50% حتى أبريل 2025، في محاولة للحد من موجة التضخم المتصاعدة.

ورغم هذه الإجراءات، أشار صندوق النقد الدولي في آخر تقييم له إلى أن الاقتصاد التركي لا يزال يعاني من هشاشة هيكلية، تتمثل في اعتماد كبير على الاستهلاك المحلي، وعجز مزدوج في الميزانية والميزان التجاري، مما يحد من قدرة الحكومة على التحرك بمرونة.

ورغم التراجع النسبي في معدل التضخم، لا تزال رحلة الاستقرار السعري بعيدة المنال. من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد التركي: استمرار ضعف الليرة، ضغوط ارتفاع الأجور، وزيادة تكاليف الاستيراد، فضلاً عن حالة عدم اليقين السياسي.

ويرى بعض المحللين أن أي تخفيف متسرع للسياسة النقدية خلال النصف الثاني من عام 2025 قد يعيد إشعال الضغوط التضخمية، ما يضع صانعي السياسات في موقف صعب بين الحفاظ على استقرار الأسعار وتعزيز النمو الاقتصادي.