الجفاف يهدد لبنان... أزمة شح المياه تلوح في الأفق

01:11PM

كتب محمد أبو إسبر في "الوكالة الوطنية للإعلام":

 لفظت مياه بحيرة "البياضة" في محلة رأس العين في بعلبك أنفاسها الأخيرة، إذ أصابها الجفاف، نتيجة شح مياه الأمطار خلال موسم الشتاء من جهة، وعشوائية الآبار الإرتوازية الجوفية من جهة أخرى، فنفقت معظم أسماكها التي تزاحمت ضمن بقعة للمياه الضحلة في إحدى الزوايا المتكئة على بقايا قطرات كانت تجود بها شرايين المياه المتصلة بالتلال المحيطة.

وبدورها طيور البط والإوز المستوطنة في البحيرة على مدار السنة، تلقي نظرة الوداع على موطنها الذي لطالما استقطب الأطفال الذين ينثرون لها الخضار والخبر، وكانت تبادلهم الود، باستقبالهم بأصواتها التي تصدح في أرجاء المكان، وترفرف لهم بأجنحتها عربون حب ووفاء. 

وعلى أطلال البحيرة، تبدو ملامح الحزن جلية على وجوه رواد قهوة الصباح، وهواة رياضة المشي الذين كان مسارهم اليومي، يستدعي الطواف حول بحيرة "البياضة".

هي المرة الثانية خلال أقل من عقد، تهجر المياه البحيرة الأثرية، والتي تعتبر من المعالم الطبيعية البيئية التي تُشكّل جزءا من ذاكرة البعلبكيين، والتي تشكل المنبع لنهر رأس العين الذي لم يبق منه اليوم غير الإسم، مما ينذر بكارثة بيئية في بساتين بعلبك.

ويشكو البعلبكيون من انقطاع المياه عن بيوتهم أحيانا لأسابيع، ومن غياب العدالة في التوزيع، واضطرارهم إلى شراء صهاريج المياه غير الآمنة، ناهيك عن الكلفة التي لا طاقة للناس على تحملها. والخوف من تفاقم الأزمة بعد جفاف الكثير من الآبار الجوفية في الأحياء، فهل يُعد المعنيون في وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة مياه البقاع خطة علمية لتدارك تجدد نضوب المياه وتداعياتها السلبية؟!

وللاستفسار عن واقع أزمة المياه ومخاطرها، ووضع الأمور في نصابها، التقينا رئيس بلدية بعلبك المحامي أحمد زهير الطفيلي، الذي أكد أن "المسائل المتعلقة بتأمين مصادر المياه، والمحافظة عليها وحمايتها، وإدارة توزيع المياه ووضع الخطط المرتبطة بالموارد المائية، هي على عاتق وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة مياه البقاع حصرًا، ودور البلدية القانوني هو الرقابة والإشراف والمطالبة عند الضرورة والمتابعة".

وأشار إلى أن "بلدية بعلبك بادرت إلى التواصل مع مؤسسة مياه البقاع ودائرة المياه في بعلبك، للإستعلام عن أسباب انقطاع المياه عن عدد من أحياء المدينة، وللإستفسار عن أسباب الجفاف الحاصل في البياضة، وتم عقد اجتماع بين المجلس البلدي الجديد ومؤسسة مياه البقاع في مبنى البلدية قبل أسبوع، أي بعد يومين من استلام المجلس البلدي الجديد مهامه، في هذا اللقاء تبين أن قلة المتساقطات أثَّرت بشكل شديد جدًّا على مصادر المياه في بعلبك، وجف نبع "كوكب" ونبع "الدردارة"، وهناك اعتداء على "قسطل" مياه نبع اللجوج المتجه نحو بعلبك، مما أثر على التغذية، وقد تم إصلاحه وإزالة مخالفات عنه، كما أن البئر الأساسي الذي يتم تشغيله في بعلبك، هو بئر المؤسسة الذي يؤثر على نبع البياضة، ولكن تضطر المؤسسة إلى ضخ المياه منه على الشبكة لتأمين مياه الشفة للأهالي لقسم من الأحياء السكنية. وأكد المهندس المختص في مؤسسة المياه بأن البياضة سوف تجف، وكذلك بئر المصلحة بعد وقت قصير. أما أحياء القسم الجنوبي من مدينة بعلبك فتستفيد من بئر عمشكي".

وحذر الطفيلي من "أزمة مياه نحن مقبلون عليها، ليس فقط بما يتعلق بجفاف نبع البياضة،  فالبياضة عزيزة علينا، وهي جزء من ذاكرتنا وتراثنا، ويعتاش منها مزارعو بساتين بعلبك الذين يعتمدون على مياهها في ري مزروعاتهم، وهذا حقهم، ولكن المياه أصبحت شحيحة، وهذا واقع علينا التعامل معه، فالجفاف او قلة منسوب المياه كنا نشهده عادة في أواسط أو أواخر فصل الصيف، ولكن الأزمة هذه السنة بدأت أواخر فصل الربيع، وهذا مؤشر سيء لما قد يحصل بموضوع المياه".

وأضاف: "للأسف مؤسسة مياه البقاع ليس لديها خطة بديلة، ووزارة الطاقة ليس لديها خطط بديلة لهذه الأزمة، وهذا الجفاف الحاصل هو أشد من الجفاف الذي شهدناه قبل بضع سنوات، لذلك البلدية غير قادرة على فعل أي شيء بموضوع جفاف مياه البياضة ونقص المياه عموما بما فيها مياه الري والشفة، لأن المشكلة لها علاقة بقلة المتساقطات والجفاف".

وردًا على سؤال حول ما يتردد عن بيع مياه بعلبك لمناطق أخرى، أولري المزروعات في السهل، قال الطفيلي: "هذا الكلام غير دقيق، وغير علمي، ونتمنى على من يطلق هذه الاتهامات أن يزودنا بالدليل لكي نتابع الإجراءات اللازمة، ونتخذ صفة الادعاء ضد أي شخص يهدر مياه بعلبك. لكن هذا الكلام يتردد منذ سنوات وبقي دون أي دليل أو قرينة او إثبات".

ونبه الطفيلي ختاما من "جفاف نحن مقبلون عليه، لذا المطلوب منا الوعي، وترشيد استعمال المياه، وعدم إهدار أي نقطة مياه، ونخشى من جفاف قد يطال خلال الصيف القادم معظم الآبار الموجودة، مما يضعنا أمام أزمة مياه خطيرة، وبما ان الوزارة والمؤسسة المختصة ليست لديها رؤية حول كيفية مواجهة مثل هذه المخاطر، علينا أن نبحث عن خطط بديلة لتدارك الأمر، والبداية تكون بالترشيد وبحسن استعمال المياه، والامتناع عن هدرها، وهذه مسؤولية الجميع دون استثناء".


المصدر : الوكالة الوطنية للاعلام

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa