ترامب أم نتنياهو... من المتحكم بقرار ضرب إيران؟

في عام 2020، أبدى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تردده في اغتيال قائد "قوة القدس" قاسم سليماني، بحسب ما رواه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2023، قائلاً إن إسرائيل تراجعت عن المشاركة في العملية في اللحظات الأخيرة، وهو ما وصفه ترامب بأنه خذلان كبير له.

لكن المشهد تغيّر. فبينما بدا ترامب متردداً بشأن التصعيد ضد إيران خلال مفاوضات أميركية معها، اتخذ نتنياهو مساراً مغايراً وشنّ الهجمات الإسرائيلية الأخيرة فجر الجمعة، وهو ما فُهم بأنه تقويض محتمل للمحادثات أو على الأقل محاولة لفرض شروط جديدة.

البعض يرى أن نتنياهو أراد أن يمنح الولايات المتحدة ورقة ضغط إضافية في المفاوضات، فيما رأت شخصيات مثل إلي جيرانمايه من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن الهدف الحقيقي كان إفشال المحادثات بالكامل. وبين فرض النفوذ وعرقلة التفاوض، يصعب الجزم بدقة بنوايا إسرائيل، لكن الخطوة جاءت على عكس المزاج الأميركي التفاوضي حينها.

تداولت تقارير معلومات عن تحذيرات أميركية لنتنياهو من ضرب إيران خلال سير المفاوضات، وتحديداً مع اقتراب جولة تفاوضية جديدة كان من المتوقع عقدها في عُمان. كما أظهر ترامب نوعاً من خيبة الأمل بعد استقبال فاتر لنتنياهو في البيت الأبيض، دون تقديم أي تنازلات اقتصادية أو دبلوماسية تذكر.

بعد الضربة، بدا ترامب وكأنه يمنح موافقته بأثر رجعي، خاصة من خلال منشور على "تروث سوشل"، ألمح فيه إلى أن إيران تأخرت في توقيع اتفاق، محذراً من أن أقوى الأسلحة الأميركية أصبحت بيد إسرائيل. وعلى الرغم من إعلان الخارجية الأميركية أن الضربة كانت إسرائيلية بحتة، عاد ترامب ليصف العملية بأنها "ممتازة"، ما يشير إلى قبوله الضمني بالتحرك.

حتى لو افترضنا وجود تنسيق مسبق، يبقى القلق الأميركي قائماً من أن يتجاوز نتنياهو حدود الضربة النووية التكتيكية إلى استهداف أوسع للقيادة الإيرانية. وهذا ما حدث بالفعل، مع مقتل أكثر من عشرين قائداً عسكرياً إيرانياً، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لـ"قطع رأس النظام"، وليس فقط شلّ البرنامج النووي.

باختصار، وبين تردد ترامب وتفرد نتنياهو بالقرار، خلص أحد تقارير "بي بي سي" إلى توصيف دقيق: "إسرائيل اختارت التحرك الآن، سواء أحب ترامب ذلك أم لا". ويبدو أن ترامب، تدريجياً، بات يحب ذلك أو يتقبله على الأقل.